الرئيسية آراء وأقلام مستجدات تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية: الاشكالات والاقتراحات

مستجدات تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية: الاشكالات والاقتراحات

2017 01 17 000420.png
كتبه كتب في 29 أبريل، 2020 - 3:01 صباحًا

 الأستاذ رشيد قافو

  نائب رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش.

نظم المشرع المغربي موضوع تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية في الفصلين 430 و 431 من قانون المسطرة المدنية وكذا المادة 128 من مدونة الأسرة، بالإضافة إلى تشريع آخر يتمثل في الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية في مجال التعاون القضائي المتبادل وتنفيذ الأحكام والقضايا المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة والتي تعتبر مرجعا تشريعيا وقانونيا في التعامل مع الأحكام الأجنبية بالمغرب.

      كما أدخل بمقتضى القانون رقم 19.61 القاضي بتتميم الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية مجموعة من التعديلات في الشق المتعلق بمسطرة تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية.  

ومن بين المستجدات التي أتى بها القانون المذكور إسناد صلاحية البت في الطلبات الرامية إلى تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية إلى رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه، وتحديد أجل البت في الطلبات المذكورة، وإسناد صلاحية البت في الطعن بالاستئناف المقدم ضد الأوامر الصادرة بمنح الصيغة التنفيذية إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وحدد أجل البت في الطعن بالاستئناف وإلى غير ذلك من المستجدات التي سنحاول قدر الإمكان التطرق إليها في موضوع هذا البحث، وكذا محاولة جرد بعض الاشكالات التي تثيرها المستجدات المدخلة على الفصل المذكور من الناحية العملية، على أساس الختم ببعض المقترحات التي ستكون مناسبة لإعادة صياغة الفصل المذكور وتعديله حتى يتماشى مع ما يتطلبه الواقع العلمي وانتظارات المتقاضين.

ومن أجل الإحاطة بموضوع البحث ارتأيت تقسيمه إلى محورين أساسين:

المحور الأول: أهم المستجدات التشريعية لمسطرة تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية.

المحور الثاني: أهم الاشكالات التي تطرحها المستجدات التشريعية من خلال الممارسة القضائية لمسطرة تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية.

المحور الأول: أهم المستجدات التشريعية لمسطرة تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية.

  أدخل المشرع المغربي مجموعة من المستجدات على الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية وخاصة في الشق المتعلق بتذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية والتي سنحاول إبرازها كالتالي:

1 – الأحكام الأجنبية القابلة للتذييل بالصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة الابتدائية:

من بين المستجدات التي أتى بها القانون رقم 19.61 القاضي بتتميم الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية تحديد الأحكام القضائية الأجنبية التي تدخل في اختصاص رئيس المحكمة لتذييلها بالصيغة التنفيذية والتي تتمثل في الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ.

 وتبقى الأحكام الأجنبية الأخرى من اختصاص قضاء الموضوع حتى ولو تعلقت بقضايا الأسرة، بحيث يعود اختصاص البت في هذه الأخيرة إلى قسم قضاء الأسرة طبقا للفقرة الخامسة من الفصل الثاني من ظهير التنظيم القضائي.

2 – الجهة المختصة في تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ:

     أ – الاختصاص النوعي:

أسند التعديل الجديد لمقتضيات الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية صلاحية البت في طلبات تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ إلى رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه.

وتكمن غاية المشرع من إسناد صلاحية البت في تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية إلى رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه، في كون نوعية الأحكام المخاطبة بالتعديل المذكور هي تلك الأحكام المتعلقة بانتهاء العلاقة الزوجية والتي غالبا ما تكتسي في هذا الشق طابع النهائية، كما أن أغلبية الأحكام الأجنبية المطروحة على المحاكم المغربية من أجل تذييلها بالصيغة التنفيذية تتعلق بأحكام انتهاء العلاقة الزوجية والتي قطعت أشواطا كبيرة لصيرورتها نهائية خلال مرحلة التقاضي ببلد الإقامة، هذا بالإضافة إلى ضرورة تيسير ولوج أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج إلى الخدمات العمومية بصفة عامة والحق في الولوج إلى العدالة بصفة خاصة بما يتلاءم وخصوصية وضعهم الاجتماعي الذي يتميز بضيق الوقت أثناء إقامتهم بالمغرب خلال فترة العطلة.

 علاوة على ما ذكر، فإن الممارسة القضائية بينت أنه لتذييل الأحكام الأجنبية المذكورة تتطلب إجراءات كثيرة وبالتالي تستغرق أمد طويل تبتدئ من تقديم المقال الافتتاحي للدعوى بواسطة محام للنيابة عن الطرف المدعي طالب التذييل بالصيغة التنفيذية إلى كتابة ضبط المحكمة المختصة وفتح الملف له، وإحالة هذا الأخير على رئيس المحكمة لتعيين القاضي المقرر، ثم بعد ذلك تقوم المحكمة باستدعاء الأطراف وإنذارهم في حالة الضرورة بإصلاح المسطرة أو إثبات الصفة وتمكين الطرف المدعى عليه من إعداد الدفاع في حالة حضوره أمام هيئة المحكمة والتماسه مهلة لذلك، ثم إحالة الملف على النيابة العامة وبعد اعتبار القضية جاهزة يتم حجزها للمداولة (غالبا ما يتم حجز الملف لمدة أسبوع أو أسبوعين) وتحرير الحكم والنطق به في جلسة علنية، وبعد صدور هذا الأخير يستوجب الأمر فتح ملف تبليغي له واستخراج شواهد الاستدعاء من أجل تبليغها إلى أطراف الخصومة (إلى النيابة العامة والمدعى عليه إذا تمت مقاضاته)، وبعد ذلك يتم فتح ملف تنفيذي بعد صيرورة الحكم قابلا للتنفيذ.

على خلاف التعديل الجديد الذي لا يتطلب كثرة الإجراءات المشار إليها أعلاه، ولا طول أمد البت في الملفات، بحيث نصت الفقرة الرابعة من الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية على أنه يبت رئيس المحكمة في طلب تذييل الحكم الأجنبي القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية داخل أجل أسبوع من تاريخ إيداع الطلب.

وتجدر الإشارة إلى أن الواقع العملي أثبت على أنه يمكن للمدعي طالب التذييل استصدار أمر قضائي بتذييل الحكم الأجنبي القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية في وقت وجيز وفي ظرف قياسي قد لا يتجاوز في بعض الأحيان ساعة واحدة  إذا كان الملف مستوفيا لكافة الشروط الشكلية والموضوعية المتطلبة قانونا.

ب – الاختصاص المحلي:

حدد المشرع المغربي الجهة المختصة مكانيا للبت في طلبات تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ في محكمة موطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما.

 إلا أن التعديل الجديد أضاف في جهة الاختصاص المكاني محل إبرام عقد الزواج وذلك تسهيلا للمتقاضين في تذييل أحكامهم الأجنبية بالصيغة التنفيذية في وقت قصير ووجيز.

3 – أجل البت في طلب التذييل من طرف رئيس المحكمة الابتدائية:

من بين أهم المستجدات التي أوردها المشرع المغربي على مسطرة تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية هو تحديد أمد البت في الطلبات المقدمة بشأنها في أجل لا يتعدى سبعة أيام من تاريخ إيداع الطلب.

وتكمن الغاية في سن الأجل المذكور حصول المتقاضين لأوامر بمنح الصيغة التنفيذية في زمن قضائي قصير ووجيز والتخفيف من تراكم الملفات والإجراءات اللازم سلوكها أمام قضاء الموضوع، هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإن أغلب المتقاضين الذين يحصلون على أوامر التذييل بالصيغة التنفيذية يحتاجونها في أمور أخرى مستعجلة جدا كتضمين بيانات الزواج والطلاق بسجلات الحالة المدنية لتحديد وضبط حالتهم العائلية من أجل الحصول على الوثائق الضرورية لإبرام عقود زواج جديدة كالشهادة الإدارية وإلى غير ذلك من الوثائق التي يرغبون في الحصول عليها.

4 – طرق الطعن:

تنص الفقرة السادسة من الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية على أنه “لا يكون قابلا للطعن الأمر الصادر بمنح الصيغة التنفيذية في جزئه المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية إلا إذا قدم الطعن من طرف النيابة العامة، ويكون قابلا للإستئناف في الاجزاء الأخرى داخل أجل خمسة عشر يوما أمام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف”.

