الرئيسية آراء وأقلام ” وجع الطبشور “

” وجع الطبشور “

IMG 20250421 WA0093
كتبه كتب في 21 أبريل، 2025 - 11:57 مساءً

صوت العدالة / ذ. رضوان السباك

ما يحدث في الساحة التعليمية اليوم من تفشي ظاهرة العنف ضد الأستاذات والأساتذة من الاوساط التلاميذية، ليس وليد الصدفة او سلوك نشاز متطرف يمكن غض الطرف عنه والمرور عليه مرور الكرام، بل هو أسلوب يعتمده التلاميذ الذكور خصوصا ،حيث أصبح “تراند” عند معظمهم وذلك إما نتيجة لتلبية نزواتهم الطائشة المتسمة في هذه المرحلة العمرية بالذات باللاعقلانية والتمرد بهدف تصدر المشهد سواء على صعيد الفصل او المؤسسة، أو نتيجة إضطرابات نفسية يعاني منها التلاميذ لا سيما الذين ينحدرون من الاوساط الفقيرة و الهشة بسبب مشاكلهم الأسرية، أو نتيجة تصفية حسابات على شكل عصابات المافيا بين مجموعات “المشرملين” من التلاميذ إنطلاقا من وسائل التواصل الاجتماعي و مرورا بمحيط المؤسسات الذي أصبح مرتعا لمختلف الفئات السنية من مستهلكي المخدرات الذين يتأبطون سيوفهم، بيد أنه لا يغلب على نجواهم غير المصطلحات الساطورية مثل: “لمضا” “الساطورة” ، “14” ، “الحبيبة”…، ووصولا إلى نقل تلك المعارك الضارية إلى داخل أسوار المؤسسات التعليمية.

لكن ما يزيد الطين بلة هنا، هو أن هذا العنف الذكوري الزاحف على أسوار المؤسسات يجرف معه “المراهقات” من التلميذات وبالتالي فلا غرابة أن يكتوي بنار هذا العنف كل من الجسم التربوي و الإداري للمؤسسات الذي ترك معزولا و محشورا في الزاوية يواجه مصيره وحده مع عينة “مشرملة” من وحوش “مذكرة البستنة” التي لا ضير عندها مادامت تعلم علم اليقين أن هذه المذكرة المذكورة هي الملاذ الأخير لها و الذرع الواقي لها من كل عقوبة رادعة…

وجدير بالذكر، أن هذا المآل التي آلت إليه المدرسة العمومية المغربية اليوم، ما هو إلا نتاج قطيعات إبستمولوجية في سيرورة السياسات التعليمية المتعاقبة منذ عقود، هذه السياسات كانت تصاغ على شكل سلسلة لا متناهية من الملتقيات تروج فيها التعبيرات المسكوكة كنظريات و تدون فيها النوايا الحسنة كتوصيات و هذا يدعو صراحة إلى نقطة نظام و إلى إرتداء نظارات ذات العدسات المجمعة من طرف الساهرين على القطاع الوصي، بغية “تكبير” رؤية كل حادث مهما كان حجمه صغير ام كبير والوقوف عند أدق التفاصيل، و إنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى لا ننصدم كما ينصدم البول بالحائط.

وظني أن واقعة الغدر بالمرحومة الأستاذة هاجر، هو غيض من فيض من مجموعة من الاعتداءات اليومية اللفضية والجسدية الذي يتعرض هذا الجسم التعليمي المريض، المنهك أصلا وسط التدابير الإرتجالية و العشوائية للوزارة المعنية في ظل غياب الرقابة الأسرية و هيمنة الثقافة الرقمية “السلبية” على مخيلة هذا النشىء الذي يتشبع يوميا ب “لايفات” السفه والكلام النابي لسفاسف بعض “اليوتبرز” المغاربة.

إذ لا يعقل أن تكون أعصاب إمراة او رجل تعليم دائماً هادئة أمام قسم بعضه مغيب شارد الذهن و البعض الآخر يتثاءب من قلة النوم والبعض الباقي في سبات عميق أو يجتر كل ما سمعه طوال الليل في لايف الستريمر “إلياس المالكي”… إلخ

وأمام هذآ الوضع المحبط ، يبقى الأستاذ مكبلا بين مطرقة الرسالة الملقاة على عاتقه وسندان الواقع اليومي المرير الذي يعيشه مع تلاميذه.

ومجمل القول، إذا كان غدر التلميذ بأستاذته مؤلم ويحز في النفس صراحة، فلن يكون أكثر إيلاما من غياب عزاء و مواساة الوزارة الوصية على القطاع، الشيء الذي ولد موجة سخط عارمة في صفوفهم وأحسهم بأنهم أبناء غير شرعيين لها و متخلى عنهم في هكذا ظروف…

ما يطالب به أستاذ اليوم من الوزارة الوصية على قطاع التعليم، لممارسة واجبهم المهني في ظروف سلسة ومريحة، ليس المال فحسب، بل أيضاً مظلة الحماية الجسدية من جيل تعدى حدود العنف اللفظي إلى النفسي منه إلى العنف “الساطوري”، ولكن يبقى أهم مطلب للسادة الأساتذة والذي سيخفف عنهم وجع الطبشور : هي الكرامة ومن شعبها الإحساس المتبادل بالإنتماء – من وإلى- الوزارة الأم.

مشاركة