الرئيسية روبورتاج المساكنة “الكونكيبيناج” زواج بلا قيود

المساكنة “الكونكيبيناج” زواج بلا قيود

مساكنة 1.jpg
كتبه كتب في 20 ديسمبر، 2018 - 5:56 مساءً

صوت العدالة/ وهيبة ايت زري

مع مرور الزمن اختلفت نظرة الشباب المغربي لقدسية الزواج، ذلك الرباط الوثيق الذي تطبعه المودة والرحمة والسكينة، فاختلط المقدس بالمدنس في زمننا هذا وأصبح بعض المغاربة وخاصة الشباب يفضلون المساكنة أو ما يسمى بـ”الكونكيبيناج” على الزواج وفق شرائع الدين الاسلامي والاعراف والتقاليد.

المساكنة أو “الكونكيبيناج” من الظواهر الجديدة التي طغت على العلاقات العاطفية بين الجنسين بالمغرب خاصة بالمدن الكبرى، اذ اصبحت الظاهرة تعرف انتشارا واسعا في صفوف المغاربة. فلم تعد المساكنة من الطابوهات المسكوت عنها، بل حقيقة تفرض نفسها على المجتمع المغربي بشكل قوي.
خلال الإعداد لهذا الربورطاج كان لا بد أن نستقي أراء المغاربة حول “الكونكيبيناج”، فكانت اجاباتهم مختلفة بين مؤيد ومعارض لفكرة المساكنة.
محمد رجل في ربيعه الخامس يؤكد أن فكرة المساكنة بين الجنسين ظاهرة غير أخلاقية، وتضرب في الصميم تقاليد وأعراف المجتمع المغربي، كما أن شباب اليوم أصبحوا يقلدون الاجانب، مصرحا بعفوية “هادشي راه غير بسالة وضسارة ديال أولاد ليوم..”
في حين يرى سهيل شاب في عقده الثاني، طالب جامعي أن المساكنة نوع من التواصل قبل الزواج لفهم شخصية الآخر، كما أنها نوع من المساعدة بين الطرفين لمواجهة مصاعب الحياة خاصة المادية منها، فضلا على ذلك فهي تضمن الاستقلالية الذاتية للطرفين.

من الإستضافة إلى المساكنة

“موضوع الكونكينيياج مقررناهش في البداية وإنما جا بوحدو…”، هكذا عبرت “ملاك” (إسم مستعار) خلال لقائنا بها في إحدى المقاهي رفقة الشاب الذي تعيش معه ما يناهز سنتين في احدى الشقق بالعاصمة الاقتصادية.
تقول ملاك: ” أنا أنحدر من مدينة تازة جئت إلى الدارالبيضاء لأكمل دراستي الجامعية، وبعدها اشتغلت بإحدى المؤسسات الخاصة لمدة سنتين كنت أنا و “مراد” (إسم مستعار) مجرد أصدقاء، إلا أن واجهت أزمة مادية خانقة، حيث لم يعد بمقدوري دفع أجرة البيت الذي كنت أكتريه، لأنني كنت من بين المطرودين من المؤسسة التي اشتغلت فيها لأكثر من سنة، وقتها اقترح “مراد” أن يستضيفني في بيته إلى أن أجد عملا آخر، وخلال الأيام الأولى التي عشنها تحث سقف واحد بدأنا نشعر بمشاعر الحب تجاه بعضنا وبعدها صارحنا بعضنا وقررنا أنا نعيش كحبيبين وليس كصديقين.
العيش كحبيبين وتحت سقف واحد، وبدون عقد زواج أمر مخالف للشرع والقانون، ما جعلنا نتوجه بالسؤال إليهما، ما الذي يمنعكما من الزواج بعقد شرعي؟ لم يتوانى مراد في الرد على السؤال قائلا : ” نحن نعلم أننا نقيم علاقة غير شرعية ومحرمة وغير مقبولة في مجتمعنا لكن هذا إختيارنا وهذه حريتنا، مضيفا “حنا محترمين راسنا والمحيطين بينا وحتي جيران كيضنو بلي حنا مزوجين وهاكا مغيكونش عندنا المشاكيل” وزاد مبتسما “علاقة الحب اللي بينا أكبر وأقوى من ورقة ” .

