الرئيسية غير مصنف المغاربة يهجرون الإعلام العمومي نحو القنوات الخليجية والمصرية: حين يفشل التلفزيون الوطني في مواكبة الشغف الرياضي

المغاربة يهجرون الإعلام العمومي نحو القنوات الخليجية والمصرية: حين يفشل التلفزيون الوطني في مواكبة الشغف الرياضي

IMG 3016
كتبه كتب في 30 أكتوبر، 2025 - 3:52 مساءً

بقلم: عزيز بنحريميدة – مدير جريدة صوت العدالة

رغم الميزانيات الضخمة والملايير التي تُصرف سنويًا على الإعلام العمومي بالمغرب، ما زال المشاهد المغربي يفضّل الهروب نحو القنوات الرياضية العربية، خاصة الخليجية والمصرية والتونسية، لمتابعة التحليلات والبرامج الرياضية التي تقدم محتوى مهنيًا وجذابًا، يقوده إعلاميون متمرسون ومحللون ذوو كفاءة وخبرة.

فمن يتابع اليوم ردود فعل الجمهور المغربي على مواقع التواصل الاجتماعي يلاحظ بوضوح غياب الثقة في البرامج الرياضية الوطنية، التي لم تعد تُقنع المتلقي من حيث العمق التحليلي أو الجاذبية البصرية أو حتى المهنية الصحفية. فبينما تواصل قنوات مثل “الكأس” القطرية و“أون سبورت” المصرية و“التاسعة” التونسية إنتاج برامج رياضية تحترم عقل المشاهد وتُثمن قيمة النقاش التحليلي، يعيش الإعلام الرياضي المغربي حالة ركود مزمن.

يُجمع الكثير من المتتبعين على أن المشهد الرياضي المغربي فقد بريقه بعد غياب وجوه شكلت ذاكرة الإعلام الرياضي الوطني، أمثال سعيد زدوق، حسن الحريري، مصطفى طلال، حسن فاتح، لينو باكو وغيرهم من الصحفيين الذين جمعوا بين الحضور، والثقافة الرياضية، والمهنية العالية.

هؤلاء شكلوا مدرسة في الإعداد والتقديم والتحليل، وكانوا يجسدون معنى “الصحفي الرياضي الحقيقي” الذي يواكب الحدث بعين الناقد العارف، لا المردد للمعلومة.

لكن المفارقة أن هؤلاء الإعلاميين تم تهميشهم أو إخراجهم من الباب الضيق، في وقت ما زال الجمهور يكنّ لهم تقديرًا كبيرًا لما قدموه من خدمات للإعلام الوطني على مدى عقود.

في غياب برامج تحليلية مغربية تضاهي نظيراتها العربية، أصبح المتلقي المغربي يبحث عن جودة النقاش الرياضي في الخارج، حيث يجد تنوع الآراء، واستخدام التقنيات الحديثة، ووجود محللين من طينة الكبار.

فبينما كانت البرامج الوطنية في الماضي تشكل موعدًا أسبوعيًا لا يُنسى، باتت اليوم تعاني من ضعف الإعداد وضبابية الرؤية، وغياب روح المنافسة المهنية.

رغم الدعم العمومي السخي الذي تتلقاه القنوات الوطنية، ما زالت دار لقمان على حالها. فالإنتاج التلفزيوني الرياضي بالمغرب لم يواكب لا التحولات التقنية ولا تطلعات الجيل الجديد من الجمهور.

بل إن البعض يرى أن المشكلة ليست في الموارد المالية، بل في غياب رؤية إعلامية واضحة، وضعف الكفاءات المسيرة، وانعدام روح الإبداع التي كانت تُميز الجيل السابق من الإعلاميين.

وإذا كان هذا الوضع مثار استياء واسع اليوم، فإن خطورته تتضاعف ونحن على أبواب تنظيم المملكة لكأس إفريقيا للأمم الشهر المقبل، واستحقاقات رياضية عالمية في السنوات المقبلة، حيث يُفترض في الإعلام العمومي أن يكون في مستوى الحدث، لا أن يتخلف عن الركب.

لقد حان الوقت لتدارك الخلل، وإعادة الاعتبار للطاقات الوطنية المؤهلة، وتكوين جيل جديد من الإعلاميين الرياضيين القادرين على تغطية التظاهرات الكبرى بمهنية واحترافية تليق بصورة المغرب ومكانته القارية والدولية.

إن إصلاح الإعلام الرياضي الوطني لم يعد ترفًا أو شعارًا مؤجلاً، بل ضرورة وطنية مستعجلة. فالمطلوب اليوم هو إعادة ترتيب البيت الداخلي، والاعتماد على الكفاءات، وتوفير تكوين مستمر، وإطلاق برامج تحليلية حقيقية تلبي طموحات المشاهد المغربي.

فالإعلام الرياضي ليس مجرد تعليقات على المباريات، بل هو مرآة لثقافة أمة وشغف شعب، وللأسف تلك المرآة اليوم مكسورة.

مشاركة