الرئيسية آراء وأقلام هل مهنة المفوض القضائي مهنة حرة ام عمومية؟؟

هل مهنة المفوض القضائي مهنة حرة ام عمومية؟؟

MOHAMED 1 e1473034068772.jpg
كتبه كتب في 5 سبتمبر، 2016 - 1:08 صباحًا

المفهوم القانوني : تشكل مؤسسة المفوضين القضائيين مهنة حرة مساعدة للقضاء يتنافى تعاطيها مع أي وظيفة عمومية أو تجارية أو صناعية ، ويخضع المؤهلون لها وجوبا للشروط والإجراءات المنصوص عليها في المادة 1 وما يليها من القانون رقم 81.03
2- شروط الانضمام لمؤسسة المفوضين القضائيين : اشترط القانون أعلاه فيمن يريد الانضمام الى مؤسسة المفوض القضائي جملة من الشروط ؛ بعضها ذو طبيعة سيكولوجية والبعض الآخر ذو طبيعة إدارية، ويمكن الوقوف على هذه الشروط كما يلي :
أ-تتلخص الشروط ذات الطبيعة السيكولوجية في التالي :
– أن يكون الهدف من ولوج هذه المؤسسة هو مساعدة القضاء بصفة مفوض قضائي يخضع لأحكام القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين .
– أن يتحقق في إدراك الممارس لهذه المهنة نوع من الانفصام المعقلن بين ما تمليه المتطلبات الذاتية في شقها الإنساني والاجتماعي ، وبين ما تمليه المتطلبات المهنية في شقها المتصل بالحياد ونكران الذات.

– أن يكون الممارس لهذه المهنة ذا مروؤة وإخلاص ، حريصا على كتمان السر المهني (، متفانيا في خوض معركة التحدي التي تستلزمها تجربة مؤسسته الفتية، ومعركة التطوير والتحديث التي تفرضها المرحلة على قطاع العدل ببلادنا.
– أن يكون الممارس لهذه المهنة متصلبا في ممانعة جاذبية المال والاثراء اللامشروع.
إن هذه الشروط ذات البعد السيكولوجي لا تخضع لمراقبة لجنة الاختبار أو هيئة التكوين حتى يمكن تلافي ما يترتب عن غيابها من أزمات ، ولكنها تتبدى مع طول المراس لتتحكم بعد ذلك في المصير المهني للمفوض القضائي ايجابا او سلبا ، لذلك ينبغي الا يكون المقدم على ولوج هذه المهنة محكوما بهاجس البحث عن الشغل وضمان لقمة العيش ، وان كان ذلك من اسمى حقوقه ، ولكن عليه ايضا تقدير درجة التوافق و الانسجام بين ميوله ومكوناته النفسية وبين الصفة التي سيتقمصها بعد قرار تعيينه ، ويعكس هذا الانسجام سيولة الخدمات المرفقية التي يقدمها المفوض لجهازه القضائي ، كما يعكسه تفانيه في القيام بمساعداته التي يستحق عليها امتيازات الاجر والتعويض.
ب- تتلخص الشروط ذات الطبيعة الادارية في التالي :
– ان يكون الراغب في ولوج هذه المهنة متمتعا بحقوقه الوطنية و المدنية و متوفرا على الكفاءة العلمية
و البدنية
– ان تكون الخدمات التي يقوم بها المفوض لفائدة القضاء و المتقاضين ذات شكل اجرائي يختلف على الاشكال الاجرائية التي تقوم بها المهن الاخرى المساعدة للقضاء
– ان تتم الخدمات التي يقدمها المفوض القضائي في صيغة مساعدة تفيد القضاء و المتقاضين نظير مقابل و في اطار مكتب منظم بشكل فردي او تشاركي ، يشتغل خارج المحكمة لكن داخل دائرتها الترابية .
