بقلم عزيز بنحريميدة
شهد الجمع العام للجمعية الوطنية للإعلام والناشرين المنظم صباح اليوم بفندق حياة رجنسي إعادة تجديد الثقة في الرئيس إدريس شحتان، اعترافاً بما تحقق من مكتسبات خلال ولايته السابقة إلى جانب أعضاء المكتب الذين اشتغلوا كل باسمه وصفته على خدمة قضايا الصحافة والإعلام. غير أنّ هذا التجديد لم يكن مجرد إجراء روتيني، بل شكّل محطة لتجديد العهد والانطلاق نحو مرحلة جديدة تحمل في طياتها رهانات كبرى وتطلعات مهنية مشروعة.
أوضح شحتان في تصريحه عقب التجديد أنّ ما تحقق في السنوات الماضية لم يكن ليتأتى لولا التضحيات الجماعية والعمل المستمر للدفاع عن حقوق الصحافيين وتحسين ظروفهم. فالمكتسبات التي تحققت سواء على مستوى دعم المواقع الإلكترونية أو المرافعة من أجل تيسير عمل الصحافيين في الميدان فتحت الباب أمام مرحلة جديدة قائمة على الاستمرارية والتطوير.
وفي عرضه لخطوط برنامجه للمرحلة المقبلة، أكد شحتان التزامه ببرنامج طموح يتضمن تمكين جميع الصحافيين من بطاقة القطار لتخفيف أعباء التنقل، والحصول على تخفيض بنسبة خمسين في المائة في أثمنة الطيران لتشجيع تغطية الفعاليات الوطنية والدولية، إضافة إلى تخصيص دعم شامل للمواقع الصحفية لمساعدتها على الاستمرار، والعمل على الرفع من أجور المقاولات الإعلامية لتحسين أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية. كما أشار إلى أهمية التعاقد مع الهياكل الرياضية لتسهيل مهام الصحافيين في تغطية المباريات داخلياً وخارجياً، إلى جانب تطوير مشروع بطاقة الملاعب لتأطير وتنظيم عمل الصحافة الرياضية بشكل أفضل.
هذه الالتزامات، وإن كانت تبدو ذات طابع خدمي ومهني مباشر، فإنها تحمل في جوهرها بعداً استراتيجياً يعكس إرادة لإعادة الاعتبار للإعلاميين في سياق يعرف تحولات متسارعة. فشحتان يدرك أنّ الصحافة اليوم لم تعد مجرد نقل للأخبار، بل أصبحت صناعة متكاملة تحتاج إلى موارد وسياسات عمومية داعمة وإطار تنظيمي يحمي المهنة من الهشاشة.
مع ذلك، يظل نجاح هذا البرنامج رهيناً بقدرة الجمعية على مواجهة تحديات واقعية، أبرزها إقناع مؤسسات النقل والهيئات الرياضية بإبرام شراكات متوازنة، وتعبئة إمكانيات مالية حقيقية لدعم المواقع الإلكترونية والرفع من أجور المقاولات الإعلامية، ثم ضمان تفاعل الفاعلين المؤسساتيين مع هذه الطموحات.
في النهاية، يشكل تجديد الثقة في إدريس شحتان فرصة لإعادة التفكير في وضع الإعلام المغربي ورهاناته المستقبلية. فالمشروع الذي عرضه لا يقتصر على تحسين الظروف المهنية للصحافيين، بل يتجاوزها إلى طرح سؤال أعمق حول مستقبل المهنة في ظل التحول الرقمي والاجتماعي والسياسي. ونجاح هذه الرؤية لن يتحقق إلا عبر انخراط جميع الأطراف، من الدولة ومؤسساتها إلى المقاولات الإعلامية والصحافيين أنفسهم، في أفق بناء صحافة قوية، مستقلة، وفاعلة في خدمة المجتمع وتعزيز قيم الديمقراطية

