الرئيسية آراء وأقلام من فريدريك نيتشه على كارل ماركس القراءة شكل من اشكال مواجهة العالم

من فريدريك نيتشه على كارل ماركس القراءة شكل من اشكال مواجهة العالم

FB IMG 1609497287978.jpg
كتبه كتب في 1 يناير، 2021 - 11:36 صباحًا

بقلم: ذ.نورالدين بوصباع

يقول أمين معلوف أنه إذا قرأت قراءة فعلية اربعين كتابا حقيقيا خلال عشرين عاما، فبوسعك مواجهة العالم، وأنا أقول إذا قرأت فقط وهذا حسب اجتهادي لمفكرين اثنين عظيمين وقد يختلف معي كثير من القراء فبوسعك ان تفهم العالم وتمتلك الآليات لتفسيره التفسير الموضوعي بل وأن تسعى إلى تغييره وحذف عنصر وجذر الشر الذي يحتويه، بقراءة هذين المفكرين بوسعك أن تفهم من تكون؟ وفي أي سياق اجتماعي وثقافي واقتصادي أنت تتموقع كفرد داخل طبقة اجتماعية معينة؟ وكيف يمكنك أن تحدد ماهيتك وكينونتك هل أنت في أسفل النظام الاجتماعي ام في أعلاه خارج التفسيرات اللاهوتية والميتولوجية والقدرية؟ وبالتالي كيف يمكنك ان تتخطى وضعيتك وتسعى لمواجهة العالم الذي كثيرا ما يبرر لك وضعك بالقدر والقضاء؟.
أول هذين المفكرين العظيمين فريدريك نيتشه الذي فتح اعيننا حول سؤال الماهية الانسانية، وكيف يمكننا أن نتخطى فكرة الحفاظ الانسان إلى فكرة تجاوزه بهدف بلوغ الانسان الأعلى، نيتشه الذي أسيء فهمه و اثير حوله كثير من اللغط ، سيتم لاحقا الاعتراف بعبقريته الفذة و بحسه الانساني الراقي وهو يحاول أن يخرج الانسان من ربقة التقاليد البالية والأخلاق البورجوازية ومن قوقعة الميتافزيقا والنزعات اللاعقلانية إلى فضاء الانسان المتحرر من الثقل الطقوسي الذي فرضه الفضلاء ورجال اللاهوت و من الهاجس المرتبط بآليات العقاب والجزاء الذي رسمتها المؤسسات الدينية والايديولوجية لقهر الانسان وجعله عبدا طيعا لاحول له ولاقوة، ولاشك أن كل من يقرا المتن الفلسفي والفكري لنيتشه من “هكذا تكلم زرادشت” إلى “ما وراء الخير والشر تباشير فلسفة المستقبل” إلى “في جينالوجيا الأخلاق” سيخرج بطاقة تحررية كبير ة تجعله يدرك المسافة بين إنسان خانع ومستلب و مقهور و مدجن إلى إنسان يمتلك القوة على تغيير واقع حاله و السيطرة على مستقبله وتحديد الأخلاق التي تليق به خارج أخلاق الفضلاء التي لايهمها سوى السيطرة والاستلاب و الطاعة.
و ثاني هذين المفكرين العظيمين كارل ماركس الذي استطاع بدراساته حول الاقتصاد السياسي وهو يرى الرأسمالية كيف بدأت تؤسس لوجودها عبر مانيفكتورات صغيرة للاستيلاب والقهر واستغلال الإنسان من اجل سيطرة طبقة على طبقة أخرى، كارل ماركس كيف حدس لشكل العالم لهذا الشكل الرهيب من الاستغلال بفطنته وذكاءه و سعة رؤيته، وكيف تمكن بدراساته القيمة حول نمط الانتاج وعلاقات الانتاج وفائض القيمة ان يحدد المأزق الانطولوجي الذي يمكن أن تتجسد فيه بوضوح الفوارق الطبقية وان تسود طبقة تمتلك لكل وسائل الانتاج وطبقة لا تمتلك أي شيء سوى جهدها وعرقها وكيف تساهم هذه المسألة في تكريس الوضع الطبقي ووترسيخ الاستلاب والقهر والاستغلال، هذا يدل على نباهة كارل ماركس للمخاطر الجسيمة التي تهدد البشرية و لنظام عبودية جديدة ينمو على هامش النظام الاقطاعي لا يقل خطورة ، بعبارة أخرى بقراءة نيتشه نستطيع أن نفهم وأن ندرك وضعنا الطبقي وأسباب فشلنا في امتلاك المبادرة، فالتحالفات الطبقية و تقاطع المصالح في مابين المافيات ومن يبرروجودها من رجال اكليروس أو مؤسسات دينية يجعلنا رهائن للاستبداد والعبودية.
قراءة فريدريك نيتشه وكارل ماركس وفي أي مكان وزمان قراءة لا تخلو من متعة ولا تخلو من أفكار طليعية تحريرية تدعونا لفك الارتباط بالمسلمات القهرية و استعمال الفكر في أقصى درجات تمرده لاستعادة المبادرة وامتلاك الكينونة المفتقدة.

مشاركة