و الجدير بالاشارة ان المادة 4 من قانون المفوضين القضائيين حصرت سن الراغبين في
ممارسة هذه المهنة بين 25 و45 سنة مع ادخال الغاية عند عدم الاعفاء من المباراة ، و اشترطت
الحصول على شهادة الاجازة في الحقوق او ما يعادلها او الاجازة في الشريعة الاسلامية ولو مع
الاعفاء من المباراة ، في حين تركت المادة 4 من قانون الاعوان القضائيين القديم سقف السن مفتوحا ابتداء من 21 سنة ، واكتفت باشتراط شهادة البكالوريا كحد ادنى للكفاءة العلمية .
من جهة اخرى نلاحظ ان القانون الجديد خلافا لسابقه يرتقي بالممارسين لهذه المهنة من مصاف الاعوان القضائيين الى مصاف المفوضين القضائيين ، مع ما يتضمنه مصطلح التفويض من دلالة قانونية تتجاوز اصلاح العون و المعاونة .
ان تأكيد المادة الاولى المشار اليها آنفا على كون المفوض القضائي مساعدا للقضاء ، لايكرس تجميد العمل بقانون الاعوان القضائيين فحسب ، وانما يؤسس لمهنة بديلة تنهض بمساعدة القضاء كبقية المهن القضائية الاخرى ، مما يترتب عنه انتهاء طابع التبعية وعلاقات الاذعان التي كانت تصل مهنة العون القضائي بغيرها من المهن المماثلة.
حلل وناقش
بعد قراءة البحث التالي:
رغم الطبيعة الحرة للمهنة إلا أن المشرع أوكل إليها مهاما من مهام السلطة العمومية وأضفى على المفوض القضائي صفة الموظف العمومي من خلال الحجية التي تتمتع بها محرراته ومحاضره عند قيامه بالإجراءات الموكولة إليه.
ورغم أن انطلاق ممارسة المهنة بالمغرب لم تكن إلا في بداية تسعينيات القرن الماضي بمهام واختصاصات محدودة جدا،إلا أنها تمكنت في فترة وجيزة من أن تصبح أحد دعامات مرفق القضاء.
ولعل هذه النجاحات التي حققتها المهنة لم تكن بمحض الصدفة ولا عطاءا من أحد،بل إنها تحققت في زحمة من الرافضين للتجربة والمعادين لها،من تحالف للوبيات عملت طيلة العشرين سنة الماضية على وضع متاريس في طريق بناء وتطور المهنة.إلا أنه وبالرغم من كل هذه المحن تمكنت من فرض كينونتها بفضل ما حققته من نجاعة في الأداء مكنت منظومتنا القضائية من تجاوز أكبر مشكل أثر على سيرها العادي إبان فترة الثمانيات والتسعينيات من القرن الماضي ألا وهو مشكل التبليغ والتنفيذ.
ولا يتوقف دور وأهمية المفوض القضائي في التبليغ والتنفيذ فقط،وإنما من حيث الدور المنوط به داخل المجتمع باعتباره ضابط عمومي لتدخله الأثر المباشر في سعي الفرد إلى تأمين توازن حقوقه مع الآخر أو مع الجماعة.
فالمفوض القضائي إلى جانب دوره في الإثبات من خلال إثبات وقائع يضمن توثيقها في محضر رسمي حقوق أفراد أو جماعات إثبات وقائع تضر بحقوق ومراكز أشخاص ذاتيين أو معنويين أو إثبات إخلال بواجبات ينتج عنه نفس الأثر.
يتدخل أيضا لإنجاز محاضر لوقائع وحالات لتقاطع حقوق وواجبات أشخاص سواء ذاتيين أو معنويين أو من القانون العام. كتدخله في مادة الإضرابات،أو المنافسة الغير المشروعة،أو الانتخابات أو في مساطر تأسيس الأحزاب والجمعيات.
ومن ثمة فالمفوض القضائي ينفرد بخاصية اتساع المجال القانوني لتدخله،فعلى خلاف الموظف الذي ينحصر تدخله في نطاق المهمة المحددة له يتنوع ويتعدد المجال القانوني لتدخل المفوض
القضائي في نطاق تفاعل حقوق وواجبات الأشخاص الذاتيين والمعنويين.
