بقلم:ذ.عادل العلوي
حين يتحدث جلالة الملك في خطاب العرش عن وجود خطي سير يتبعهما المغرب، فإنه يرسم صورة لبلد يسير في اتجاهين متوازيين ولكن بسرعتين متباينتين.
الخط الأول، اختار السرعة القصوى من أجل دفع المغرب نحو مصاف الدول الكبرى عبر مشاريع ضخمة وطموحة، لا يمكن إلا أن نصفها بـ”العملاقة”، سواء من حيث أهدافها أو أغلفتها المالية. إنها مشاريع اقتصادية كبرى ترنو إلى إحداث تحول جذري في بنية الاقتصاد الوطني، برؤية مستقبلية تحمل طموحًا كبيرًا، وإن كانت محاطة بضبابية الواقع وهشاشة القاعدة الاقتصادية. خير دليل على ذلك ما ورد في التقرير الأخير لوالي بنك المغرب، والذي وصف الحالة الاجتماعية والاقتصادية بالحرجة، بل بالكاد تكون كارثية. ويعزز هذا التشخيص التقرير المتعلق بوضعية المقاولات، الذي أقر بإفلاس نحو 40 ألف مقاولة بنهاية العام الماضي.
ورغم هذه الأرقام المقلقة، يظل التفاؤل حاضرًا، مدفوعًا بعامل الاستقرار السياسي الذي يتمتع به المغرب في ظل القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس.
أما الخط الثاني، فهو المغرب الذي يسير بسرعة تكاد لا تسبق السلحفاة. مغرب الهشاشة والحرمان، الذي يفتقر إلى أبسط مقومات التنمية. إنه مغرب المواطن البسيط، الذي يضيع بين مطرقة الشعارات السياسية المفعمة بالوعود وسندان واقع يزداد صعوبة وتعقيدًا. بين الحلم المشروع في دولة اجتماعية تحمي كرامته وتوفر له خدمات التعليم والصحة والسكن، وتكفل له حرية التعبير، وبين واقع سياسي تتحكم فيه نخبة فاسدة لا ترى في السياسة سوى وسيلة لتحقيق مكاسب شخصية، ولا تعبأ بهموم المواطن أو أولويات الوطن، بقدر ما تنشغل بتضخيم أرصدتها البنكية وزيادة الامتيازات لأبنائها.
تصريح جلالة الملك بأن المغرب يسير بسرعتين ليس مجرد توصيف تقني، بل هو اعتراف ضمني بفشل السياسات العمومية في تحقيق العدالة المجالية والاجتماعية، وبدور بعض المنتخبين في ترسيخ مغربين: مغرب نافع يستفيد من ثمار التنمية، ومغرب آخر مهمّش، يُنظر إليه كعبء.
فهل يُكتب لمغرب المستقبل أن يتوحد في سرعة واحدة، تراعي الإنسان كما تراعي البنيان؟