يستفاد من القراءة المتأنية لهذه الفقرة أن المشرع نص فيها على ثلاث نقط رئيسية، الأولى تتمثل في عدم قابلية الأمر الصادر بمنح الصيغة التنفيذية لأي طريق من طرق الطعن في شقه المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية، والثانية تتجلى في تحديد الأطراف التي يحق لها تقديم الطعن ضد الأمر المذكور وحصرها في مؤسسة النيابة العامة لوحدها، والثالثة تكمن في تحديد وسيلة الطعن المسموح سلوكها ضد الأمر الصادر بمنح الصيغة التنفيذية وحددها في الطعن بالاستئناف.

وتجدر الإشارة إلى أن المقتضيات المشار إليها في الفقرة السابقة تتعلق فقط بالأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ، أما الأجزاء الأخرى للحكم الأجنبي القاضية بمستحقات الأبناء والحضانة وصلة الرحم وتنظيم أوقات الزيارة وإلى غير ذلك من المسائل المحكوم بها فإنها تكون قابلة للطعن فيها بالاستئناف من قبل أي طرف من أطراف الدعوى أمام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف المختصة.

ويتعين التأكيد على أن المشرع نص صراحة في الفقرة الأخيرة من الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية على عدم قابلية القرار الصادر عن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف للطعن بالتعرض.

إلا أن المشرع أغفل التطرق إلى الطعن بالنقض وأجله ضد القرارات الصادرة عن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في الشق المتعلق بتذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالرغم من أهميته والذي سنعود إلى مناقشته وكذا الاشكالات التي يثيرها بشكل مفصل في المحور الثاني. 

5 – أجل الطعن بالاستئناف:

انطلاقا من مضمون الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية يمكن القول أن المشرع لم يعالج آجال الطعن وسريانه بشكل مضبوط وفعال بالنظر إلى السرعة التي صدر بها القانون رقم 19.61 دون تكليفه عناء التنسيق والربط بين النصوص المؤطرة لموضوع تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية وتلك المنصوص عليها في مدونة الأسرة من الجانبين الموضوعي والإجرائي، وبالتالي يتعين علينا الوقوف عند بعض المستجدات التي أتى بها القانون المذكور بهذا الخصوص وكذا التطرق إلى بعض النواقص التي أثرت على جودة التعديلات المدخلة على الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية.

بالنسبة للمستجدات التي أتى بها القانون رقم 19.61 بخصوص أجل الطعن في الأوامر الصادرة بمنح الصيغة التنفيذية للأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية تتمثل في تحديد أجل خمسة عشر يوما لاستئناف الأمر الصادر بمنح الصيغة التنفيذية في الأجزاء الأخرى للحكم الأجنبي غير الشق المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية.

أما بالنسبة للنواقص التي أثرت على جودة التعديلات المدخلة على الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية تتجلى في:

+  كون المشرع لم يحدد أي تاريخ لبدء وسريان أجل الطعن بالاستئناف المذكور أعلاه والمحدد في خمسة عشر يوما.

+ كون المشرع لم يحدد أي أجل للنيابة العامة للطعن بالاستئناف في الأمر القاضي بمنح الصيغة التنفيذية، كما لم يحدد تاريخ بدء وسريان الأجل المذكور بالرغم من أهميته في المساطر الإجرائية بصفة عامة وفي موضوع تذييل الأحكام الأجنبية المتعلقة بإنهاء العلاقة الزوجية بصفة خاصة وذلك بالنظر لطبيعتها النهائية والاستعجالية المتمثلة في رغبة العديد من المتقاضين في استعمال الأوامر الصادرة بمنح الصيغة التنفيذية لقضاء بعض الأغراض الشخصية الأخرى. 

6 – الجهة المختصة للبت في الطعن:

أسند التعديل الجديد لمقتضيات الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية صلاحية البت في الطعون المقدمة ضد الأوامر الصادرة بمنح الصيغة التنفيذية للأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف.

ويمكن القول بأن المشرع أحسن صنعا لما أسند صلاحية البت في الطعن ضد الأوامر الصادرة بمنح الصيغة التنفيذية إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وذلك من أجل تدبير وعقلنة الزمن القضائي وتسريع وثيرة الإجراءات لحصول المتقاضي على حكمه داخل أجل معقول.

ويعتبر المستجد التشريعي المذكور من أهم الخطوات التي أقرها المشرع في ترسانته القانونية الإجرائية والذي ينسجم تماما مع مقتضيات الفصل 120 من الدستور المغربي الذي يعطي لكل شخص الحق في استصدار حكم داخل أجل معقول.

7 – أجل إحالة الملف على محكمة الاستئناف:

من أجل تسريع وثيرة تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ، نص المشرع على ضرورة قيام كتابة ضبط المحكمة الابتدائية بتوجيه الملف ومقال الاستئناف إلى كتابة ضبط محكمة الاستئناف داخل أجل ثلاثة أيام من تاريخ إيداعه.

8 – أجل البت في الطعن بالاستئناف:

حدد المشرع أجل البت في الطعن بالاستئناف ضد الأوامر الصادرة بمنح الصيغة التنفيذية داخل أجل عشرة أيام من تاريخ توصل كتابة الضبط بالملف.

ويلاحظ من الأجل المذكور أنه أجل معقول لتقليص أمد وعمر الملفات بالمحاكم، إلا أنه من الناحية العملية سيبقى غير كافيا للبت في الطعن نظرا لكون الاستئناف ينشر الدعوى من جديد وما يتطلب ذلك من استدعاء الطرف المستأنف والمستأنف عليه للجلسة المعينة وتمكين هذا الأخير من إعداد الدفاع في حالة حضوره والتماسه مهلة لإعداد الدفاع، وتبادل المذكرات الجوابية والتعقيبية في حالة الادلاء بها وكونها منتجة في الدعوى، ثم إحالة الملف على النيابة العامة لتقديم مستنتجاتها، وبعد اعتبار القضية جاهزة يتم حجزها للتأمل وتحرير القرار والنطق به في جلسة علنية وإلى غير ذلك من الإجراءات المتطلبة قانونا.

المحور الثاني: أهم الاشكالات التي تطرحها المستجدات التشريعية من خلال الممارسة القضائية لمسطرة تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية:

من خلال قراءتنا للمستجدات التشريعية لمقتضيات الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية وقفنا على مجموعة من الاشكالات العملية التي أفرزتها الممارسة القضائية، والتي سنحاول قدر الإمكان إبرازها بشكل دقيق تبعا للنقط التالية:

1 – فيما يخص الاختصاص النوعي:

           أ – أمام المحاكم الابتدائية:

ü ماهي الطبيعة القانونية لاختصاص رئيس المحكمة الابتدائية للبت في طلبات تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية؟ وبصيغة أخرى هل يبت رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للأمور المستعجلة (في إطار مسطرة تواجهية) أم بصفته تلك (في إطار مسطرة غيابية) أم في إطار نص خاص؟

يلاحظ من صياغة الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية أن المشرع المغربي لم يحدد طبيعة تدخل رئيس المحكمة الابتدائية عند البت في طلبات تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية، رغم أنه قام بالتنصيص في الفقرة الثالثة من نفس الفصل على أنه يمكن لرئيس المحكمة استدعاء الأطراف عند الاقتضاء.

ومن بين الانتقادات التي ستوجه للمشرع في هذا الصدد هي إسناد صلاحية البت في تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية لرئيس المحكمة دون أن يحدد طبيعة اختصاصه بشكل صريح، وأن سكوته هذا سيفتح المجال لتعدد التأويلات والتفسيرات على المستوى النظري وظهور اتجاهات قضائية متضاربة ومختلفة على المستوى الممارسة القضائية.

وتكمن الغاية من ضرورة تحديد الطبيعة القانونية لاختصاص رئيس المحكمة عند البت في طلب تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية في اختلاف الإجراءات المتبعة في كل مسطرة على حدة، إذ يتميز اختصاص رئيس المحكمة عندما يبت بصفته تلك (في إطار مسطرة غيابية) بعدم حضور كاتب الضبط وعدم استدعاء الأطراف، في حين أنه عندما يبت بصفته قاضيا للأمور المستعجلة (في إطار مسطرة تواجهية) يحضرها كاتب الضبط وتكون فيها الجلسة حضورية، ويتعين على رئيس المحكمة استدعاء الأطراف وتمكين الطرف الآخر في حالة توجيه الدعوى ضده وحضوره من إعداد الدفاع في حالة التماسه مهلة لذلك، ثم حجز القضية للتأمل وتحرير الأمر والنطق به في جلسة علنية.

