صدرت، مؤخرا، للكاتبة والأديبة لطيفة لبصير، رواية جديدة بعنوان: “طيف سبيبة”، عن المركز الثقافي للكتاب سنة 2024، وقد أنجز الغلاف الفنان الشاب علي الزجلي، وهي رواية تطرق موضوع اضطرابات طيف التوحد.
وبقدر ما أن الرواية موجهة لليافعين، فهي تهم الأشخاص الكبار أيضا، نظرا لطبيعة الموضوع الذي يتسم بحساسية خاصة لدى جميع الأسر والعائلات التي تعاني من مثل هكذا حالات.
واختارت الروائية لطيفة لبصير، في عملها الذي يتكون من 21 فصلا (أصوات راجي، راجي لم يبتسم، فرشاة الأسنان بالأصفر والأخضر والأزرق، راجي يذهب إلى المدرسة، راجي يذهب إلى المركز، راجي وسبيبة..)، أن تروي قصة الطفل راجي على لسان أخته هبة.
وتحكي الطفلة هبة التي تبلغ من العمر اثنا عشر سنة، عن اليوميات الخاصة لراجي الذي يكبرها بعامين، وكذا الصعوبات التي تواجهها العائلة في خلق الأجواء الملائمة للعالم الخاص بأطفال طيف التوحد.
تقول هبة: “منذ سنوات عرفت بلقب أخت راجي الذي اعتاد عليه الأطفال، كما ألفته أنا أيضا. في البداية لم أفهم سر هذا اللقب، كما لم أفهم طبيعة أخي راجي المختلفة تماما عن طبائعنا نحن الأطفال، ثم أدركت مع الأيام أن راجي طفل مختلف، خاصة يوم انتزع مني دميتي سبيبة” (ص 7).
تمثل الدمية سبيبة شقا هاما في الأحداث، خاصة حين ارتبط بها الطفل راجي وكوّن معها علاقة صداقة حميمية، بحيث أصبحت ترافقه في جميع الفضاءات التي يلجها، بما فيها المدرسة التي كان يتعرض فيها للتنمر من قبل التلاميذ.
ترصد الكاتبة عبر سرد يمزج بين الواقع والتخييل عالما غريبا بواسطة الطفلة هبة، وهي تنقل لنا بدهشة الأطفال، ما تبذله أمها من مجهودات، ليتجاوز راجي كافة الصعوبات التي تواجهه في إدراك الأشياء التي تحيط به، من قبيل اختيار معجون الأسنان وفرشاة الغسيل بألوان محددة، وتزيين فضاءات المنزل بصور وعلامات وإشارات خاصة، ثم حفظ الأرقام إلى غيرها، بحيث تقول:
“غرفة راجي عالم صغير، الكثير من العلامات المميزة والأسهم التوضيحية التي تشير إلى صوره وصور العائلة وصور الحيوانات، عالم يعكس بوضوح خشية أن ينسى راجي صورنا وملامحنا” (ص 75).
تمثل الدمية سبيبة حلقة وصل بين راجي وكل المحيطين به، فهي بوصلة راجي، بل إنها تتحول في بعض الأحيان إلى أن تصبح كائنا بشريا يتحدث معه الجميع حتى بدأت الأم تصدق أنها ستنطق هي الأخرى، وحتى حين تعرض راجي للسخرية والتنمر من الأطفال في المدرسة، تتجه أخته هبة إلى كتابة رسالة على لسان الدمية سبيبة، التي تفاجىء بها الأستاذة التي ستتلوها على مسامع التلاميذ، نقرأ منها:
“أعرفكم بنفسي، أنا الدمية سبيبة، أرافق الطفل راجي منذ مدة وسعيدة بذلك رغم أنه يجر أذنيّ بين الفينة والأخرى، لكن راجي طفل مختلف يشبه أطفالا قلة في هذا العالم، منبوذين ومهمشين في أغلب الأحيان لفرط حركتهم وشرودهم الدائم وقلة انتباههم للأشياء التي يركز فيها الآخرون.
أصبحت صديقة لراجي لأن لا أحد يصادقه، فالكل يرى فيه طفلا غريبا، لكنه يطمئن لوجودي، لذا صنع مني عدة دمى تشبهني وكأنه صنع لي أخوات يؤنسني. أعرف بأن راجي يركز على أشياء لا ينتبه لها الجميع، فهو يمكن أن يعيد الأرقام عدة مرات في اليوم بوتيرة متكررة، كما أنه يمكن أن يصنع قلادة من العقيق ويعيد العملية مرات عديدة دون ملل، ذلك لأنه يحب أن يعيد أشياء يملها الأطفال بسرعة كبرى، في حين يعيدها هو وكأنها تتكرر مرات عدة في دماغه الصغير” صص 131-132.
رسائل سبيبة عن أطفال التوحد في رواية “طيف سبيبة” للكاتبة لطيفة لبصير

كتبه Srifi كتب في 9 مايو، 2024 - 12:52 مساءً
مقالات ذات صلة
13 ديسمبر، 2025
بالصور: حبت شيبتة محمد، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الداخلة–وادي الذهب، يحضر بمراكش النسخة الثانية لملتقى الأعمال الإفريقي ويؤكد دعمه للصناعة والتجارة بالجهة
أبو إياد / مكتب مراكش حضر حبت شيبتة محمد، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الداخلة–وادي الذهب، بمدينة مراكش، فعاليات [...]
13 ديسمبر، 2025
تنظيم البطولة الوطنية للشرطة في رياضتي الكاراطي والجيدو بطنجة
صوت العدالة: مكتب طنجة نظمت ولاية أمن طنجة بتنسيق مع الاتحاد الرياضي المغربي للشرطة، يوم السبت 13 دجنبر 2025 بالقاعة [...]
13 ديسمبر، 2025
البيان الختامي لاجتماع النيابات العامة أطراف الاتفاق الرباعي لمكافحة الإرهاب
صوت العدالة : حسن بوفوس بدعوة من المملكة المغربية، عقد بمدينة الرباط يومي 10 و11 دجنبر 2025، الاجتماع العام السنوي [...]
13 ديسمبر، 2025
الرياضة تكرم الفن: تكريم الشرقي السروتي من طرف رئيس الجامعة الملكية المغربية للتانكسودو، وشكر موصول للأستاذ نور الدين الترابي
يقول الفنان الشرقي السروتي:«الفن، في جوهره العميق، ليس مهنةً نمارسها حين يتسع الوقت، بل قدرٌ نعيشه حين نضيق بالعالم. هو [...]
