بقلم عزيز بنحريميدة
في قاعات المحكمة الزجرية عين السبع بالدار البيضاء، لم تكن الأحكام الرادعة الصادرة في حق عدد من المتابعين في قضايا المخدرات مجرد قرارات قضائية عابرة، بل شكلت بارقة أمل لعدد من الأمهات اللواتي أنهكتهن معاناة الإدمان التي عصفت بأبنائهن وأسرهن.
دموع الأمهات في الجلسات لم تكن فقط تعبيراً عن حزن دفين، بل حملت هذه المرة إشارات ارتياح واطمئنان، بعدما رأت في الأحكام الصادرة صرامةً كفيلة بردع المتورطين في ترويج السموم، وفي الوقت نفسه رسالة واضحة مفادها أن القضاء عازم على مواجهة هذه الظاهرة بحزم لا يعرف المساومة.
فالمخدرات التي فتكت بعقول شباب في مقتبل العمر، وحولت أسر بأكملها إلى جحيم يومي، تجد اليوم في صرامة العدالة سنداً قوياً للأسر التي عانت بصمت، وكسرت صرخاتها أبواب المحاكم. وهكذا، فإن الأحكام الرادعة التي تصدرها هيئة المحكمة الزجرية بعين السبع لا تقتصر على العقوبة في حد ذاتها، بل تمثل صرخة قانونية ومجتمعية ضد شبكات الترويج والاتجار، وضد كل من يحاول تحويل مستقبل الشباب إلى وقود لمصالحه.
فالأمهات اللواتي يتابعن الجلسات عبّرن بصدق أن العدالة حين تشتغل بجرأة وصرامة، تمنح لدموعهن معنى جديداً، وتحوّلها من دموع يأس إلى دموع أمل، بأن أبناءهن لن يكونوا مجرد ضحايا بلا حماية، وأن المجتمع لن يظل متفرجاً أمام الكارثة الصامتة التي تمثلها المخدرات.
لقد عرفت أسر كثيرة الخراب والتمزق بسبب هذه السموم القاتلة التي لا تكتفي بسرقة العقول، بل تفتك بروابط الأسرة وتزرع الألم في قلوب الآباء والأمهات. شباب كان من المفترض أن يكونوا عماد المستقبل، تحولوا بفعل المخدرات إلى ضحايا بلا بوصلة، فاقدين لوعيهم، عاطلين عن الإنتاج والعطاء، مسجونين داخل عالم من السراب.
الأحكام الرادعة الصادرة عن هيئة المحكمة الزجرية بعين السبع جاءت كرسالة واضحة بأن العدالة المغربية تضع حماية المجتمع وصون الأسر في مقدمة أولوياتها. فهي لم تنظر فقط إلى الملفات من زاوية القانون، بل التقطت أنين الأمهات، وصرخات الأسر، ورغبة المجتمع في ردع كل من يروج لهذه السموم أو يسهل انتشارها.
اليوم، تتنفس العديد من الأمهات الصعداء، وهن يستبشرن بأن هذه الصرامة القضائية قد تكون بداية لرد الاعتبار لأبنائهن، وردع المتاجرين في مآسيهم. فالمخدرات ليست جريمة عادية، بل جريمة تمس المستقبل الجماعي للمجتمع، وتجعل من الشباب وقوداً للضياع.
إن ما يقع في قاعات المحكمة الزجرية بعين السبع يفتح نقاشاً أوسع حول ضرورة تكاثف جهود كل المؤسسات، من قضاء وأمن ومجتمع مدني وأسرة، لمحاصرة هذه الآفة التي تفتك بالمجتمع في صمت،فالقضاء، بصرامته، يضع اللبنة الأولى، لكن المعركة طويلة وتحتاج إلى تعبئة جماعية من أجل حماية الأجيال القادمة
إن المحكمة الزجرية بعين السبع، وهي تصدر هذه الأحكام، تعيد رسم صورة العدالة التي تطمئن المجتمع وتمنحه يقيناً بأن القانون حاضر بقوة لحماية الأسر والأبناء، وأن لا أحد فوق سطوة الردع القضائي، متى تعلق الأمر بصحة المجتمع وأمنه.