وقد خلصنا من خلال الاطلاع على بعض الأوامر الصادرة عن رؤساء بعض المحاكم إلى أنهم يبتون في قضايا تذييل الأحكام الأـجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية في إطار الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية إلا أنهم يختلفون في الطبيعة القانونية لاختصاصهم عند البت في تلك القضايا وانقسموا إلى ثلاث اتجاهات قضائية:

      + الاتجاه الأول: يبت رؤساء بعض المحاكم بصفتهم الاستعجالية أي في إطار جلسة علنية مكونة من الرئيس وكاتب الضبط والقيام بالإجراءات اللازمة لتجهيز القضية .

      + الاتجاه الثاني: يبت رؤساء بعض المحاكم دون ذكر الصفة وطبيعة اختصاصهم، لكن يستشف من ديباجة بعض الأوامر الصادرة عنهم بأنها تم ترقيمها بالرمز المخصص للقضايا الاستعجالية، كما يشيرون في تلك الأوامر بأنها صدرت في إطار جلسة علنية وبحضور كاتب الضبط .

      + الاتجاه الثالث: يبت رؤساء بعض المحاكم بصفتهم تلك أي بمكتبهم دون حضور كاتب الضبط وفي غيبة الأطراف.

ومن وجهة نظرنا يستحسن إسناد صلاحية تذييل الأحكام الأـجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية إلى رئيس المحكمة بصفته قاضيا للأمور المستعجلة وادرجها ضمن القضايا الاستعجالية القصوى المنصوص عليها في الفصل 151 من قانون المسطرة المدنية وذلك لعدة اعتبارات تتمثل أساسا في:

+ تحقيق الغاية من جعل مسطرة تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية مسطرة سريعة وتمكين أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج من أحكامهم داخل وقت وجيز وقصير وانسجاما كذلك مع ما نص عليه الفصل 120 من الدستور المغربي.

+ إذا أسند الاختصاص لرئيس المحكمة في إطار مسطرة تواجهية سيتم حسم إشكال كيفية وطريقة إحالة الملف على النيابة العامة لتقديم مستنتجاتها الكتابية باعتبارها طرف أصلي في قضايا الأسرة، وذلك باتخاذ الإجراء المذكور أثناء سريان الجلسة.

     + يتم تفادي بعض الاشكالات المرتبطة بالتنفيذ وعلاقته بالطعن بالاستئناف المخول للنيابة العامة في تذييل الأحكام الأجنبية في الشق المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية.  

     وفي ختام هذه النقطة لابد من الإشارة إلى أن الاتجاه الذي يقول بأن رئيس المحكمة الابتدائية يبت في إطار نص خاص، يبقى محمودا إلا أنه سيواجه مجموعة من الاشكالات تتمثل في:

            + في الحقيقة أنه عندما ينظم نص خاص مسألة معينة ويسند فيها المشرع الاختصاص لرئيس المحكمة، فإنه يستوجب حتما من هذا الأخير تطبيق النص الخاص المنظم للإجراء، لكن يبقى التساؤل الذي سيطرح في مثل هذه الحالات كما هو الحال عليه في موضوع تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية ما هي طبيعة تدخل رئيس المحكمة في هذا الصدد وما هي الإجراءات المسطرية التي يتم اعتمادها في النازلة في حالة سكوت النص الخاص عنها؟  

            + من وجهة نظرنا يتعين استحضار الإطار القانوني للاختصاصات القضائية لرئيس المحكمة الابتدائية بصفة عامة والتي لا تخرج عن اختصاصين رئيسيين، إما أن يكون في شكل مسطرة تواجهية ( يبت بصفته قاضيا للأمور المستعجلة) وإما أن يكون في شكل مسطرة غيابية (يبت بصفته تلك)، ونهدف من هذا الطرح إلى ضرورة تحديد الإطار الذي يبت فيه رئيس المحكمة وذلك من أجل معرفة الإجراءات اللازم سلوكها عند سريان الدعوى، لأن غالبية النصوص الخاصة لا تنظم جميع الإجراءات المسطرية المتطلبة في الدعوى من تقديم المقال الافتتاحي للدعوى إلى غاية تنفيذ الأمر الذي سيصدر على ضوئها، وبالتالي يكون رئيس المحكمة ملزما بتكييف النازلة ووضعها في إطارها القانوني الصحيح ورجوعه عند الاقتضاء إلى القواعد العامة المحددة لاختصاصاته المنظمة في الفصلين 148 و 149 من قانون المسطرة المدنية عند سكوت النص الخاص.  

ü هل يحق لقضاة الموضوع إصدار أمر برفع اليد عن القضايا الرائجة أمامهم وإحالتها على رئيس المحكمة الابتدائية طبقا للفصل الرابع من ظهير التنظيم القضائي وذلك إعمالا للمستجدات التشريعية للفصل 430 من قانون المسطرة المدنية التي أسندت اختصاص البت في طلبات تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية لرئيس المحكمة الابتدائية؟

تكمن الشرعية في طرح هذا التساؤل المذكور إلى أنه بعد دخول القانون رقم 19.61 حيز التنفيذ، أصدرت بعض الهيئات القضائية لغرف الأحوال الشخصية ببعض المحاكم الابتدائية أوامر برفع اليد عن القضايا الرائجة أمامها قبل دخول القانون المذكور حيز التنفيذ وذلك تماشيا مع التعديلات الجديدة التي أسندت اختصاص البت في طلبات تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية لرئيس المحكمة الابتدائية.

في الحقيقة ليس هناك نص صريح في قانون المسطرة المدنية ولا في ظهير التنظيم القضائي يسمح بإمكانية إصدار أي غرفة من غرف المحكمة أمرا برفع اليد عن القضية وإحالتها على رئيس المحكمة لكونها تدخل في اختصاص هذا الأخير.

ومحاولة منا لرفع اللبس الذي يحصل في بعض الأحيان وخاصة على المستوى الممارسة القضائية في ما نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل الرابع من ظهير التنظيم القضائي “إذا تبين للقاضي المنفرد أن أحد الطلبات الأصلية أو المقابلة أو المقاصة يرجع الاختصاص فيه إلى القضاء الجماعي، أو له ارتباط بدعوى جارية أمام القضاء الجماعي رفع يده عن القضية برمتها بأمر ولائي” وذلك لتفادي القيام ببعض الإجراءات المسطرية التي لا يجوز اتخاذها والتي من شأنها احتمال حصول الضرر لأحد أطراف الدعوى.

ويتضح لنا من خلال القراءة المتأنية للفقرة المذكورة أعلاه أن الأمر برفع اليد عن القضية الذي يمكن أن تتخذه الهيئة القضائية الرائج أمامها نزاع معين يخص فقط حالة وحيدة تتجلى عندما تعرض على القاضي المنفرد أحد الطلبات كيفما كان نوعها، سواء كان مقالا افتتاحيا للدعوى أو مقالا مقابلا إلى غير ذلك من الطلبات المقدمة بشكل نظامي وهي تدخل في اختصاص القضاء الجماعي، أي عندما تروج قضية من صميم اختصاص القضاء الجماعي أمام القاضي المنفرد هنا يتعين على هذا الأخير أن يصدر أمرا برفع اليد عن القضية وإحالتها على رئيس المحكمة لكي يقوم هذا الأخير بتعيين القاضي المقرر في القضية.

ü هل يحق لقضاة الموضوع أن يصرحوا بعدم الاختصاص النوعي في حالة ما إذا عرض عليهم النزاع (أي طلب تذييل حكم أجنبي قضى بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية بعد دخول المستجدات التشريعية الجديدة حيز التنفيذ)؟ أم أنهم يبتون باعتبارهم صاحبي الولاية العامة للفصل في النزاعات المدنية؟

للإجابة عن هذا التساؤل يقتضي منا التمييز بين حالتين:

        + حالة سريان النزاع قبل دخول القانون رقم 19.61 حيز التنفيذ: نعتقد أنه لا يوجد أي سند قانوني يعطي الصلاحية لقضاة الحكم التصريح بعدم اختصاصهم النوعي للبت في القضايا الرائجة أمامهم والرامية إلى تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية، وبالتالي فإنه يتعين عليهم البت فيها طبقا للقانون.

