صوت العدالة-ايمان الفناسي
رفع المتظاهرون في مدينة تاونات شعارا قاسيا نوعا ما ،( ما دار والو ، العامل يمشي بحالو) وأنا أتابع ما حدث وأربطه بالسياق العام الذي تنتظم فيه سلسلة من الأحداث الاحتجاجية ببلدنا أجدني مدفوعة لإبداء مجموعة من الملاحظات
إنه لمن الإنصاف والعدل أثناء النقد والاحتجاج أن نقول القبيح والجيد وأن نصوب سهام النقد في الاتجاه الصحيح وعملا بهذا المبدأ فأنا أقول أولا وقبل كل شيء أن المواطنين الذين خرجوا للاحتجاج في تاونات أو الذين سيحتجون في تيسة أو غيرها من مناطق المغرب المهمش محقون في احتجاجهم ويعبرون عن ألم عميق بسبب التهميش والإقصاء والعزلة وغياب البنية التحتية الأساسية والخدمات الصحية ، فضلا عن أي بادرة من بوادر التنمية التي يمكن أن تشكل بالنسبة لهم خيط أمل يسعهم التمسك به حاضرا أو مستقبلا ، لكن هل يمكن تعليق كل الفشل المتراكم على امتداد سنوات طويلة على عاتق رجل واحد؟ وهل ستنعم تاونات برغد العيش إذا رحل هذا الرجل ؟ وهل حقيقة لم يفعل شيئا وأن الذين سبقوه كانوا أفضل منه في خدمة المدينة؟ نحن ملزمون بفتح هذا النقاش لأن الحكم عن أي شيء فرع عن تصوره ،
لا يمكننا الوصل إلى حلول ما لم نعرف أصل الداء ، حسب المعطيات التي حصلت عليها من مسؤولين بالمدينة هناك عمل دؤوب تشرف عليه الداخلية يتعلق بفك العزلة عن الدواوير النائية وفتح المسالك والطرق بالإضافة إلى مد بعض القرى بالماء الصالح للشرب وخدمات أخرى يضيق المجال عن وصف تفاصيلها وهذا طبعا ينبغي تثمينه وأن ننسب الفضل فيه لأهله ، ولعل السيد العامل من الذين يستحقون الثناء في هذا الباب بسبب دوره في الإشراف على إقليم من أكبر أقاليم المغرب من ناحية المساحة وهو بالإضافة إلى ذلك معروف بانفتاحه وتواصله مع فعاليات المجتمع المدني ومرونته في مناقشة المقترحات التي تصدر عن الفعاليات المدنية والمنتخبة على حد سواء ، وبناء على هذا فإن أصل المشكل لا يمكن اختزاله في وجوده على رأس هرم السلطة بالإقليم كما أن رحيله ليس مقدمة لأي حل إننا وبصدق أمام بنية فاسدة يلزمها تغيير جذري وحلول جراحية عاجلة ، أقول هذه الجملة وأعي جيدا ما أقول لا بد من الضرب بيد من حديد على يد لوبيات الفساد بالإقليم وهذا ما يجب أن تتكامل فيه جهود الداخلية مع جهود القضاء ، نحن أمام منظومة تتحدى سلطة الدولة وهيبتها وتفقد المواطن البسيط ثقته في المؤسسات وأرى أن الحل يكمن في مجابهة هذه اللوبيات وتقديمها للعدالة وعلى الداخلية أن تعلن الحرب على هذه البنيات الفاسدة ، أدرك أن منطق التوازنات يقتضي أن تنشغل الدولة بأهم الأولويات غير أن ترتيب هذه الأولوليات يختلف من مرحلة لأخرى ونحن في مرحلة ينبغي فيها تعزيز ثقة المواطن بالدولة ووضع حد للمتلاعبين بمقدرات الوطن ، إن المنتخبين الفاسدين الذين أتحدث عنهم لم يجهضوا مشاريع التمنية المبرمجة من أعلى هرم السلطة فحسب بل أجهضوا معها كل أحلام البسطاء في العيش الكريم!!!!
لقد نشرت وسائل التواصل الاجتماعي منذ أيام صور آليات تابعة لنقابة التعاون في محطة خاصة لمسؤول رفيع..
ولم يحرك أحد ساكنا
وللأمانة سأسوق قصة حدثت معي شخصيا ، كنت قد حضرت لقاء تواصليا مع ساكنة بوعروس حملني فيه السكان رسالة لرئيس المجلس الإقليمي بالمدينة
مفادها أنهم بحاجة لآليات التعاون لتعبيد بعد المسالك بمنطقتهم
وكانت النتيجة مخيبة للآمال فقد وعد هذا الأخير بأن يستجيب لنداء الساكنة ، لكنه عوض ذلك أرسل الآليات لخدمة مصالح خاصة لزميله في الحزب
لا أظن أن السيد العامل منع المسؤول المذكور من خدمة ساكنة بوعروس الذين يعانون من كل أشكال العزلة
بل أكاد أجزم أنه قد تغيب عنه معطيات كثيرة في هذه القضية وفي قضايا مشابهة بحكم الملفات الكثيرة التي يشتغل عليها
لكني أجزم بأن هذا المسؤول الذي أحجم عن القيام بدوره لا يستحق منصبه
وأنه يجب أن يخضع للمحاسبة لأنه وأمثاله أصل مأساة إقليمنا الحبيب على قلوبنا
بقي أن أضيف أمرا آخر بين يدي معطيات حساسة سأنشرها في أقرب الآجال تخص استيلاء مسؤول بنفس الإقليم على سكن في ملكية الدولة حيث قام بتوسعته واستغلاله على امتداد ربع قرن ولم يكتف بذلك بل قام بتشييد مرافق تابعة لمؤسسة تعليمية في ملكيته على أرض من أراضي الدولة!!! هذا هو الفساد الذي يجب أن يرحل لينعم الإقليم ببعض الطمأنينة ومن هنا تنطلق قاطرة التنمية ، إن المتظاهرين الذين أزمعوا على الاحتجاج في تيسة وفي غيرها بسبب العطش والانقطاع غير المبرر للكهرباء وغياب المرافق الصحية لا يرون في الداخلية خصما بل حليفا ينتظرون تدخله لمحاربة الفساد.
هذه هي خارطة الطريق الأسلم أن تستعيد الدولة هيبتها وأن يلقى الفاسدون جزاءهم.

