الرئيسية أحداث المجتمع مذاغ.. الهبة الملكية تحسم الخلاف حول مشيخة الطريقة البودشيشية

مذاغ.. الهبة الملكية تحسم الخلاف حول مشيخة الطريقة البودشيشية

IMG 20250913 WA0058
كتبه كتب في 13 سبتمبر، 2025 - 6:40 مساءً

أنس خالد | صوت العدالة

في مشهد روحاني وسياسي بالغ الدلالة، شهدت الزاوية الأم بمذاغ حدثًا استثنائيًا، تمثل في تسليم الوفد الملكي المكلّف من أمير المؤمنين الهبة الملكية لشيخ الطريقة القادرية البودشيشية الحالي، مولاي الحاج معاذ.

الحدث، وإن بدا عند البعض طقسًا سنويًا مألوفًا، إلا أنه حمل هذه السنة رسائل عميقة وواضحة: المشيخة محسومة، والجدل انتهى.

منذ عهد القطب الرباني الراحل سيدي حمزة، مرورًا بخلفه سيدي جمال، ظلّت الرعاية الملكية بمثابة ختم الشرعية الروحية والسياسية لهذه الطريقة العريقة. واليوم، مع تسليم الهبة مباشرة لمولاي الحاج معاذ، بدا وكأن الدولة أرادت أن تغلق الباب نهائيًا أمام كل الأصوات التي شككت أو ادّعت لنفسها موقعًا في المشيخة.

ففي الوقت الذي تصاعدت فيه، خلال الأشهر الأخيرة، أصوات داخلية وخارجية تتحدث عن “تعدد المشيخات”، جاء المشهد الملكي كـ إعلان رسمي لإسقاط كل تلك الادعاءات، بل وإبراز أن من يخالف هذا الوضوح، إنما يعارض رعاية الدولة نفسها ويصطدم بإرادة أمير المؤمنين بصفته الحامي الرسمي للشأن الديني بالمغرب.

المتابعون للشأن الديني يعتبرون أن الخطوة لم تكن مجرد دعم رمزي، بل تحمل أبعادًا سياسية عميقة، خاصة وأن الطريقة البودشيشية لا تُعتبر مجرد زاوية صوفية، بل فاعلًا روحيًا واجتماعيًا له وزنه داخل المغرب وخارجه. وبذلك، فإن تثبيت المشيخة في شخص مولاي الحاج معاذ هو تثبيت لتوازنات داخلية وحماية لصورة المغرب الروحية عالميًا.

غير أن هذا المشهد لم يخلُ من إثارة جدل واسع بين المتابعين. فبينما رحّب أنصار الشيخ معاذ بهذا الدعم الملكي واعتبروه نهاية للجدل، يرى آخرون أن الصراع حول المشيخة لم يكن سوى انعكاسًا لصراعات أعمق داخل البيت البودشيشي نفسه، وهو ما قد يطرح مستقبلًا تساؤلات جديدة حول وحدة الطريقة واستقلال قرارها الروحي.

في كل الأحوال، يمكن القول إن ما وقع في مذاغ لم يكن مجرد حدث عابر، بل لحظة فاصلة في تاريخ الطريقة البودشيشية. فـ الهبة الملكية تحولت إلى كلمة فصل، وورقة حسم، وإشارة قوية بأن الدولة لا تقبل تعدد المرجعيات في هذا الموروث الروحي العريق.

ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه: هل سينتهي الجدل فعلًا عند هذا الحد؟ أم أن “الشرخ الخفي” داخل البيت البودشيشي قد يطفو مجددًا على السطح في قادم الأيام؟

مشاركة