       + حالة تقديم دعوى التذييل بعد دخول القانون رقم 19.61 حيز التنفيذ: لابد من الإشارة في هذا الصدد أنه إذا تقدم شخص معين بدعوى تذييل الحكم الأجنبي القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية أمام قسم قضاء الأسرة فإنه يبت في الطلب من طرف الجهة المذكورة وفقا للقواعد العامة للتقاضي ولا يستفيد طالب التذييل من مزايا التعديلات الجديدة للفصل 430 من قانون المسطرة المدنية، هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإنه لا يحق لقضاة الموضوع المقدم إليهم الطلب أن يصرحوا بعدم اختصاصهم النوعي أو أن يصدروا أمرا برفع اليد عن القضية وإحالتها على رئيس المحكمة مادام أن طالب التذييل هو الذي اختار المسطرة العادية بدلا من المسطرة الاستعجالية المنصوص عليها في الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية.

ü يطرح تساؤل آخر بخصوص المحاكم المصنفة يتمثل في الحالة التي يقدم فيها طلب تذييل حكم أجنبي قضى بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية أمام رئيس المحكمة الابتدائية المدنية، هل يحق لهذا الأخير أن يصرح بعدم الاختصاص النوعي لكون المحكمة الابتدائية الاجتماعية هي المختصة نوعيا للبت في القضية نظرا لكون هذه الأخيرة تدخل ضمن قضايا الأسرة، أم أنه يبت باعتباره صاحب الولاية العامة في المادة المدنية؟

تجدر الإشارة إلى أن المشرع لم يعالج هذه النقطة بالرغم من أهميتها على المستوى العملي وخاصة في المدن التي تتواجد بها المحاكم المصنفة، لكن يمكن القول بأن النصوص تكمل بعضها البعض بحيث يتعين الرجوع إلى الفصل الثاني من ظهير التنظيم القضائي لمعرفة حدود اختصاص تلك المحاكم حتى لا يتم خرق قواعد الاختصاص النوعي وإفراغ تلك المحاكم من الهدف الذي أنشأت من أجله.

ومن وجهة نظرنا يتعين على رئيس المحكمة الابتدائية المدنية أن يصرح بعدم الاختصاص النوعي للبت في قضايا تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالنظر إلى كونها تندرج ضمن القضايا الأسرية التي تدخل في اختصاص المحكمة الابتدائية الاجتماعية حسب مقتضيات الفصل الثاني من ظهير التنظيم القضائي.  

ü هل يجوز تذييل العقود الأجنبية المتعلقة بالطلاق بالصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة الابتدائية؟

      إن تعديل المشرع للفصل 430 من قانون المسطرة المدنية وإسناد صلاحية البت في طلبات تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية إلى رئيس المحكمة وذلك من أجل تبسيط وتسريع المسطرة المذكورة لفائدة أفراد جاليتنا المغربية المقيمة بالخارج وتسهيل ولوجهم إلى العدالة وتوفير الوقت لهم لقضاء بعض الأغراض الأخرى خلال فترة العطل الممنوحة لهم وإقامتهم بالمغرب، إلا أن المشرع بالرغم من حداثة التعديل المذكور لم يفطن إلى إدخال طلبات تذييل الاشهادات والعقود الأجنبية المتعلقة بالطلاق بمختلف أنواعه وكذا عقود الطلاق الاتفاقي المبرمة أمام الموثقين في اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية على غرار الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ.

ولقد أفرز الإشكال المفصل أعلاه اتجاهين على مستوى الممارسة القضائية:

الاتجاه الأول: رئيس المحكمة الابتدائية مختص للبت في طلبات تذييل العقود الأجنبية المتعلقة بالطلاق بالصيغة التنفيذية.

يستند هذا الاتجاه في تذييل العقود الأجنبية المتعلقة بالطلاق بالصيغة التنفيذية على الإحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 128   من مدونة الأسرة وكذا في الفصل 432!! من قانون المسطرة المدنية، وذلك بعد تفسير مقتضيات الفصل 430 من نفس القانون والبحث عن فلسفة وإرادة المشرع من التعديلات الجديدة للقانون رقم 19.61.

وجاء في حيثيات بعض الأوامر الصادرة عنها ما يلي“”:

“حيث تنص المادة 128 من مدونة الأسرة على أن : الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ، تكون قابلة للتنفيذ إذا صدرت عن محكمة مختصة وأسست على أسباب لا تتنافى مع التي قررتها هذه المدونة، لإنهاء العلاقة الزوجية، وكذا العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين، بعد استيفاء الإجراءات القانونية بالتذييل بالصيغة التنفيذية، طبقا لأحكام المواد 430 و431 و432 من قانون المسطرة المدنية.

وحيث تنص المادة 432 من ق م م المحال عليها بموجب المادة أعلاه: تكون العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين أيضا قابلة للتنفيذ بالمغرب بعد إعطائها الصيغة التنفيذية ضمن الشروط المقررة في الفصول السابقة.

وحيث إن المقصود بالفصول السابقة هي المادتين 430 و 431.

وحيث إن المادة 430 من ق م م واستثناء من القواعد العامة، قد أسندت لرئيس المحكمة اختصاصا خاصا في تذييل الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية بنصها: غير أنه بالنسبة للأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ يتم تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة الابتدائية لموطن أو محل اقامة المدعى عليه أو لمكان تنفيذ الحكم أو لمحل إبرام عقد الزواج.

وحيث إن تفسير المادة 430 من ق م م يقتضي بنا الرجوع إلى ارادة المشرع للقول ما إذا كانت نيته انصرفت في تعديل هذه المادة إلى حصر اختصاص رئيس المحكمة في تذييل الأحكام الأجنبية أعلاه فقط دون العقود المنهية للعلاقة الزوجية.

وحيث إنه بالرجوع إلى إرادة المشرع يبقى المناط السليم لتفسير النصوص القانونية استلهاما بالخطاب الملكي المؤرخ في 09/10/1987 للمغفور له الحسن الثاني بمناسبة افتتاح السنة التشريعية 1987 – 1988 الذي جاء في مقتطفه: فمن أخطر الأخطار أن نبقى متمسكين بالشكل والشكليات وأن ننسى العمق والفلسفة والغايات، وهذه الروح يجب أن تكون سارية في كل عضو من أعضاء المجتمع المغربي نائبا كان أو وزيرا أو قاضيا أو رجل سلطة، وربما أولئك الذين لهم سلطة كيفما كان المنصب الذي يشغلونه هم الذين يجب عليهم أن يعطوا المثال وأن يكونوا دائما عند التطبيق يرجعون إلى ماذا؟ يرجعون إلى ما أراده المشرع أو – استسمح الله في المقارنة – أن يرجعوا إلى أسباب النزول، وأن يرجعوا إلى فلسفة ممن وضع ذلك القانون أو تلك القاعدة.

وحيث برجوعنا إلى الأعمال التحضيرية للتتميم الذي طال المادة 430 من ق م م كما هي مضمنة في تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان دورة أبريل 2019 فقد ثبت لنا بالملموس بأن غاية المشرع من هذا التتميم هو تفريد وضع مسطري خاص لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج لتصفية حالتهم الشخصية ببلدهم الأصلي بشكل يمكنهم من بدء حياة جديدة، وذلك بمزامنة الزمن القضائي مع الحيز الزمني الضيق الذي يتوفرون عليه عند عودتهم العرضية إلى المغرب، إذ جاء في الصفحة الثالثة من التقرير على: … أن تضمين بيانات الزواج والطلاق تقتضي السرعة والاستعجال بكونها معطيات تمس النظام العام ولكونها ضرورية مستعجلة لإبرام عقود زواج جديدة محكومة بضيق الوقت خلال الاقامة القصيرة لأنباء المهجر بالمغرب.

وهو ما تم تأكيده سابقا في ديباجة مقترح القانون التي جاء فيها: … وتماشيا مع الاهتمام المتزايد الذي توليه الدولة لقضايا جاليتنا بما في ذلك الخطب والتوجيهات الملكية السامية والتي تدعو باقي المتدخلين في ملفات المهاجرين المغاربة إلى المزيد من الحرص على خدمتهم وعلى تيسير ولوجهم إلى الخدمات العمومية نظرا لوضعهم الاجتماعي المتميز بالإقامة في الخارج وصعوبة تتبعهم لجميع شؤونهم الشخصية خلال فترة عطلتهم الصيفية خصوصا.

وحيث تأسيسا على ما ذكر نستنتج على أن إرادة المشرع لم تنصرف إلى حصر اختصاص رئيس المحكمة في تذييل الأحكام المنهية للعلاقة الزوجية فقط دون ما يماثلها، بقدر ما كانت غايته هو معالجة الوضع الشخصي لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج من أجل تمكينهم من إبرام عقود زواج جديدة، وهو لا يمكن أن يستثني عقود الطلاق الاتفاقية بابقائها تحت وطأة مسطرة التقاضي العادية التي لا تتماشى مع الوضع الاجتماعي لهذه الجالية، مما يتعين معه تأكيد اختصاصنا للبت في الطلب.

