بقلم عزيز بنحريميدة
كثير من المواطنين حين تعترضهم مشكلة قضائية بسيطة في نظرهم، يتخذون قراراً خاطئاً يتمثل في عدم تنصيب محامٍ بدعوى أن القضية لا تستحق، أو لأن أتعاب الدفاع مرتفعة مقارنة بما يتصورونه عن حجم المشكل. غير أن التجربة والواقع القضائي يؤكدان أن هذا القرار غالباً ما تكون نتائجه وخيمة وكارثية، وتتحول معه القضايا البسيطة إلى ملفات معقدة قد تفقد الأطراف حقوقهم أو تكبدهم خسائر جسيمة.
المحامي ليس مجرد طرف إضافي في المسطرة، بل هو ضمانة أساسية لتطبيق القانون بشكل سليم، وحماية المتقاضي من الأخطاء الشكلية والمسطرية التي قد تقلب موازين القضية رأساً على عقب. فكثير من النزاعات التي يُعتقد في بدايتها أنها بسيطة، تحمل بين طياتها تعقيدات قانونية لا يدركها المواطن العادي، سواء تعلق الأمر بالمساطر المدنية أو الزجرية أو حتى الإدارية.
الواقع العملي أثبت أن غياب المحامي قد يؤدي إلى فوات آجال الطعن، أو تقديم دفوع غير مؤسسة، أو حتى الاعتراف بما يضر بمصالح الشخص من غير قصد، وهو ما يجعل المحكمة تصدر أحكاماً قاسية لم يكن المعني ينتظرها. في المقابل، حضور المحامي بخبرته القانونية ومعرفته بتفاصيل التشريع والاجتهادات القضائية، يُسهم في تدارك الثغرات، ويمنح للقضية دفعة قوية نحو إنصاف موكله.
ولعل أغلب القضايا التي خسرها المواطنون كانت بسبب هذا الاعتقاد الخاطئ بأنهم قادرون على الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم، أو لأنهم ظنوا أن مصاريف الدفاع عبء يمكن الاستغناء عنه. غير أن الواقع يثبت أن كلفة تنصيب محامٍ تبقى أهون بكثير من الكلفة المادية والمعنوية التي قد تترتب عن خسارة القضية.
إن العدالة لا تعترف بحسن النية ولا تقتنع بالمشاعر، بل تستند إلى وقائع دقيقة ونصوص قانونية وإجراءات واجبة الاحترام. ولهذا، فإن أول خطوة حكيمة عند التعرض لأي مشكل قضائي، مهما بدا بسيطاً، هي اللجوء إلى أهل الاختصاص، لأن المحامي ليس فقط من يترافع في الجلسة، بل هو الحصن الذي يحمي المواطن من العواقب غير المتوقعة ويحول دون وقوعه في الأخطاء القاتلة.
لا تستهينوا بالمشاكل القضائية، فالمحامي ضمانتكم الأولى للعدالة

