بقلم: عبد السلام اسريفي
يبدو أن الحديث عن محاربة الفساد في بلادنا لا يمكن أن يكون ذا معنى ما لم يبدأ من جوهر العملية الديمقراطية نفسها: المشاركة السياسية. فالشباب الذي يطمح إلى التغيير لا يمكنه أن يظل على الهامش، يراقب من بعيد ويُدين الممارسات الفاسدة دون أن يمدّ يده للمساهمة في إصلاحها من الداخل.
إن مقاطعة الانتخابات، والعزوف عن الانخراط في العمل الحزبي، لا يوجهان ضربة للطبقة السياسية فقط، بل يمنحان الفساد فرصة ذهبية لإعادة إنتاج نفسه بأشكال جديدة. فكل مقعد يُترك شاغراً في صناديق الاقتراع، يحتله الفاسدون بلا عناء. وكل صوت شاب غائب، هو بمثابة تأشيرة مفتوحة لاستمرار نفس الوجوه ونفس العقليات.
لا يمكن التغيير من خارج المؤسسات. هذه حقيقة أثبتها الواقع مراراً. لذلك، على الشباب أن يتحمل مسؤوليته كاملة، وأن يدخل إلى السياسة من بابها الواسع: عبر الانخراط، والتصويت، وتحمّل المسؤولية، والمساهمة في بناء مغرب المؤسسات القوية والاختيارات الواعية.
لطالما دعا جلالة الملك محمد السادس الشباب إلى المشاركة السياسية، إيماناً منه بأنهم القوة الحقيقية للتغيير، والضامن لاستمرارية الإصلاح في مختلف القطاعات. فالشباب ليسوا مجرد فئة اجتماعية، بل هم طاقة قادرة على تحريك المجتمع وإعادة الثقة في الفعل السياسي.
إن من يريد التغيير عليه أن ينخرط، لا أن يكتفي بالشعارات أو بالتدوين على مواقع التواصل الاجتماعي. الانتخابات المقبلة ليست مجرد محطة انتخابية عابرة، بل فرصة تاريخية لقطع الطريق على رموز الفساد، واختيار من يُجسّد فعلاً كفاءة الشباب ونزاهتهم وطموحاتهم.
لقد ولى زمن العزوف، وحان وقت الفعل والمبادرة. فالتغيير لا يُمنح، بل يُنتزع بالنضال الإيجابي والعمل من داخل المؤسسات. وحدها المشاركة السياسية الواعية هي التي تُمكّن الشباب من تحويل أحلامهم إلى واقع، وشعاراتهم إلى سياسات عمومية، وانتقاداتهم إلى إصلاح حقيقي.