وحيث الثابت من العقد التوثيقي المؤرخ في 21/09/2017 على أن المدعية طلقت اتفاقيا من زوجها سنتياغو دافيد رودريجيز خيمينيز.

وحيث لم يثبت لنا من مضامين عقد الطلاق الاتفاقي أعلاه ما يخالف النظام العام المغربي، مما يكون معه الطلب مؤسس وجديرا بالاستجابة إليه”.

من بين الاستنتاجات التي وقفنا عليها بخصوص الاتجاه القضائي المذكور ما يلي:

+ يلاحظ أن الاتجاه القضائي المذكور عمد إلى توسيع نطاق تدخل رئيس المحكمة الابتدائية ليشمل تذييل العقود الأجنبية المتعلقة بالطلاق بالصيغة التنفيذية بالرغم من أن التعديلات التشريعية الجديدة للقانون رقم 19.61 لم تتطرق إلى ذلك.

+ التعديلات الجديدة للفصل 430 من قانون المسطرة المدنية واضحة وصريحة بخصوص الشق الذي انصبت عليه، بحيث حصرها المشرع في الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ دون أن تشمل عقود الطلاق الأجنبية ودون أن تمتد التعديلات المذكورة إلى مقتضيات الفصل 432 من نفس القانون الذي يعتبر الإطار التشريعي المنظم لتذييل العقود الأجنبية بالصيغة التنفيذية.

+ يعتبر اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية المنصوص عليه في التعديلات المدخلة على مقتضيات الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية استثناء من القاعدة العامة، وكما هو معلوم فإن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يجوز التوسع فيه خاصة وأن الأمر يتعلق بقاعدة مسطرية وليس بقاعدة موضوعية التي يعتبر الأصل فيها هو الإباحة.

+ نعتقد أن الإحالة المنصوص عليها في المادة 128 من مدونة الأسرة وكذا الفصل 432 من قانون المسطرة المدنية تتعلق بالإجراءات الشكلية والموضوعية في التقاضي وليس بنوعية وطبيعة القضايا## المراد تذييلها بالصيغة التنفيذية وسندنا في ذلك يكمن في الاعتبارات التالية:

Ø نظم المشرع في الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية طبيعة القضايا القابلة للتذييل بالصيغة التنفيذية وحصرها في الأحكام الأجنبية لوحدها، فيما نظم تذييل العقود الأجنبية بالصيغة التنفيذية بشكل مستقل عن الأحكام المذكورة في الفصل 432 من نفس القانون.

Ø لو كانت نية المشرع في التعديلات الجديدة بمقتضى القانون رقم 19.61 إدخال تذييل عقود الطلاق الأجنبية بالصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة، لما قام بتعديل الفصل 432 من قانون المسطرة المدنية، أو على الأقل أن يشير بشكل صريح بأن التعديلات الجديدة ستنصب على الجهة المختصة في الفصل 430 من القانون المذكور وذلك باستبدال عبارة “المحكمة” بعبارة “رئيس المحكمة الابتدائية” ويكون بذلك قد حسم الاشكال الذي حصل على المستوى العملي$$ وتفادي ظهور اتجاهات قضائية متضاربة والتي من شأنها المس بمبدأ الأمن القضائي.  

Ø إذا كان ما ذهب إليه التوجه القضائي المذكور أعلاه صحيحا لماذا لم يعمل على تذييل جميع العقود الأجنبية%% التي يخاطبها الفصل 432 من قانون المسطرة المدنية وخاصة تلك التي تتسم بطابع الاستعجال كعقود الزواج الأجنبية، وسيفطن آنذاك الاتجاه المذكور بأن لا يجوز تفسير نص واضح وإلا يجب تذييل جميع العقود الأجنبية كيفما كان نوعها في حالة الاستناد  على الإحالة المنصوص عليها في الفصل 432 من قانون المسطرة المدنية والمادة 128 من مدونة الأسرة.

Ø تعتبر الإحالة المنصوص عليها في الفصل 432 من قانون المسطرة المدنية إحالة على القاعدة العامة وليس على الاستثناء أي المستجدات التشريعية الجديدة، خصوصا وأن الإحالة سبقت زمنيا الاستثناء المذكور.

الاتجاه الثاني: رئيس المحكمة الابتدائية غير مختص للبت في طلبات تذييل العقود الأجنبية المتعلقة بالطلاق بالصيغة التنفيذية.

يستند هذا الاتجاه على أن التعديلات الجديدة لمقتضيات الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية بمقتضى القانون رقم 19.61 المؤرخ في 09 غشت 2019 حصرت مجال تدخل رئيس المحكمة الابتدائية في تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية في الشق المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ دون أن يتعداها إلى العقود أو الاشهادات الأجنبية المتعلقة بالطلاق.

وورد في حيثيات بعض الأوامر الصادرة عنها ما يلي&&:

“وحيث إنه بالرجوع إلى وثائق الملف وخاصة إلى ملتمسات طالبة الاجراء تبين أنها تلتمس الأمر بتذييل الاشهاد بالطلاق الرجعي الصادر بتاريخ 14/04/2019 بمكتب التوثيق للأحوال الشخصية بالقاهرة بالصيغة التنفيذية.

وحيث لئن أدخل المشرع تعديلات جديدة على الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية بموجب القانون رقم 19.61 الظهير الشريف رقم 1.19.118 الصادر بتاريخ 9/8/2019، إلا أنه حصر مجال تدخل رئيس المحكمة الابتدائية في تذييل المقررات الأجنبية بالصيغة التنفيذية في “الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالطلاق أو التطليق أو بالخلع أو بالفسخ” دون أن يمتد التعديل المذكور إلى شمول العقود الأجنبية وخاصة تلك المتعلقة بالطلاق تذييلها بالصيغة التنفيذية، الأمر الذي يبرر التصريح برفض الطلب”.

يستشف من الاتجاه القضائي المذكور أنه عمد إلى تطبيق مقتضيات الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية في حدود التعديلات التي أتى بها القانون رقم 19.61 وذلك بحصر اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية في تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية في تلك المتعلقة بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو التطليق أو بالخلع أو بالفسخ دون أن تتعداها إلى العقود الأجنبية القاضية بالطلاق.

من خلال الاتجاهين السابقين نرى من اللازم ضرورة تدخل المشرع لتعديل الفصل 432 من قانون المسطرة المدنية أو إعادة تعديل الفصل 430 من نفس القانون وذلك بإدخال العقود الأجنبية المتعلقة بالطلاق بمختلف أنواعه وكذا عقود الزواج ضمن اختصاصات رئيس المحكمة الابتدائية لأنها تعتبر في حد ذاتها قضايا استعجالية بالنظر لكونها تخص فئة معينة من المجتمع ألا وهي أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ويبرز الطابع الاستعجالي لها أكثر في قصر العطل الممنوحة لهم عند إقامتهم بالمغرب ولاحتياجهم لتلك الأوامر لقضاء بعض الأغراض الشخصية كالزواج وتسجيل الأبناء بسجلات الحالات المدنية إلى غير ذلك من الأمور المستعجلة.  

كما تجب الإشارة إلى أنه يرجع السبق في إثارة فكرة جعل طلبات تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية من اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية إلى الاجتهاد القضائي لبعض المحاكم التي عمدت إلى ادراج الطلبات المذكورة ضمن القضايا الاستعجالية والبت فيها طبقا للقواعد والمساطر المعمول بها في القضايا الاستعجالية.  

   ب – أمام محاكم الاستئناف:

ü ماهي الطبيعة القانونية لاختصاص الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف للبت في الطعون المقدمة ضد الأوامر الصادرة بتذييل الأحكام الأجنبية القاضية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية؟ وبصيغة أخرى هل يبت الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بصفته قاضيا للأمور المستعجلة (في إطار مسطرة تواجهية) أم بصفته تلك (في إطار مسطرة غيابية).

لم يحدد المشرع المغربي طبيعة تدخل الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف عند البت في طلبات تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية، بالرغم من أن الأصل في التقاضي أمام محكمة الاستئناف يكون في شكل مسطرة تواجهية.

