حفيظ المخروبي- الخميسات
في قلب مدينة الخميسات، ينتصب “المركب الثقافي الأطلس” كمعلمة معمارية وثقافية فريدة، كان يُعد لسنوات القلب النابض للأنشطة الثقافية والفنية بالمدينة. هذا الفضاء، الذي استقبل في ماضيه القريب حفلات موسيقية، عروضًا مسرحية، أمسيات شعرية، ندوات فكرية، ولقاءات جمعوية، أصبح اليوم رمزًا للتهميش والإهمال، بعدما ظل أبوابه موصدة لأكثر من أربع سنوات، رغم ما خضع له من إصلاحات وتأهيل كلفت المال والجهد.
مركب مُغلق وسط خصاص كبير
لا يخفى على أحد أن مدينة الخميسات تعاني من خصاص مهول في الفضاءات الثقافية والفنية. فمعظم الجمعيات، الفرق المسرحية، والمبادرات الشبابية تواجه صعوبة كبيرة في إيجاد قاعات مناسبة لتنظيم أنشطتها. كان “المركب الثقافي الأطلس” يشكّل الملاذ الوحيد لهذه الفعاليات، بفضل ما يتوفر عليه من قاعة عروض كبرى مجهزة، ومرافق مناسبة للتكوين والتدريب، إلا أن إغلاقه حوّل هذا المكسب إلى “جسد بلا روح”.
نداء المجتمع المدني… ولا حياة لمن تنادي
على مدى السنوات الأخيرة، لم تتوقف الجمعيات الثقافية والفنية بالخميسات عن توجيه النداءات إلى الجهات المعنية، وخاصة إلى السيد عامل الإقليم، من أجل التدخل العاجل لفتح أبواب المركب. كما تم رفع عدة مراسلات ومطالب لعقد لقاءات تشاورية، إلا أن الوضع ما يزال على حاله، وسط حيرة وتساؤل الشغيلة الثقافية والفنية بالمدينة.
إلى السيد وزير الثقافة: أين دور الوزارة في حماية الفضاءات الثقافية؟
نوجّه من خلال هذا المقال نداءً مستعجلًا إلى السيد وزير الثقافة، من أجل التدخل العاجل لإنهاء هذا الوضع غير المفهوم. لا يعقل أن تُنفق أموال طائلة على تأهيل مؤسسة ثقافية عمومية، ثم تُترك مغلقة لسنوات دون أي توضيح رسمي، ودون أي استفادة فعلية للساكنة، خصوصًا أن الوزارة معنية مباشرة بتشجيع الثقافة والاهتمام بالبنية التحتية التي تحتضنها.
نأمل من الوزارة أن تُفعّل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتقوم بإيفاد لجنة مركزية لتقييم الوضع عن كثب، والاستماع لمطالب الفاعلين الثقافيين، والعمل على إعادة الحياة إلى هذا الفضاء الحيوي، خدمةً للثقافة، ودعمًا للإبداع، ووفاءً لحق ساكنة الخميسات في الاستفادة من مؤسساتهم العمومية.
الثقافة ليست ترفًا… بل حق مشروع
إننا نؤمن أن الثقافة ليست نشاطًا ثانويًا، بل هي حق أساسي من حقوق المواطنة، ورافعة للتنمية والتغيير. ولعل إعادة فتح “المركب الثقافي الأطلس” سيكون بمثابة رسالة قوية من الجهات المعنية بأن الدولة حاضرة للاستثمار في الإنسان، ودعم الإبداع، وتحقيق العدالة المجالية في توزيع المرافق الثقافية.
ختامًا، نكرر نداءنا للسيد وزير الثقافة، وللسيد عامل إقليم الخميسات، من أجل التحرك العاجل لإعادة فتح هذه التحفة المعمارية، وتمكين شباب المدينة ومبدعيها من فضاء يليق بطموحاتهم، ويُنعش الحركية الثقافية والفنية التي غابت عن المدينة منذ سنين.

