رغم سيل الوعود الرسمية، يواصل منحنى أسعار اللحوم الحمراء في المغرب الارتفاع بوتيرة مقلقة، متجاوزًا القدرة الشرائية المتدهورة للأسر، ومثيرًا موجة من الغضب الشعبي، بعدما تحولت هذه المادة الأساسية من عنصر شبه دائم على الموائد المغربية، إلى رفاهية موسمية أو حلـم بعيد المنال.
في الأسواق، الواقع صارخ: الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم أو البقر يقفز من رقم إلى آخر بلا سقف ولا رقيب، فيما تُرجع الجهات المعنية هذه الأزمة إلى عوامل “موضوعية” مرتبطة أساسًا بالجفاف، وتراجع أعداد القطيع، وارتفاع كلفة التربية. عوامل يؤكد خبراء القطاع أنها نتاج اختلالات هيكلية تراكمت على مدى سنوات، في ظل غياب دعم فعلي للفلاحين الصغار وضعف آليات الحماية.
ويؤكد المهنيون أن الطلب، خاصة خلال فصل الصيف مع انتعاش المطاعم والسياحة الداخلية، يظل مرتفعًا، في حين يتقلص العرض بشكل متواصل، مما يفاقم حدة الأزمة ويدفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.
في المقابل، يجد المستهلك المغربي نفسه أمام وعود لا تتحقق وقرارات لا تلامس الواقع، وسط انطباع عام بأن تحرير الأسعار وغياب رقابة حقيقية فتح الباب أمام الفوضى، فيما ظل قطاع استراتيجي كإنتاج اللحوم خارج أي رؤية واضحة تضمن الأمن الغذائي والاجتماعي.
وما زاد الصورة قتامة، أن قرار إلغاء شعيرة عيد الأضحى لهذه السنة – الذي كان يُرتقب أن يخفف الضغط على السوق – لم يُسفر عن أي أثر ملموس على الأسعار، بل كشف في نظر عدد من المتتبعين هشاشة المنظومة وعجز السياسات العمومية عن إدارة مثل هذه الأزمات.

