الرئيسية رياضة فتحي جمال… مهندس الخفاء وراء تألق الكرة الوطنية

فتحي جمال… مهندس الخفاء وراء تألق الكرة الوطنية

images 2
كتبه كتب في 24 أكتوبر، 2025 - 11:19 صباحًا

بقلم : / لحسن بيضاوي

يُعد النجاح والتفوّق ثمرة عملٍ دؤوب ورؤية واضحة واستراتيجية حكيمة، ولا يتحقق هذا دون وجود رجالات يؤمنون بالعمل في صمت، ويصنعون المجد من وراء الستار. ومن بين هؤلاء الرجال الذين بصموا على مسار كرة القدم المغربية الحديثة، يبرز اسم الإطار الوطني فتحي جمال، أحد العقول المدبّرة في الإدارة التقنية المغربية، وصاحب البصمة الهادئة في تألق المنتخبات الوطنية على الساحة العالمية.

لقد أصبح المغرب اليوم يعيش عصرا ذهبيا في تاريخه الكروي، توج بالفوز بكأس العالم للشباب تحت 20 سنة في الشيلي، وسبقه الإنجاز التاريخي للمنتخب الأول ببلوغه نصف نهائي كأس العالم بقطر، إلى جانب سلسلة من النجاحات التي رفعت راية الكرة المغربية عاليا بين الأمم. خلف هذه النجاحات يقف فتحي جمال، ذلك الرجل الذي فضل أن يكون مهندس الخفاء بدل نجم الأضواء.

فتحي جمال، الذي نشأ في أحضان كرة القدم منذ نعومة أظافره، حمل ألوان نادي الرجاء الرياضي والمنتخب الوطني، قبل أن يعلق الحذاء بعد مسيرة حافلة داخل المستطيل الأخضر. لكنه لم يغادر الملاعب، بل عاد إليها من بوابة التأطير والتكوين، مؤمنا بأن صناعة الأبطال تبدأ من إعداد المدربين وصقل الأطر التقنية.

وبفضل كفاءته وخبرته الواسعة، أصبح فتحي جمال من أبرز المكونين في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، حيث جاب القارة الإفريقية لتأطير المدربين وتنظيم الدورات التكوينية، مقدما محاضرات قارية ودولية تركت بصمة واضحة في تطوير الكفاءات الإفريقية.

غير أن وفاءه العميق لوطنه جعله يعود إلى الإدارة التقنية الوطنية، ليسهم بخبرته في رسم معالم مشروع طموح لتطوير كرة القدم المغربية، شارك من خلاله في هندسة النهضة الكروية التي نعيشها اليوم.

فتحي جمال هو بحق جندي الخفاء، الذي لم يسعَ إلى الشهرة بقدر ما سعى إلى النجاح الجماعي، واضعًا خبرته رهن إشارة وطنه. إنجازاته تتحدث عنه، وإسهاماته تروي قصة رجل آمن بأن العمل في صمت هو أقصر الطرق إلى المجد.
وفي الختام، يبقى فتحي جمال مثالا حيا للرجل الذي وهب عمره لخدمة كرة القدم المغربية بعطاء لا يعرف الضجيج، وإخلاصٍ لا ينتظر المقابل. رجل آمن بأن المجد الحقيقي يصنع في الكواليس، وأن البصمة الصادقة لا تحتاج إلى أضواء لترى. فبفضل حكمته ورؤيته البعيدة، ساهم في بناء جيل من اللاعبين والمدربين الذين رفعوا اسم المغرب عاليا في المحافل الدولية. وسيظل اسمه محفورا في ذاكرة الكرة الوطنية، كأحد أعمدتها الصلبة ومهندسي نهضتها الحديثة، ورمزٍ من رموز الإخلاص والاحتراف في خدمة الوطن.

مشاركة