الرئيسية غير مصنف صرخة إنسانية من أمام المحكمة الزجرية بعين السبع… كرامة المواطن لا يجب أن تُترك في العراء

صرخة إنسانية من أمام المحكمة الزجرية بعين السبع… كرامة المواطن لا يجب أن تُترك في العراء

IMG 8571
كتبه كتب في 16 أكتوبر، 2025 - 11:59 مساءً

بقلم عزيز بنحريميدة

كل صباح، ومع أولى ساعات النهار، يتوافد العشرات من الأمهات والآباء والإخوة إلى محيط المحكمة الزجرية بعين السبع بالدار البيضاء، يحملون في قلوبهم قلقاً لا يُوصف، وعيونهم متجهة نحو البوابة الحديدية التي تفصلهم عن أحبّتهم الموقوفين احتياطياً.
مشهد يختصر معاني الانتظار والوجع والرجاء. أمهات شابت رؤوسهن من الخوف، وآباء يتكئون على العصي وعيونهم تترقب خبراً يبدد الغموض: هل سيُفرج عن فلذة كبدهم أم سيُحال إلى السجن؟

تحت أشعة الشمس الحارقة في الصيف، وتحت زخات المطر الباردة في الشتاء، تقف تلك الأسر لساعات طويلة، بلا كراسي، بلا مظلات، بلا مرافق تحفظ كرامة الإنسان.
تجد الأم تجلس على الأرض تضع حقيبتها وسادة، والشيخ يلوذ بجدار بحثاً عن ظلٍ لا يكفي سوى نصف جسده، بينما الأطفال يبكون من التعب والجوع، في انتظار قرار قضائي لا يعرفون متى يصدر ولا كيف.

أي إنسان يمكن أن يمر من هناك ويبقى صامتاً؟
كيف يمكن لمدينة بحجم الدار البيضاء، وعمالة وجماعة بحجم عين السبع، أن تترك هذا المشهد المؤلم يتكرر كل يوم أمام أهم مؤسسة من مؤسسات العدالة؟
أين هي الإنسانية التي نطالب بها في كل مناسبة؟
وأين هو الحس الاجتماعي الذي يجب أن يُترجم إلى أفعال بسيطة لكنها نبيلة: مظلات واقية من الشمس، مقاعد مريحة للمسنين، نقط ماء، ومكان منظم يحفظ كرامة المواطن؟

ليس المطلوب معجزة ولا مشروعاً ضخماً، بل احترام الإنسان في أضعف لحظاته.
فمن يقف أمام المحكمة ليس مجرماً، بل أب أو أم أو زوجة تنتظر خبراً عن قريبها، وربما يكون بريئاً تماماً.
وفي كل الأحوال، الكرامة الإنسانية لا تُقاس بالجرم أو البراءة، بل هي حق مقدس لكل مواطن مهما كان وضعه أو ملفه.

إننا من موقعنا في صوت العدالة، نوجه نداء صادقاً ومفتوحاً إلى السيد عامل عمالة عين السبع الحي المحمدي، وإلى السيد رئيس المحكمة الزجرية، والسيد رئيس جماعة عين السبع، من أجل التدخل العاجل لإعادة النظر في هذا الفضاء الذي أصبح عنواناً للمعاناة اليومية.
لتكن هناك مبادرة بسيطة تُعيد الدفء إلى المشهد: كراسي للانتظار، مظلات تحمي من المطر والشمس، وتنظيم يليق بمستوى العدالة المغربية التي تتطور يوماً بعد يوم نحو الإنسانية والرقي.

لقد آن الأوان أن ندرك أن العدالة لا تبدأ فقط من قاعة الجلسات، بل من محيط المحكمة نفسه.
فما جدوى الحديث عن حقوق الإنسان ونحن نرى أمهات يرتجفن في العراء تحت المطر ينتظرن خبراً عن أبنائهن؟

نداؤنا هذا لا يحمل انتقاداً بقدر ما يحمل صرخة ضمير، ورسالة من قلب كل أم وأب يقفون يومياً هناك في صمت، لعلها تصل إلى من بيده القرار.
كرامة المواطن لا تُقاس بالموقع أو الوضع، بل بالاحترام الذي نمنحه له وهو في أضعف حالاته.
فلنمنحهم لحظة راحة في انتظار العدالة… فهي أيضاً شكل من أشكال العدالة.

✍️ عزيز بنحريميدة
مدير موقع صوت العدالة

مشاركة