في تجسيد متميّز لقيم التضامن الإنساني والتكافل الاجتماعي، دشّنت جمعية “ستر” الخيرية بمدينة بوجدور فضاءً متعدّد الخدمات يُعدّ من أبرز المبادرات الإنسانية التي عرفتها الجهة في السنوات الأخيرة. ويهدف هذا المشروع الرائد إلى تقديم خدمات شاملة ومتكاملة، تضمن الكرامة والاحترام للأسر المعوزة خلال فترات الوفاة، التي تُعدّ من أشد اللحظات ألمًا وحاجةً للدعم والمساندة.
يتميّز هذا الفضاء الخيري ببنية تحتية حديثة ومتكاملة، تشمل قاعة مخصصة لتجهيز الموتى من الرجال، وأخرى مخصصة لتجهيز النساء، بالإضافة إلى قاعة لتبديل الملابس، تم تصميمها بعناية لضمان الخصوصية والراحة للعائلات، في احترام تام لحرمة الميت ومشاعر ذويه. وتأتي هذه المرافق لتوفر بديلاً لائقًا للأسر التي قد تفتقر للإمكانات أو للظروف المناسبة لإعداد الجنازة في منازلها.
ولإكمال منظومة التكفّل، أُحدِثت داخل الفضاء ورشة نجارة تُعنى بصناعة صناديق الموتى، ما يسهم في تقليص التكاليف بشكل ملموس، وتوفير الوقت في ظل ظروف الحزن والاضطراب، وهو ما يُعدّ لمسة إنسانية بالغة الأثر تُخفّف من الأعباء المادية عن كاهل الأسر المحدودة الدخل.
وفي بادرة ذات طابع اجتماعي رفيع، أدرجت الجمعية ضمن مرافق الفضاء مركزًا للاستقبال والمبيت المجاني، لفائدة عائلات المتوفين الذين يفتقدون إلى مأوى مؤقت. ويُتيح هذا المركز لهؤلاء الإقامة الكريمة في انتظار إتمام مراسم الدفن، في صورة راقية من صور الإحسان والرعاية الاجتماعية التي تجسّد فلسفة الجمعية القائمة على العطاء الهادئ والمتواصل.
وتسهر على تسيير هذا المشروع الإنساني إدارة فعالة تابعة لجمعية “ستر”، تتمتع بالكفاءة وحسن التنسيق، وتضمن انسيابية الخدمات وتكاملها، مما يرسّخ مكانة الجمعية كفاعل مدني حاضر بقوة في المشهد الاجتماعي والتضامني المحلي، وكمؤسسة رائدة تُقدّم نموذجًا يُحتذى به في ميدان العمل الخيري المؤسسي.
وفي تصريح صحفي بالمناسبة، عبّر رئيس جمعية “ستر”، الحاج الحديوي، عن عميق امتنانه لكل المحسنين الذين ساهموا في إخراج هذا المشروع إلى حيز الوجود، قائلاً:
“هذا المشروع لم يكن ليرى النور لولا الأيادي البيضاء للمحسنين، الذين قدّموا الدعم المادي والمعنوي بسخاء. مساهماتهم شكّلت الدعامة الأساسية لإنجاز هذا الصرح الخيري المتكامل، ونحن ممتنون لكل من ساهم من قريب أو بعيد، فقد جسّدوا فعلاً روح التآزر والتكافل، وأثبتوا أن العطاء في بوجدور لا حدود له.”
وأضاف الحاج الحديوي مؤكّدًا البعد الإنساني العميق الذي يحمله المشروع:
“نحن نؤمن أن كرامة الإنسان لا تنتهي بالرحيل، بل تبدأ مسؤوليتنا في مواكبة أسرته ومراعاة ظروفها. هذا الفضاء يُجسّد رسالة رحمة وعطاء نعتز بها، ونسعى من خلالها إلى تقديم خدمة إنسانية تحفظ مشاعر الأسر المفجوعة وتخفف عنهم الأعباء في أصعب اللحظات.”
بهذا الإنجاز، تواصل جمعية “ستر” تعزيز موقعها كأحد أعمدة العمل الخيري المؤسسي بإقليم بوجدور، حيث تتحول المبادئ إلى واقع ملموس، وتُترجم معاني التكافل إلى مبادرات ميدانية تعود بالنفع على الفئات الأكثر هشاشة واحتياجًا.