بعد هذه التوطئة ربما ستشاطرونني الرأي بأن هذا الدور المهم والخطير للمفوض القضائي لتدخله في ميدان تقاطع حقوق الأفراد والجماعات سيجعل كفة واجباته أشمل وأوسع من كفة حقوقه.
وإن أول حق أساسي ومتأصل للمفوض القضائي أقرته المادة الأولى من القانون المنظم للمهنة كما أشرنا إليه سابقا، هو حقه في ممارسة مهنته وفقا لطبيعتها الحرة، بحيث أنه يمارس مهامه التي أوكلها إليه القانون دون أن يخضع لأية سلطة رئاسية إلا ما يفرضه عليه القانون بحياد وتجرد وضمير مهني يقظ.
ولعل ما يضفي على هذا الحق سموه كون المفوض القضائي يتشرف بأن مباشرته لإجراءات تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية سندها أمر ملكي مضمن بالفصل 433 من ق.م.م وهي الصيغة التنفيذية التي تذيل بها الأحكام والقرارات لأجل التنفيذ.
من الحقوق المخولة أيضا للمفوض القضائي وفقا لأحكام المادة 2 من القانون المنظم للمهنة،حقه في إحداث مكتب خاص به ليمارس به مهامه سواء بشكل فردي أو في إطار نظام المشاركة وفقا لما هو منصوص عليه في الباب الحادي عشر من قانون المهنة من المواد 47 إلى 52. ويحق له وفقا لأحكام المادة 14 من النظام الداخلي أن يضع لوحة إشهارية عند مدخل مكتبه،تتضمن اسمه الشخصي والعائلي والشهادة العليا المحصل عليها كما يحق له أن يضمن بها صفته كرئيس للمجلس الجهوي أو الهيئة الوطنية.
وباعتبار طبيعة مهام المفوض القضائي والتي ينتج عنها وجود احتكاك يومي ومباشر مع شرائح مختلفة من المواطنين وحتى يكون المفوض القضائي آمن عند مباشرة مهامه فقد أقرت المادة 27 من القانون 03-81 حقه في الحماية القانونية وفقا لأحكام الفصلين 263و267 من القانون الجنائي.
ولنعرج الآن على التشريع الجزائري لمقارنة المقتضيات التي تطرقنا إليها في التشريع المغربي.
فمهنة المحضر القضائي منظمة في الجزائر بمقتضى القانون 06-03 الصادر بتاريخ 20 فبراير 2006.
وعلى خلاف التشريع المغربي الذي لم يتطرق صراحة للصفة الضبطية للمفوض القضائي نجد أن المادة 4 من القانون الجزائري تنص صراحة على أن المحضر القضائي ضابط عمومي مفوض من قبل السلطة العمومية يتولى تسيير مكتب عمومي لحسابه الخاص وتحت مسؤوليته.
كما أن المادة 5 من نفس القانون نصت على أن مهنة المحضر القضائي تمارس إما في شكل فردي أو في شكل شركة مدنية مهنية أو مكاتب مجمعة.
وعلى خلاف التشريع الجزائري الذي أحكم تنظيم أشكال ممارسة المهنة وخاصة عند ضبطه لنظام الشركة عند تنصيصه على قبام شركة مدنية مهنية كنظام قانوني مستقل مع ما يستتبع ذلك من إضفاء طابع الشخص الاعتباري عليها.
وهذا على خلاف التشريع المغربي الذي أوجد نظاما غريبا أسماه نظام المشاركة الذي لايفضي إلى قيام نظام الشركة المدنية المهنية ذات الشخصية الإعتبارية كما هو عليه في التشريع الجزائري.
أيضا من المقتضيات الهامة التي تميز التشريع ما تضمنته المادة 7من القانون المنظم للمهنة والتي نصت على أنه يتمتع مكتب المحضر القضائي بالحماية القانونية فلا يجوز تفتيشه أو حجز الوثائق المودعة فيه إلا بناءا على أمر قضائي مكتوب وبحضور رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين أو من يمثله.