المساكنة 2

لنسكن سويا بدون جنس

إذا كان مراد وملاك قد قررا العيش تحت سقف واحد كزوجين ينقسهما عقد شرعي، فإن هاجر وعماد اختارا أن يعيشا مع بعضهما في شقة واحدة لكن لكل منهما غرفته الخاصة، تحكي هاجر ذات الربيع الثالث والخجل يملأ محياها، قائلة : ” قبلت بالسكن مع عماد بعد تردد وتفكير عميق، حيث قبلت بالوضع لأني أثق في عماد كثيرا وذلك لأننا اشتغلنا معا لسنوات، كما أني أرى فيه الشخص الذي يحترمني ويحترم افكاري وميولاتي وطباعي”
حالة هاجر وعماد الفريدة من نوعها أثارت فضولي للسؤال عن مستقبل علاقتهما؟ أتى الجواب على شكل عناق خجول، ثم رد عماد وهو ينظر إلى هاجر علاقتنا ستستمر، مضيفا “علاقتي ب هاجر مامبنياش على الجنس لأننا اتفقنا في البداية باش نسكنو مع بعض وكل واحد يعيش في غرفة”. وفي ذات السياق تؤكد هاجر أن الهدف من المساكنة هو معرفة الشريك الذي ستكمل معه مشوار العمر.

المساكنة حل لتواري المثليين عن الانظار

لا يريد كل من أنس و بدر النظر إلى تجربتهما وكأنها تمرد أو خرق لقوانين وأعراف المجتمع، بل هي حرية فردية ولكل واحد كامل الحق في العيش كما يريد.
بدر شاب في ربيعه الثاني، يحكي بحركات أنثوية قائلا: ” أن تكون مثلي الجنس في المغرب… أسوأ من أن تكون مصاب بمرض مميت، نحن فقط نريد العيش بحرية وبشكل مريح في المجتمع”، لكن أنس يضيف بطريقة لاذعة “المجتمع بالنسبة لي كامل مبني على النفاق والكذب” وقبل أن يسترسل أنس يوقفه بدر عن الحديث ويقول ” إن لكل الشباب رغبات جنسية والكل يسعى إلى إشباعها، ولكن الميولات تختلف وأيضا الطرق نحن قررنا أن نعيش سويا، بعيدا عن أنظار المجتمع، لنتجنب النظرة الدونية والاحتقار لأن المجتمع المغربي لا يتقبل الاختلاف خاصة فيما يتعلق بالميولات الجنسية”.

المساكنة 3

المساكنة بين رجل وامرأة علاقة زنا

المفروض في العلاقة بين الرجل والمرأة هو ابرام عقد الزواج، وذلك حتى لا تضيع حقوق المرأة في ما يخص تبعات هذه العلاقة من حمل وارث وغيرها، والأمر كذلك بالنسبة للرجل.
في هذا الصدد أوضح الاستاذ مصطفى بوهندي، باحث وأستاذ مقارنة الاديان بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن علاقة الرجل بالمرأة تستوجب عقد زواج، كما ينص على ذلك الدين الاسلامي، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: {وَجَعَلَ منْهَا زَوْجَهَا ليَسْكنَ إليْهَا}، فالأصل في الزواج هو السكينة والمودة والرحمة بين الزوجين.
ويؤكد المتحدث ذاته على ضرورة وجود عقد زواج شرعي بين كل رجل وامرأة قررا أن يعيشا معا تحت سقف واحد، يقول الاستاذ بوهندي ” إن العقد هو التزام من الرجل والمرأة يؤكد على أن علاقتهما دائمة، ولست علاقة مؤقتة لقضاء حاجة عابرة، والتزام بما يترتب على هذه العلاقة من تبعات”.
ويشير مصطفى بوهندي إلى أن المخالفات التي يقوم بها بعض الناس، ويقدمونها بأسماء ومصطلحات تنميقيه مثل “المساكنة”، فهي تعتبر زنا يحرمها الشرع ويرفضها المجتمع.

مشاركة