الرئيسية أحداث المجتمع قاضٍ معزول: “المجلس الأعلى” اشتغل بمنطق المحاباة والولاء

قاضٍ معزول: “المجلس الأعلى” اشتغل بمنطق المحاباة والولاء

jaafarhasoun 320419779.jpg
كتبه كتب في 21 ديسمبر، 2016 - 12:50 صباحًا

قالَ جعفر حسون، القاضي المعزول، إنَّ المجلسَ الأعلى للقضاء، الذي كانَ عضوا فيه قبْلَ عزْله، لم يسبقْ له أنْ عاش وضعه الدستوري منذ أوَّل دستور للمملكة سنة 1962 إلى الآن، مُشبّها إيّاه بـ”اللجان الثلاثية متساوية الأعضاء”، وهي هيئات استشارية تُعنى بتتبع القضايا المتعلقة بالمسار المهني للموظفين.

وقسَم حسون، في ندوة نظمها فرع نادي قضاة المغرب بالقنيطرة، المراحل التاريخية للمجلس الأعلى للقضاء، الذي أضحى يحمل اسم المجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلى أربع مراحلَ، “اتّسمت أولاها باختيار الأعضاء الأربعة للمجلس من شيوخ المهنة، وتسييره بشكل يعتمد على أعراف وتقاليد أكثر من أي شيء آخر”، وفق تعبيره.

طريقة اختيار أعضاء المجلس خلال هذه المرحلة، حسب جعفر حسون، “أفضتْ إلى وجودِ نوع من التعارف بين الأعضاء، يسمح بتسيير المجلس على أساس الأعراف المتّفق عليها”، مُبرزا أنَّ “المجلس لم يكن لديه تصوّر حول استقلالية القضاء، بلْ كانتْ مهمّة أعضائه موازية وثانوية، وكانَ في مدّة ولايته (4 سنوات) قد لا يجتمع إلا مرة أو مرتيْن”.

أمّا المرحلة الثانية من تاريخ المجلس الأعلى للقضاء، فقال حسون إنها لم تكن ذات معالم محدّدة بدقة؛ ذلك أنَّ عمليّة الانتخاب، التي قال إنها كانت “بأظرفة مفتوحة”، وإنْ مكنّت من دخول نماذج أخرى من القضاة، “إلا أنّ المجلس، وعلى غرار المرحلة الأولى، لم يكن لديه تصوّر لاستقلال القضاء، ولم يكن منشغلا بالهموم والمشاغل التي هي جزء من صيرورة الثقافة الحقوقية”.

جعفر حسون، الذي شبّه عرْضه أمامَ لفيف من القضاة والمحامين، ومدير ديوان وزير العدل والحريات، بـ”لحظة مصارحة”، قالَ حين استعراضه للمرحلة الثانية من تاريخ المجلس الأعلى للقضاء، الذي خبِرَ كواليسه، إنّه تحدّث “بتحفّظ شديد بما يقتضيه المقام العالي، وإلا فإنّ الحديث عن هذه المرحلة يقتضي فتح هيئة إنصاف ومصالحة جديدة للنبش فيها”، وفق تعبيره.

وذهب المتحدث ذاته إلى أنَّ المجلس الأعلى للقضاء في المرحلة الثانية، التي لمْ يحدّدها بالضبط، “عرف كثيرا من التجاوزات والتعسفات وكثيرا من الضحايا، بخصوص إهمال ترقية البعض، والنقل الجزافي للبعض، وبالمقابل محاباة البعض الآخر”، مضيفا: “المعيار الذي كان سائدا هو الولاء.. وهذا هو مشكل المؤسسة، التي أنتجتْ ثقافة لا علاقة لها بما نصْبو إليه اليوم، وقيَما معيّنة لا علاقة لها بالمهنية”.

واستطردَ جعفر حسون بأنَّ المرحلة الثالثة، التي تولّى فيها عمر عزيمان مسؤولية وزارة العدل، “كانتْ مرحلة فاصلة تماما، إذ تحقّقت فيها منجزات هامّة أفضت إلى وضع القضاء على سكته التي نسير عليها اليوم”، مضيفا: “السؤال المطروح هو كيف كانَ المجلس الأعلى للقضاء يشتغلُ وعلى أيّ أساس منذ سنة 1962 إلى غاية سنة 1998؟”.

وتحدّث حسون عن المرحلة الرابعة، التي كانَ فيها عضوا في المجلس الأعلى للقضاء، قائلا: “دخلتُ بوعي مختلف تماما..كنت أعتقد أنني سأنصت إلى حُكماء، لكنّ الذي حصل هو أنني وجدتُ فراغا، إذ كانَ المجلس مثل حكومة تصريف الأعمال، ولم يكنْ يهتم سوى بالأوضاع المهنية للقضاة لا أقلّ ولا أكثر، وأنا دافعت عن أنّ دوره يجب أن يكونَ أوسع”.

حسون تطرّق إلى قضيّة بارون المخدرات منير الرماش، التي كانت سببا في فصْله من المجلس، ذلك أنّه، حسب إفادته، طرحَ في اجتماع للمجلس مسألة اعتقالِ خمسة قضاة والزجّ بهم في السجن بسبب هذه القضية، دون احترام المساطر القانونية، مشيرا إلى أنَّ وزير العدل آنذاك، محمد بوزوبع، ردَّ عليه بالقول: “المجلس لا دخْلَ له في هذه الأمور”.

وأضاف جعفر حسون أنّه لجأ، رفقة قضاة آخرين، بعد ردّ وزير العدل الراحل، إلى توقيعِ عريضة قصْدَ توجيهها إلى الملك محمد السادس.. “لكنَّ هذه المبادرة أجهضتْ بتوقيفي من المجلس”، يقول المتحدث ذاته.

مشاركة