وهذا بطبيعة الحال مع الحماية المقررة لشخص المحضر القضائي والمقررة في المادة 19 من القانون المذكور.
خاصية يتميز بها التشريع المغربي ما تضمنته المادة 13 من القانون 03-81 التي نصت على أنه يمكن نقل المفوض القضائي من دائرة المحكمة التي يوجد بها مكتبه إلى دائرة محكمة أخرى بقرار لوزير العدل بعد استشارة اللجنة المنصوص عليها في المادة 9 .
وللإشارة فقط فقد اجتمعت هذه اللجنة خلال شهر يونيو من سنة 2010 وبثت في أزيد من (30) طلب انتقال وتم قبول غالبيتها،وعلى خلاف التشريع المغربي لم يتضمن قانون المحضرين الجزائريين مقتضى مشابه يسمح بانتقال المحضر القضائي من دائرة قضائية إلى أخرى.
من الحقوق المقررة أيضا بحكم القانون للممارسين لهذه المهنة ليس فقط في التشريع الجزائري بل بتشريعات جميع الدول التي تعتمد نظام المفوضين القضائيين، حقهم في ممارسة مهنتهم بشكل قار ودائم في نطاق اختصاصات محددة وغير مشتركة مع أية جهة كانت.فقد نصت المادة 12 من القانون الجزائري على اختصاصات المحضر القضائي والتي من ضمنها تنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات القضائية الصادرة في جميع المجالات ما عدا المجال الجزائي.
القيام بتحصيل الديون المستحقة وديا أو قضائيا أو قبول عرضها أو إيداعها.
فعلى خلاف التشريع الجزائري نجد أن المادة 15 من القانون المنظم للمهنة بالمغرب وبعد أن حددت الاختصاصات المخولة للمفوض القضائي،أوجدت جملة من الاستثناءات وبصيغ غير دقيقة ومحددة،وهذه الاختصاصات تمارس واقعيا بتداخل بين إكراهات الواقع السائد بكل محكمة ومزاج المسؤول بها وتفسيرات الدوريات،مع الإشارة إلى أن الاحتجاجات التي ما فتئ يخوضها المفوضون القضائيون،تروم في عمقها إلى رفع الحصار المفروض على المهنة.
من الحقوق المخولة للمفوض القضائي والمترتبة عن قيامه بالمهام الموكولة إليه،حقه في أن يتقاضى أتعابا عن ذلك وفقا لما نصت عليه المادة 28 من القانون المنظم للمهنة بالمغرب والتي اعتبرتها أجرا على خلاف المادة 37 من القانون الجزائري التي نصت على أنه يتقاضى المحضر القضائي أتعابا عن خدماته.
ولعل هذا الجانب المتعلق بالأجر وفق التشريع المغربي هو من علامات الحصار الذي تعاني منه المهنة بالمغرب.
فقي حين نجد أن التشريع الجزائري نظم بشكل محكم أتعاب المحضرين القضائيين سواء من حيث الكم أو من حيث الكيف.
نجد انه وبالنسبة لواقع حال المفوضين القضائيين بالمغرب ولأزيد من 15 سنة وهم يتحملون عبئ التبليغ في المادة الجنائية بشكل مجاني ناهيك عن هزالة الأجور المحددة لباقي أصناف الإجراءات وهذا ما يعطي المشروعية لنظالاتهم المتعاقبة.
من الحقوق المخولة للمفوض القضائي ليس فقط في نطاق التشريع المنظم لمهنته بل وفق ما تفرضه أحكام وقواعد العدل والإنصاف،أن تكون محاكمته عند متابعته تأديبيا محاكمة عادلة وفقا لقواعد الديموقراطية والعدل.
ففي حين نجد في التشريع المغربي وخاصة في المادة 34 من القانون المنظم للمهنة ما يعطي الصلاحية لوكيل الملك خلال تحرياته بإمكانية إيقاف المفوض القضائي مؤقتا عن العمل لمدة لا تتجاوز شهرين وتحريك المتابعة التأديبية في حقه.