ومن المعلوم أن طرق الطعن(( كيف كان نوعها تكون دائما تواجهية، أي أنها تقدم من الطاعن في مواجهة المطعون ضده))، وبالتالي فإن سكوت المشرع عن طبيعة تدخل الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف للبت في الطعن المقدم ضد الأوامر الصادرة بمنح الصيغة التنفيذية للأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية يبقى في غير محله لأن من شأن ذلك أن يمس بحق التقاضي على درجتين بالشكل المتعارف عليه قضائيا** وكذا المساس بمبدأ الأمن القانوني الذي يفرض على المشرع إصدار نصوص تشريعية جيدة وواضحة في قواعدها الموضوعية والإجرائية وسهولة الولوج إليها، لأن عدم صياغة النصوص التشريعية بشكل جيد وتحقيقها للغاية المرجوة منها سيؤدي لا محالة إلى فتح باب المناقشة وتعدد الآراء وبالتالي ظهور اتجاهات قضائية مختلفة ومتضاربة تمس بالأساس مبدأ الأمن القضائي الذي يفرض على السلطة القضائية السهر على تطبيق القانون وحماية الحقوق.    

وتماشيا مع كل ما سبق، هنا تبرز أهمية تحديد الطبيعة القانونية لاختصاص الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف لتذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية وفقا لما سبقت الاشارة إليه أعلاه، لأن ذلك سيترتب عنه تفادي مجموعة من الاشكالات التي تظهر بحدة على مستوى الواقع العملي.

2 – فيما يخص الاختصاص المحلي:

ü هل يعتبر الاختصاص المحلي لرئيس المحكمة الابتدائية في قضايا تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية من النظام العام؟ وهل يحق للنيابة العامة إثارة الدفع بعدم الاختصاص المحلي لرئيس المحكمة عندما يعرض عليه طلب تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية عند إحالة الملف عليها خاصة إذا لم تتوفر في الطلب إحدى الحالات المنصوص عليها في الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية؟ وهل يحق لرئيس المحكمة الاستجابة لذلك؟

لم ينص المشرع على طبيعة الاختصاص المحلي في قضايا تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية، إلا أنه يمكن لرئيس المحكمة عندما يعرض عليه النزاع أن يبحث في مدى توفر إحدى الحالات المنصوص عليها في الفصل 430 من قانون المسطرة، وإلا سيصرح بعدم الاختصاص++.

      كما يحق للنيابة العامة عند إحالة الملف عليها لتقديم مستنتجاتها الكتابية أن تلتمس من رئيس المحكمة الابتدائية التصريح بعدم الاختصاص المحلي عندما يكون الطلب خاليا من إحدى الحالات المنصوص عليها في الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية.

3 – إحالة الملف على النيابة العامة:

ü هل يجب إحالة طلبات تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية على النيابة العامة لتقديم مستنتجاتها طبقا للفصل التاسع من قانون المسطرة المدنية؟

بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية يتبين أن المشرع لم يشر لا من قريب ولا من بعيد لمسألة تبليغ النيابة العامة بطلبات تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية، بالرغم من كون الطلبات المذكورة تندرج ضمن قضايا الأسرة المنصوص عليها في الفصل التاسع من قانون المسطرة المدنية.

ومن وجهة نظرنا يتعين على رئيس المحكمة الابتدائية أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف قبل الفصل في الدعوى أن يتخذ قرار إحالة الملف على النيابة لتقديم مستنتجاتها عملا بمقتضيات الفصل التاسع من قانون المسطرة المدنية، لأن إغفال الإجراء المذكور سيترتب عنه حتما بطلان الأمر أو القرار الذي يخلو منه طبقا لما تنص عليه الفقرة الأخيرة من الفصل المذكور.

ويتفرع عن الإشكال المذكور أعلاه تساؤل في غاية الأهمية يتجلى في كيفية إحالة الملف على النيابة العامة خاصة وأن المشرع لم يحدد الطبيعة القانونية لاختصاص رئيس المحكمة الابتدائية؟

للإجابة عن هذا التساؤل يستوجب منا التمييز بين حالتين:

     + الحالة الأولى: إذا كان المشرع يقصد من اختصاص رئيس المحكمة المنصوص عليه في الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية اختصاصا قضائيا تواجهيا أي أنه يبت بصفته قاضيا للأمور المستعجلة، فإنه لا يطرح أي إشكال بخصوص كيفية إحالة الملف على النيابة العامة مادامت المسطرة في القضاء الاستعجالي مسطرة تواجهية، فيمكن للرئيس أن يتخذ الإجراء المذكور أثناء سريان الدعوى كإجراء من إجراءات تجهيز القضية.

     + الحالة الثانية: إذا كان المشرع يقصد من اختصاص رئيس المحكمة المنصوص عليه في الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية اختصاصا ولائيا أي أنه يبت بصفته تلك دون حضور كاتب الضبط وفي غيبة الأطراف، هنا يطرح التساؤل عن طريقة إحالة الملف على النيابة العامة ومن سيقوم بذلك؟ وما هو الإجراء الذي يحق للرئيس أن يقوم به لإحالة الملف على النيابة العامة حتى لا يقع في مخالفة الفصل التاسع من قانون المسطرة المدنية الذي يعتبر من صميم النظام العام ويترتب عن مخالفته جزاء البطلان؟

تكمن الشرعية في طرح هذا التساؤل إلى أن المستقر عليه قانونا وفقها وقضاء أن اختصاص رئيس المحكمة بصفته تلك يتميز بمجموعة من الخصوصيات من أهمها البت في القضية دون حضور كاتب الضبط، وإذا كان الأمر كذلك فإنه سيتعذر على الرئيس القيام بإحالة الملف على النيابة العامة أولا لعدم وجود جلسة نظامية متكونة من رئيس وكاتب الضبط يسهر هذا الأخير على تنفيذ القرارات المتخذة في الجلسة والتي من أهمها إحالة الملف على النيابة العامة لتقديم مستنتجاتها، وثانيا قصور التعديلات المدخلة على الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية في معالجة هذا الأمر وكذا عدم وجود مقتضى تشريعي ينظم مسألة الإحالة على النيابة العامة حتى في النص العام الذي هو الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية باعتباره الشريعة العامة للأوامر المبنية على طلب في حالة عدم وجود نص خاص ينظم الإجراء المطلوب.

وتجب الاشارة في هذا الصدد أن بعض المحاكم,, إدراكا منها بخطورة عدم إحالة الملف على النيابة العامة لتقديم مستنتجاتها والجزاء الذي سيترتب عن ذلك في حالة خلو الملف من ذلك الإجراء، تقوم بإحالة الملف عن طريق كتابة الضبط على النيابة العامة مباشرة بعد أداء الرسوم القضائية عليه بصندوق المحكمة أي قبل إحالته على رئيس المحكمة للبت فيه طبقا للقانون.

4 – تبليغ الأمر بمنح الصيغة التنفيذية للنيابة العامة:

ü هل يجب تبليغ النيابة العامة بالأوامر الصادرة عن رئيس المحكمة الابتدائية بتذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية؟

     لم يعالج المشرع المغربي ضمن مقتضيات الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية مسألة تبليغ النيابة العامة بالأوامر القاضية بمنح الصيغة التنفيذية، بالرغم من أهميتها من الناحية العملية.  

     لقد أفرزت الممارسة القضائية منذ دخول التعديلات الجديدة للفصل 430 من قانون المسطرة المدنية حيز التنفيذ اتخاذ مجموعة من الإجراءات تختلف من محكمة إلى أخرى في سبيل الوصول إلى تحقيق العدالة وسد الفراغ التشريعي المذكور، ومن بينها إحالة الملف على النيابة العامة.. بعد صدور الأمر بمنح الصيغة التنفيذية لتحديد موقفها منه والذي لا يخلو من موقفين، إما بالتأشير على الملف وتتلوها الإجراءات المتبقية للحصول على النسخة التنفيذية أي حتى قبل مرور مدة الطعن بالاستئناف المخصص للنيابة العامة، وإما تعمل على الاحتفاظ بالملف طيلة المدة الممنوحة لها لسلوك الطعن وذلك لدراسته جيدا في حالة ما إذا تبين لها ضرورة تقديم الطعن بالاستئناف عند وجود مبرراته//.

