الرئيسية غير مصنف حين تتحول الحلول السهلة إلى تضييق على المواطنين

حين تتحول الحلول السهلة إلى تضييق على المواطنين

IMG 0351
كتبه كتب في 21 سبتمبر، 2025 - 5:10 مساءً

بقلم عزيز بنحريميدة

قرار فتح الإقامات المحروسة نحو الشاطئ يثير جدلاً مشروعاً

في خطوة أثارت الكثير من النقاش، لجأت بعض السلطات المحلية إلى إلزام الإقامات السكنية المحروسة بفتح ممراتها الداخلية أمام العموم، بغرض تمكين المواطنين من الولوج إلى الملك البحري. هذا القرار، وإن كان يحمل في ظاهره بُعداً حقوقياً متصلاً بضمان الولوج الحر إلى الشاطئ باعتباره ملكاً عمومياً، إلا أنه يطرح في العمق أسئلة عديدة حول منطق التدبير وجودة الاختيارات المتخذة.

فالواقع الميداني يكشف أن أغلب هذه الإقامات المحروسة تقع بجوار ممرات طبيعية ورسمية نحو الشاطئ، غير أنها تعاني من الإهمال وغياب التهيئة اللازمة: طرق غير معبدة، إنارة منعدمة، تجهيزات أساسية غائبة. وهو ما يجعل هذه الممرات في وضع لا يشجع المواطنين على استعمالها، ويحول الأنظار نحو الحل الأسهل: فتح أبواب الإقامات الخاصة وتعريض ساكنتها لإكراهات متعددة.

السكان الذين اقتنوا عقاراتهم بأثمان باهظة في هذه الإقامات لم يفعلوا ذلك فقط بحثاً عن موقع جغرافي مميز، بل أيضاً لضمان خصوصية أكبر، وفضاء آمن لأطفالهم، بعيداً عن الضوضاء والمشاكل اليومية التي تشهدها الفضاءات المفتوحة. فتح هذه الإقامات للعموم قد يحوّلها، كما يخشى السكان، إلى مرتع للأزبال والمتسولين، ويهدد طمأنينة الأسر وسلامة أبنائها، فضلاً عن فقدان المنطقة لجماليتها التي تميزها اليوم.

اللافت أن الحلول البديلة لا تبدو مستعصية: تأهيل الممرات العمومية القائمة، تعبيدها، تجهيزها بالإنارة العمومية، وتوفير الحد الأدنى من المرافق التي تحفظ كرامة المواطن وتحقق الغاية المرجوة في الولوج السهل والمباشر إلى الشاطئ. إنها حلول عملية، بسيطة وقابلة للتنفيذ، لكنها تتطلب إرادة حقيقية من السلطات المعنية، ورؤية شمولية تنصف جميع الأطراف.

إن اختيار الحل الأسهل، ولو على حساب حقوق وراحة الملاك الذين يؤدون ضرائبهم وواجباتهم تجاه الدولة، قد يُقرأ لدى الكثيرين باعتباره شكلاً من التضييق غير المبرر، بدل أن يكون سياسة عادلة ومتوازنة تراعي المصلحة العامة وتحفظ في الوقت نفسه حقوق الخواص.

الجدل الدائر اليوم ليس مجرد نقاش حول أبواب وممرات، بل حول فلسفة التدبير الحضري والعدالة في القرارات العمومية: هل يحق للسلطة أن تعالج مشكلة قائمة عبر خلق مشاكل جديدة؟ وهل يمكن أن يستمر المواطن في دفع ثمن غياب رؤية استباقية لتأهيل الملك العمومي؟

أسئلة مفتوحة تنتظر إجابات مقنعة، وإلى أن يحدث ذلك، ستظل الإقامات المحروسة عنواناً لتقاطع المصالح بين ما هو عام وما هو خاص، في غياب سياسة متوازنة تنصف الجميع.

مشاركة