نجد أن التشريع الجزائري نص على ضمانات قوية لصالح المحضر القضائي فالإيقاف المؤقت يكون فقط من اختصاص وزير العدل وفقا لأحكام المادة 57 من القانون المنظم للمهنة.
والتي جاء فيها : ” إذا ارتكب المحضر القضائي خطأ جسيما :…… أمكن لوزير العدل توقيفه فورا وبعد إجراء تحقيق أولي يتضمن توضيحات المحضر القضائي المعني وإبلاغ الغرفة الوطنية بذلك.”
هذا ولأن كانت العقوبات التأديبية متشابهة بين ما هو منصوص عليه في المادة 38 من القانون 03-81 المغربي والمادة 50 من القانون 06-03 الجزائري والتي تتدرج بين الإنذار والتوبيخ والسحب المؤقت والعزل.. فإن الجهة التي تصدر عنها هذه العقوبات تختلف جذريا بين حالة التشريع المغربي الذي يعطي الاختصاص لغرفة المشورة بالمحكمة الابتدائية المختصة ويستأنف المقرر التأديبي الصادر في حق المفوض القضائي أمام غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف وفقا لأحكام المادتين 39-40 من القانون 03-81.
في حين أن الجهة المختصة بالتأديب في القانون الجزائري والتي تصدر عنها إحدى العقوبات المشار إليها هي المجلس التأديبي المنتخب وفقا لأحكام المادة 51 والمتكون من سبعة 7 أعضاء من بينهم رئيس الغرفة والستة الآخرين ينتخبون لمدة ثلاثة 3 سنوات قابلة للتجديد.
وتستأنف قرارات المجلس التأديبي أمام اللجنة الوطنية للطعن،والتي تتشكل من ثمانية 8 أعضاء أساسيين .أربعة 4 قضاة برتبة مستشار بالمحكمة العليا يعينهم وزير العدل وأربعة 4 محضرين قضائيين تختارهم الغرفة الوطنية من غير أعضاء المجالس التـأديبية. ويمكن لكل من وزير العدل ورئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين أن يعينا ممثلا عن كل منهما أمام اللجنة الوطنية للطعن.ووفقا لأحكام المادة 62 فإنه لا يمكن إصدار عقوبة العزل إلا بأغلبية ثلثي الأعضاء المكونة للجنة.
ولعل الجميع سيلاحظ الفرق الشاسع بين مسطرة التأديب في التشريع المغربي، والتي هي أشبه بمساطر المحاكمة في إطار الحق العام وبين الضمانات القوية التي تميز النظام التأديبي لمهنة المحضر القضائي بالجزائر والتي هي أقرب إلى التحكيم منه إلى المحاكمة في إطار أجهزة منتخبة ينعقد إليها هذا الاختصاص وفق ما أشرنا إليه من قبل.
القسم الثاني: واجبات المفوض القضائي في إطار القانون المنظم للمهنة والقانون المقارن:
أوجبت المادة الأولى من القانون المنظم للمهنة على المفوض القضائي ممارسة مهنته وفقا لأحكام القانون المنظم لمهنته وللقوانين التنظيمية المتعلقة بتطبيقه،في تنافي تام مع ممارسة أية وظيفة أو مهمة عمومية إلخ…. ومع كل عمل خارج مهامه يؤدى عنه أجر باستثناء النشاطات العلمية.
والمفوض القضائي ملزم بأداء اليمين قبل مزاولة مهنته وفق الصيغة الواردة في المادة 10 من القانون المنظم للمهنة والتي تفرض عليه الالتزام بالسر المهني.
وتفرض المادة 16 من القانون المذكور على المفوض القضائي ممارسة المهام الموكولة إليه في تنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات وإنجازها،وفقا للقواعد العامة للتنفيذ تحت مراقبة رئيس المحكمة أو من ينتذبه لهذه الغاية وإشعار المحكمة بمآل ملفات التنفيذ وبأسباب التأخير في إنجاز الإجراءات.
