شهدت المحكمة الابتدائية ببيوكري صدور حكم قضائي غير مسبوق يدخل في إطار اعتماد العقوبات البديلة، في خطوة تعكس التوجه الجديد نحو تحديث السياسة الجنائية بالمغرب وتكريس بدائل سالبة للحرية.
القضية تعلقت بملف جنحي تلبسي، حيث توبع متهم بعد ضبطه من طرف عناصر الأمن متلبسًا بتهمة صنع وتقطير مسكر ماء الحياة “الماحيا” والاتجار فيه بدون ترخيص. النيابة العامة أحالته على المحكمة التي أصدرت في حقه حكمًا يقضي بشهرين حبسًا نافذًا وغرامة مالية قدرها 1000 درهم.
غير أن المحكمة، وبناءً على المستجدات التشريعية التي جاء بها القانون رقم 22.43 المتعلق بالعقوبات البديلة، قررت استبدال العقوبة السجنية بعقوبة مالية بديلة، عبر اعتماد غرامة يومية قدرها 200 درهم عن كل يوم من العقوبة الحبسية الأصلية، وهو ما يشكل سابقة في تاريخ المحكمة الابتدائية ببيوكري.
وقد جرى إشعار المحكوم عليه بأن أي إخلال بالالتزامات المترتبة أثناء تنفيذ هذه العقوبة البديلة سيؤدي إلى تفعيل العقوبة الأصلية وإعادته إلى السجن لقضاء المدة الحبسية.
هذه الخطوة تعكس بوضوح إرادة القضاء في الانخراط في السياسة الجنائية الجديدة التي تروم التخفيف من الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، وفتح المجال أمام مقاربات بديلة تراعي الطابع الإصلاحي للعقوبة، وتوازن بين الردع والزجر من جهة، وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحكومين من جهة أخرى.
ويرى متتبعون أن اعتماد العقوبات البديلة في قضايا من هذا النوع، يمثل تحولا نوعيا في مسار العدالة الجنائية ببلادنا، ورسالة واضحة بأن القضاء المغربي ماضٍ في تنزيل إصلاحات جوهرية تهدف إلى تحقيق عدالة أكثر نجاعة وإنسانية
