الرئيسية آراء وأقلام جيل “Z” والسياسة… بين دعوة بنعبد الله وواقع الإقصاء الحزبي

جيل “Z” والسياسة… بين دعوة بنعبد الله وواقع الإقصاء الحزبي

IMG 20251006 223400 scaled
كتبه كتب في 6 أكتوبر، 2025 - 11:36 مساءً

بقلم: عبد السلام اسريفي

في ظهوره ببرنامج “مع الرمضاني” الذي بثته القناة الثانية مساء الإثنين 6 أكتوبر الجاري، وجّه نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، دعوة صريحة لشباب جيل “Z” من أجل اقتحام عالم السياسة والمساهمة في تدبير الشأن العام الوطني، عبر تقديم مقترحات وحلول للأزمات التي يعرفها المغرب في قطاعات التعليم والصحة وغيرها.

دعوة بنعبد الله، وإن بدت في ظاهرها جريئة ومحمودة، تطرح تساؤلات جوهرية حول مدى واقعية هذا النداء في ظل الوضع الحزبي الراهن. فهل تفتح الأحزاب السياسية المغربية أبوابها فعلاً أمام الشباب؟ وهل تسمح لهم بالصعود داخل هياكلها التنظيمية واتخاذ القرار؟

الواقع يقول غير ذلك. فالشباب الطموح، المثقف، الحامل لأفكار جديدة ورؤية إصلاحية، غالباً ما يُواجه بحواجز من الإقصاء والتهميش داخل الأحزاب. تُغلق أمامه الأبواب قبل الوصول إلى المجالس الوطنية، ويُحاصر داخل التنظيمات الموازية، ليجد نفسه في النهاية محبطاً، مهمشاً، فاقداً للثقة في أي إمكانية للتغيير من داخل المنظومة الحزبية.

الولاءات والعلاقات الشخصية ما تزال تتحكم في مسار الترقي داخل معظم الأحزاب، لتجعل من العمل السياسي فضاءً مغلقاً لا مكان فيه للكفاءة أو الاجتهاد. وهكذا، يتحول الحلم بالانخراط في الشأن العام إلى تجربة فاشلة تدفع بالكثير من الشباب إلى الانسحاب من الحياة السياسية، بل والنفور منها تماماً.

اليوم، يعيش الشباب المغربي حالة فراغ داخلي وإحباط متزايد، جعلته يفقد الثقة في المؤسسات الوسيطة كافة، باستثناء المؤسسة الملكية التي يراها الملاذ الأخير والضامن للاستقرار والإصلاح الحقيقي.

إن دعوة زعيم حزب “الكتاب” إلى انخراط الشباب في السياسة تبقى مشروعة من حيث المبدأ، لكنها تصطدم بواقع حزبي مأزوم يحتاج أولاً إلى إصلاح عميق في بنيته الداخلية، وإلى تجديد نُخَبه، وإلى منح الفرصة فعلاً لجيل جديد من الكفاءات ليعبّر عن رؤاه ويساهم في بناء المستقبل.

فلا يمكن أن نطالب الشباب باقتحام السياسة في الوقت الذي تغلق فيه الأحزاب الأبواب في وجوههم، وتُحبط كل محاولة للتغيير من الداخل. الإصلاح يبدأ من داخل التنظيمات نفسها، ومن الاعتراف بأن تجديد النخب ليس ترفاً، بل ضرورة لبقاء السياسة ذات معنى في هذا الوطن.

مشاركة