كما أن الفقرة الثالثة من نفس المادة تفرض عليه خلال أجل لا يتعدى 10 أيام من تاريخ تسلمه ملف التنفيذ مباشرة إجراءات التنفيذ وفقا للقواعد العامة للتنفيذ المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية وقانون إحداث المحاكم التجارية،وبتحرير محضر تنفيذي داخل أجل عشرين يوما من تاريخ انتهاء أجل الأعذار،مع إشعار طالب التنفيذ بالإجراء المنجز داخل أجل 10 أيام من تاريخ إنجازه.
كما أنه وفقا لأحكام المادة 18 من قانون المهنة فهو ملزم بإنجاز محاضر الإجراءات الموكولة إليه في ثلاثة 3 أصول ، يسلم الأول للطرف المعني معفى من حق التنبر ومن شكلية جبائية ويودع الثاني بملف المحكمة ويحتفظ بالأصل الثالث بمكتبه.والمفوض القضائي ملزم بإعداد المستندات والاحتفاظ بها، ولأنه مسؤول كذلك عن أخطائه المهنية فهو ملزم بإبرام عقد تأمين عن المسؤولية المدنية.
وللإشارة فقط فإن الهيئة الوطنية أبرمت اتفاقية تأمين إطار يتم إدارة وتنظيم مقتضياتها بواسطة المجالس الجهوية بحيث أن كل مفوض قضائي ملزم بأداء مبلغ محدد يشمل واجب التأمين بما فيه التأمين على المسؤولية المدنية وواجب الاشتراك الإجباري المفروض لفائدة الهيئة الوطنية وفقا لأحكام المادة 17 من المرسوم التطبيقي الصادر بتاريخ 28 أكتوبر 2008.
كما أوجبت المادة 19 من القانون 03-81 على المفوض القضائي مسك الوثائق التي لها علاقة بحقوق الأطراف لمدة خمسة سنوات من تاريخ انتهاء الإجراءات،تحال بعدها إلى كتابة الضبط بقصد الحفظ مقابل تسليم المفوض القضائي إيصال بذلك من طرف رئيس كتابة الضبط.والحقيقة أن هذه المادة لا دور مسطري لها عمليا بل أنها تتناقض والمقتضى المنصوص عليه في المادة 26 من نفس القانون، بحيث أن المفوضين القضائيين يتم إلزامهم بإرجاع الملف التنفيذي بعد إنجاز الإجراء وأهم وثيقة به هي النسخة التنفيذية،ما يدفعنا إلى التساؤل عن أية وثائق تتحدث المادة 19 المومأ إليها.
كما أوجبت المادة 25 من قانون المهنة مسك سجل مرقم محدد من حيث النموذج بقرار لوزير العدل، يضمن به المفوض القضائي يوميا الإجراءات المحالة عليه بقصد الإنجاز،ولا يكتسب هذا السجل الرسمية إلا بعد توقيع رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه على الصفحة الأولى والأخيرة منه.
والحديث عن هذا السجل يدفعنا إلى الإشارة إلى تغييب التنصيص على سجل التداول مع كتابة الضبط،وخاصة مع ما يحفل به الواقع اليومي من إشكالات تختلف من محكمة إلى أخرى.
وبالرجوع إلى القانون الجزائري نجد أنه يتضمن مقتضيات غاية في الدقة،ما يظهر تأصل المهنة في النظام القضائي الجزائري فاستكمالا لاعتبار الصفة العمومية لمكتب المحضر القضائي،نجد أن المادة 31 من القانون المنظم للمهنة تنص على سجلات مختلفة تمسك بمكتب المحضر القضائي،إضافة إلى فهرس للعقود والسندات المحررة من طرفه.
فالملفات تفتح بمكتب المحضر القضائي ومنه تخرج الإجراءات المضمنة في المحررات التي يدلي بها الأطراف أمام المحاكم.