       ويتفرع عن الإشكال المذكور أعلاه تساؤل في غاية الأهمية يتجلى في القوة التنفيذية للأوامر الصادرة بمنح الصيغة التنفيذية وعلاقتها بضرورة تبليغ النيابة العامة بها باعتبارها طرف أصلي في قضايا الأسرة وذلك قبل تسليم النسخة التنفيذية للمعني بالأمر؟ وبمعنى آخر هل يحق لطالب التذييل أن يتسلم النسخة التنفيذية للأمر القاضي بمنح الصيغة التنفيذية بمجرد صدوره تطبيقا لما هو معمول به في إطار الأوامر المبنية على طلب بصفة عامة أم أنه يجب تبليغ النيابة العامة بالأمر القاضي بمنح الصيغة التنفيذية وعدم إيلاء أي اعتبار للقوة التنفيذية الذي تتمتع به مثل هذه الأوامر؟ كما يتفرع عن ذلك تساؤل آخر بخصوص السند القانوني الذي تستند عليه كتابة الضبط في إحالة الملف على النيابة العامة بعد صدور الأمر بمنح الصيغة التنفيذية لتحديد موقفها من هذا الأخير؟ وكذا السند القانوني الذي تستند عليه كتابة الضبط في عدم تمكين طالب التذييل من النسخة التنفيذية للأمر بمنح الصيغة التنفيذية بمجرد صدوره وذلك احتراما للقوة التنفيذية الذي يتمتع بها كباقي الأوامر التي تصدر عن رئيس المحكمة بصفته تلك؟

       للإجابة عن هاته التساؤلات تفرض علينا معالجتها من جميع النواحي كالتالي:

          + سبقت الإشارة إلى أن قضايا تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية تندرج ضمن قضايا الأسرة طبقا لمقتضيات الفصل الثاني من ظهير التنظيم القضائي، وضرورة تبليغها إلى النيابة العامة طبقا للفصل التاسع من قانون المسطرة المدنية، وكذا اعتبار النيابة العامة طرفا أصليا في جميع قضايا الأسرة طبقا للمادة الثالثة من مدونة الأسرة.

          + سبقت الإشارة إلى أن سكوت المشرع عن تحديد الطبيعة القانونية لاختصاص رئيس المحكمة للبت في طلبات تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية خلق نوعا من الارتباك في طريقة وكيفية إحالة الملفات على النيابة العامة وكذا تبليغ هذه الأخيرة بالأوامر الصادرة بمنح الصيغة التنفيذية.

          + سبقت الإشارة إلى أن الأوامر المبنية على طلب تكتسي قوة تنفيذية00 بمجرد صدورها بما في ذلك الأمر الصادر بمنح الصيغة التنفيذية للأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية على اعتبار أن المشرع أدخلها في اختصاص رئيس المحكمة.

          + الأصل أنه ليس من حق كتابة الضبط أن ترفض تسليم النسخة التنفيذية للأمر القاضي بمنح الصيغة التنفيذية لفائدة المحكوم له بعلة أنه تمت إحالة الملف على النيابة العامة للاطلاع عليه أو أن هذه الأخيرة قامت باستئناف الأمر القاضي بمنح الصيغة التنفيذية، إلا أن الواقع العلمي يفرض على كتابة الضبط أن لا تسلم النسخة التنفيذية للمعني بالأمر نظرا لصعوبة واستحالة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه خاصة إذا قضى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بإلغاء الأمر القاضي بمنح الصيغة التنفيذية والحكم من جديد برفض طلب تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية.

        انطلاقا من كل ما سبق، يتعين القول بأن إغفال المشرع معالجة القوة التنفيذية للأوامر الصادرة بمنح الصيغة التنفيذية وعلاقتها بطرق الطعن زاد مسطرة تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية ارتباكا في كيفية التعامل معها من الناحية العملية وكذا الإجهاز على السرعة التي توخها المشرع من جعلها مسطرة سريعة.

        وعليه فإنه يترتب عن تسلم طالب التذييل للنسخة التنفيذية للأمر بمنح الصيغة التنفيذية بمجرد صدوره دون تبليغه للنيابة العامة ودون انتظار مرور أجل الطعن بالاستئناف مجموعة من الآثار الوخيمة والخطيرة على الطرف المذكور عندما يقدم على استعمال الأمر المذكور في أغراض أخرى وخاصة في إبرام عقد زواج جديد، وبعد ذلك تتصدى محكمة الطعن في شخص الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف للأمر القاضي بمنح الصيغة التنفيذية وذلك بإلغائه والحكم من جديد برفض طلب تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية.

       وتتمثل خطورة عدم معالجة القوة التنفيذية للأوامر الصادرة بمنح الصيغة التنفيذية وعلاقتها بالطعن المقدم من النيابة العامة في استحالة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، أي بعد صدور قرار الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بإلغاء الأمر الابتدائي والحكم من جديد برفض الطلب، وتزداد الخطورة أكثر في حالة ازدياد أبناء بعد الحصول على النسخة التنفيذية للأمر القاضي بمنح الصيغة التنفيذية ونشوء مراكز قانونية أخرى يتعذر تداركها وإصلاحها أو إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ.

       وفي ختام هذه النقطة لابد من الاشارة إلى أن جعل مسطرة تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية مسطرة سريعة واستعجالية يبقى مستجدا في غاية الأهمية بالنسبة لأفراد جاليتنا المغربية المقيمة بالخارج، إلا أنه يتعين على المشرع إعادة تعديل وصياغة مقتضيات الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية وذلك بتنظيم القوة التنفيذية للأوامر الصادرة بمنح الصيغة التنفيذية وعلاقتها بالطعن بالاستئناف المتاح للنيابة العامة حتى لا تنشأ وضعيات قانونية يصعب إصلاحها أو إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ وخاصة بعد إلغاء الأمر القاضي بمنح الصيغة التنفيذية من طرف جهة الطعن والحكم من جديد برفض طلب تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية.    

5 – أجل البت في طلب تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية والطعون المقدمة ضدها:

أ – بالنسبة لأجل البت في قضايا تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية:

        + خلال المرحلة الابتدائية:

يلاحظ من الأجل المحدد للبت في طلب تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية ملاحظتين أساسيتين وهما: الأولى إذا كان المشرع يقصد من الاختصاص المنصوص عليه في الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية هو اختصاصا قضائيا تواجهيا فإن أجل سبعة أيام يبقى غير كافيا للبت في القضية بالنظر لما تتطلبه المسطرة التواجهية من استدعاء الأطراف وإحالة الملف على النيابة العامة وتمكين الطرف الآخر من إعداد الدفاع إلى غير ذلك من الإجراءات المتطلبة قانونا لتجهيز القضية، والثانية إذا كان قصد المشرع من الاختصاص المذكور بأنه يتم في غيبة الأطراف فإن الأجل المنصوص عليه يبقى طويلا، لأن الواقع العملي أثبت على أن البت في الملفات الولائية (أو ما يصطلح عليه في عمل القضاء بملفات عقود مختلفة) يتم في ساعتها وفي أبعد تقدير يومان من تاريخ إيداع الملف بكتابة ضبط المحكمة المختصة.

+ خلال مرحلة الاستئناف:

من المعلوم أن طرق الطعن11 كيف كان نوعها تكون دائما تواجهية، أي أنها تقدم من الطاعن في مواجهة المطعون ضده22، وتستوجب أجلا كافيا للبت في الطعن خاصة إذا التمس المطعون ضده مهلة لإعداد الدفاع وتمكينه منه لجلسة أخرى، ثم بعد ذلك إحالة الملف على النيابة العامة لتقديم مستنتجاتها واستنفاد جميع الإجراءات اللازمة لتجهيز القضية إلى غاية النطق بالقرار الذي سيصدر على ضوئها.    

ويتضح من خلال ما سبقت الإشارة إليه أعلاه أن الأجل المنصوص عليه للبت في الطعن بالاستئناف يبقى غير كافيا بالنظر لطبيعة إجراءات التقاضي خلال المرحلة الاستئنافية.

ب – بالنسبة لأجل الطعون المقدمة ضد الأوامر الصادرة بمنح الصيغة التنفيذية:

يلاحظ أن المشرع سقط في تناقض يجب أن لا يحصل مطلقا عندما قام بتحديد أجل البت من طرف رئيس المحكمة الابتدائية في طلب التذييل في سبعة أيام وكذا التنصيص على أجل البت من طرف الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في الطعن المقدم له في عشرة أيام، دون أن يحدد أجل الطعن بالنسبة للنيابة العامة ولا تاريخ سريانه، وأن ذلك يتعارض تماما مع السرعة التي توخاها المشرع من إسناد صلاحية البت لرئيس المحكمة الابتدائية.

وتجب الإشارة إلى أن الطرف الوحيد الذي يحق له الطعن بالاستئناف في الأمر الصادر بمنح الصيغة التنفيذية في الشق المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية هو النيابة العامة، إلا أن المشرع لم يحدد أي أجل للطعن المذكور بالرغم من أهميته من الناحية العملية.

