الرئيسية غير مصنف خلافة الشيخ جمال القادري بودشيشي بين مظاهر الإجماع وخفايا الانقسام

خلافة الشيخ جمال القادري بودشيشي بين مظاهر الإجماع وخفايا الانقسام

IMG 8214
كتبه كتب في 12 أغسطس، 2025 - 8:54 مساءً

خلافة الشيخ جمال القادري بودشيشي تبدو أكثر تعقيدًا مما يظهر في الصورة الرسمية لانتقال القيادة. فعلى الرغم من المظاهر التي توحي بسلاسة في تسليم المشعل، تكشف مؤشرات عدة عن وجود توترات داخلية عميقة داخل الأسرة المشرفة على هذه الطريقة الصوفية المغربية البارزة.

الخلافات القائمة ليست صراعًا مباشرًا على منصب المشيخة بقدر ما هي اختلافات حول أسلوب إدارة الزاوية. فرغم أن معاد لم يبدِ أي رغبة في تولي القيادة الروحية، إلا أن شقيقه منير يبدو أكثر وضوحًا في طموحاته. وخلال الأشهر الأخيرة، برزت إشارات على هذه التوترات، منها تسريبات ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتشكيك في صحة الوصية الروحية التي نُسبت إلى الشيخ حمزة ثم الشيخ جمال، إضافة إلى تبادل انتقادات علنية بين المؤيدين، وارتفاع المخاوف من إمكانية فرض الابن الأكبر للأمر الواقع حتى في حياة والده. هذه الأجواء غذّت مخاوف المريدين من حدوث انقسام بعد رحيل الشيخ.

الجنازة نفسها حملت رسائل غير مألوفة؛ إذ غابت عنها الوجوه السياسية البارزة التي حضرت جنازة الشيخ حمزة سنة 2017، واقتصر الحضور الرسمي على عامل الإقليم كممثل للدولة، وهو ما فُسّر لدى بعض المراقبين على أنه تعبير عن تحفظ رسمي على إدارة الزاوية في السنوات الأخيرة، مع الإبقاء على الاحترام للفقيد الذي كان يتلقى العلاج في المستشفى العسكري بالرباط. كما أن رسالة التعزية الملكية حملت دلالة خاصة، حيث وُجّهت إلى جميع أفراد الأسرة وسُلّمت للأرملة، على خلاف ما جرى عام 2017 حين وُجّهت مباشرة إلى الخلف المعيّن.

وخلال مراسم البيعة، روى شاهد حضر الحدث أن منير كان يطلب مصافحة الحاضرين كإشارة لاعترافهم به خليفة، بينما انشغل معاد بتنظيم استقبال المريدين، في حين رفض فؤاد، الابن الآخر المعروف بتحفظه، أداء البيعة لأخيه.

أما مسألة الوصية، فهي جوهر الخلاف الحالي، إذ انتشرت مقاطع فيديو توثق موكب الجنازة وقراءة وثيقة يُقال إن الجد ثم الفقيد أعداها، لكن صحة هذا المستند وتفسيره يثيران الانقسام داخل المؤسسة. وزاد النشاط المكثف على منصات التواصل الاجتماعي منذ دخول الشيخ المستشفى من حدة الاستقطاب، كاشفًا حجم الشرخ بين المريدين.

وعلى الرغم من محاولات إظهار إجماع حول استمرار الطريقة واستقرارها، فإن الوقائع التي سبقت الجنازة وأثناءها تشير إلى أن الخلافة لم تكن بالانسيابية التي تم الترويج لها، وأن مسألة شرعية الوصية الروحية وتفسيرها ستظل محور الجدل داخل هذه الزاوية الصوفية المؤثرة في المشهد الديني المغربي

مشاركة