بل أنه يستخلص بمكتبه لفائدة الخزينة العمومية الحقوق والرسوم من طرف الملزمين بتسديدها حسب ما تنص عليه المادة 35 من نفس القانون.
وهذه المقتضيات تظهر الاختلاف الجذري بين نظام مكتب المحضر القضائي الذي يعتبر موطن ومنطلق الإجراءات في وجهتها إلى المحاكم،وبين نظام مكتب المفوض القضائي الذي يعتبر مزارا فقط للملفات والإجراءات والتي حددت لها مدة الإقامة في أيام معدودات لتعود نحو موطنها بكتابات الضبط بالمحاكم.
من المقتضيات المتماثلة في التشريعين المغربي والجزائري، ما نصت عليه المادة 30 من القانون 03-81 بإلزام المفوض القضائي بمباشرة مهامه كلما طلب منه ذلك وإلا أجبر على ذلك بمقتضى أمر كتابي يصدره رئيس المحكمة التي يرتبط بها كما يمنع عليه أن يحجم عن تقديم المساعدة الواجبة عليه للقضاء والمتقاضين،نفس المقتضى نصت عليه المادة 18 من القانون الجزائري.
وباعتبار ما لإجراءات المفوض القضائي من مساس مباشر بمراكز الأطراف سواء من حيث الإشهاد على وقوع الإعلام أو التبليغ أو تضمين استجواب أو إجراء مزاد لبيع أشياء تم حجزها،إلى غيرها من الحالات التي تفرض المنع على المفوض القضائي أن يكون له هو أو لأقاربه أو زوجه أو أصوله أو فروعه أو أقاربه إلى الدرجة الرابعة مصلحة فيها حسب ما تقتضيه المادة 31 من القانون 03-81 .وهي نفس المقتضيات المنصوص عليها في المادة 21 من القانون الجزائري والتي تضمنت الفقرة الأخيرة منها تدقيقا أوسع حينما نصت على أنه لايجوز لأقارب المحضر القضائي أو أصهاره أن يكونوا شهودا في العقود والمحاضر التي يحررها.
وفي حين كان القانون المغربي دقيقا في الحالات المشار إليها حينما رتبت المادة 32 من القانون 03-81 البطلان بخصوص أي إجراء يباشره المفوض القضائي لنفسه أو لحساب زوجه أو أصوله أو فروعه إلى الدرجة الثالثة،نجد أن المادتين 22و23 من القانون الجزائري أضافتا آلية التجريح بعريضة يتقدم الطرف المعني أمام رئيس المحكمة المختصة الذي يبث فيها بأمر نهائي.
وباعتبار المفوض القضائي مؤتمن على القيم والأموال المتداولة بمكتبه والمتحصلة سواء من تنفيذ الأحكام أو القرارات أو الناتجة عن بيع المحجوزات أو المستخلصة من الحجوزات لدى الغير أو المسلمة من مدين للتحرر من دينه.
فقد أوجبت المادة 31 من القانون 03-81 على المفوض القضائي أن يودع ما تحصل بين يديه بالكيفيات المذكورة بصندوق المحكمة داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ تسلمها.
وبالنسبة للقانون الجزائري فقد تضمنت المواد 34-35-36 من القانون 06-03 مقتضيات أدق وأشمل حيث أوجبت المادة 34 على المحضر القضائي مسك نظام محاسبة لتسجيل الإيرادات والنفقات ومحاسبة خاصة بالزبائن منظمة بمقتضى نص تنظيمي.
كما أن الرسوم القضائية المفروضة على الإجراءات التي يتلقاها المحضر القضائي مباشرة بمكتبه يقوم باستخلاصها وإيداع كل ما يتم تداوله بمكتبه بالخزينة العمومية،ولهذا الغرض يفرض عليه فتح حساب ودائع بها.
وعلى هذا الأساس فالمادة 36 تمنع عليه استعمال المبالغ المودعة لديه بأية صورة كانت ولاسيما إيداعها بحسابه الخاص.

مشاركة