ومن بين الانتقادات التي يمكن أن توجه إلى المشرع في هذا الصدد، أنه تحدث عن الطعن بالاستئناف دون أن يحدد أي أجل له ولا تاريخ بدايته وسريانه، وهو الأمر الذي سيؤدي حتما بالقارئ أو المتقاضي أو الممارس إلى طرح تساؤل عريض يخص أجل الطعن بالاستئناف الممنوح للنيابة العامة وتاريخ بدايته.

من البديهي أنه إذا سكت المشرع عن تنظيم إجراء معين في نص خاص33، يقتضي الأمر الرجوع إلى القواعد العامة التي تحكم موضوع النازلة.

فبالرجوع إلى القواعد العامة لمعرفة أجل استئناف النيابة العامة للأوامر الصادرة في قضايا تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية، يستوجب منا أولا التمييز بين ما إذا كان الأمر صادرا عن رئيس المحكمة الابتدائية بصفته تلك أي بمكتبه وفي غيبة الأطراف44 أم أنه صادرا بصفته قاضيا للأمور المستعجلة55 لوجود فرق شاسع بينهما من حيث الأجل المنظم لكل واحد منهما، وثانيا التطرق للاتجاه الثالث الذي يدافع عن اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية من نوع خاص وأنه لا يندرج في الإطارين القانونيين المذكورين66.  

+ إذا كان الأمر صادرا عن رئيس المحكمة الابتدائية بصفته تلك أي بمكتبه في غيبة الأطراف، يكون أجل الاستئناف هو خمسة عشر يوما من يوم النطق به.

+ إذا كان الأمر صادرا عن رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للأمور المستعجلة أي في إطار مسطرة تواجهية، يكون أجل الاستئناف هو خمسة عشر يوما من تبليغ الأمر.

+ إذا كان الأمر صادرا عن رئيس المحكمة الابتدائية بمقتضى نص خاص، فإنه يطرح التساؤل عن الأجل المعتمد خاصة وأن الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية المنظم سكت عن ذلك؟ هل يتم تطبيق الأجل المنصوص عليه في الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية أم الأجل المنصوص عليه في الفصل 149 من نفس القانون؟

 سبق لي في البداية أن قلت بأن المشرع مهما نظم إجراءات معينة بموجب نصوص خاصة وإلا يقتضي الأمر ضرورة الرجوع إلى القواعد العامة في الجزئيات التي لم تنظم في تلك النصوص الخاصة، وذلك لمعرفة الإطار77 الذي صدر فيه النص لكي يتسنى إعمال باقي الإجراءات88 التي لم ينظمها المشرع في ذلك النص الخاص.

ويقتضي الأمر عند الرجوع إلى القواعد العامة ضرورة تحديد الطبيعة القانونية99 للإجراء المطلوب حتى يتسنى معرفة الإجراءات المسطرية اللازمة تطبيقها عليه.

وتكمن أهمية التمييز بين الأجلين المذكورين أعلاه في وجود اختلاف بين الإطارين القانونيين المذكورين لكون الأول حدد بداية وسريان أجل الاستئناف من تاريخ النطق بالأمر في حين أن الثاني حدد بداية وسريان أجل الاستئناف من تاريخ تبليغ الأمر.

ومن هنا تبرز الأهمية القصوى لضرورة تدخل المشرع لتعديل الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية وإعادة صياغته وفقا للإجراءات التي من شأنها أن تساير التعديلات الجديدة وتحد من ظهور اتجاهات قضائية متضاربة ومختلفة.  

خاتمة:

على سبيل الختم، حاولنا قدر الإمكان إبراز بعض المستجدات التشريعية التي أدخلها المشرع المغربي على الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية بمقتضى القانون رقم 19.61، وملامسة بعض الاشكالات التي تثيرها تلك المستجدات من الناحية العملية، وخلصنا إلى بعض المقترحات المناسبة لتفادي بعض الهفوات التي تم إغفالها وقت تعديل وصياغة الفصل المذكور وذلك محاولة لإعادة تدخل المشرع لإصلاح الوضع حتى تتماشى التعديلات الجديدة مع ما يتطلبه الواقع العملي من خلال الربط والتنسيق بين جميع النصوص الإجرائية المؤطرة للموضوع والتي تم إغفالها عند صياغة الفصل المذكور.

 ومن بين المقترحات التي ارتأينا المساهمة بها في هذا الموضوع نجملها في ما يلي:

+ تحديد الطبيعة القانونية لاختصاص رئيس المحكمة الابتدائية للبت في طلبات تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية إما بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية ويستحسن جعلها من قضايا الاستعجال القصوى.

+ ضرورة التنصيص على إحالة الطلب على النيابة العامة لتقديم مستنتجاتها الكتابية أو إلزامها بضرورة الحضور في الجلسة.

+ ضرورة تحديد أجل الطعن بالاستئناف وتاريخ سريانه المقدم من طرف النيابة العامة ضد الأمر الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية القاضي بتذييل الحكم الأجنبي القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية باعتبارها طرف أصلي في قضايا الأسرة، ويستحسن جعله قصيرا لا يتعدى ثلاثة أيام من تاريخ صدوره.

+ إعادة النظر في أجل الطعن بالاستئناف لجميع الأطراف سواء النيابة العامة أو طالب التذييل أو المطلوب ضده التذييل ويستحسن جعله قصيرا لا يتعدى أجل ثلاثة أيام من تاريخ صدوره وذلك تماشيا مع قصد المشرع من جعل مسطرة تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية مسطرة استعجالية وإسناد الاختصاص فيها إلى رئيس المحكمة الابتدائية.

+ إعادة النظر في أجل البت في الطعن بالاستئناف لكون الأجل المحدد في عشرة أيام يبقى غير كافيا بالنظر لكون قواعد التقاضي خلال المرحلة الاستئنافية تواجهية، تقتضي تبليغ أطراف الطعن بالجلسة وتمكين المستأنف أو المستأنف عليه من إعداد الدفاع وأحيانا تبادل المذكرات الجوابية والتعقيبية خاصة إذا انصب الطعن على مسألة جوهرية تقتضي البحث وبدل المجهود أكثر لتنوير المحكمة بالأدلة والحجج، ثم حجز القضية للتأمل وإلى غير ذلك من الإجراءات اللازم سلوكها لإعداد القضية.

+ تحديد الطبيعة القانونية لاختصاص الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف عند البت في الطعن بالاستئناف في الأوامر الصادرة في قضايا تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ بالصيغة التنفيذية ويستحسن جعلها مسطرة تواجهية وذات طبيعة استعجالية، وذلك بالنظر لما تتميز به المرحلة الاستئنافية من نشر الدعوى من جديد وإتاحة الفرصة للمطعون ضده لتقويم دعواه وتعزيزها بالأدلة المناسبة، هذا بالإضافة إلى أنها تعتبر أخير درجة من درجات التقاضي.

+ ضرورة التنصيص على أن العقود الأجنبية القاضية بالطلاق بمختلف أنواعه والاشهادات الصادرة عن المحاكم الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية وكذا عقود الطلاق المبرمة أمام الموثقين بأنها تدخل ضمن اختصاصات رئيس المحكمة الابتدائية المنصوص عليها في الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية.

+ ضرورة تعديل الفصل 432 من قانون المسطرة المدنية وذلك بجعل عقود الطلاق الأجنبية بمختلف أنواعها وكذا عقود الزواج الأجنبية من اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للأمور المستعجلة.

+ ضرورة التطرق لمسألة التنفيذ المعجل وعلاقته بالطعن المقدم من قبل أحد الأطراف المعنية بالنزاع وخاصة في الشق المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية، والعمل على إقرار قاعدة “إن الاستئناف وأجله يوقفان التنفيذ”، وذلك بالنظر لصعوبة واستحالة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه في حالة وقوع تنفيذ الأمر بمنح الصيغة التنفيذية بعدما تتصدى جهة الطعن للأمر المذكور وذلك بإلغائه والحكم من جديد برفض طلب تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية، لأنه سيترتب عن التنفيذ نشوء مراكز قانونية أخرى كإقام زيجات على ضوء الأمر القاضي بمنح الصيغة التنفيذية أو وجود أبناء إلى غير ذلك من الحالات التي يصعب تداركها وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه.

+ ضرورة التنصيص على أن الطعن بالنقض يوقف تنفيذ الأمر بمنح الصيغة التنفيذية في الشق المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية، لأنه يسري عليه ما يسري على الطعن بالاستئناف لصعوبة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بعد نشوء مراكز قانونية أخرى.  

مشاركة