نادي قضاة المغرب يناقش بالمضيق الحكامة على ضوء قوانين السلطة القضائية الجديدة

نشر في: آخر تحديث:

احتضن ساحل مدينة المضيق شمال المغرب يوم السبت 25 مارس 2017 ندوة وطنية كبرى نظمها المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بتطوان بتعاون مع وزارة العدل والحريات حول موضوع : “الحكامة القضائية على ضوء مشاريع قوانين السلطة القضائية”.

الندوة عرفت حضور قامات قضائية وأكاديمية كبيرة فضلا عن ممثلين عن الجمعيات المهنية القضائية وكافة مكونات منظومة العدالة، وباحثين واعلاميين.

استهلت أشغال الندوة بكلمة السيد وزير العدل والحريات المصطفى الرميد الذي استعرض من خلالها أهم محطات الاصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، والتي توجت بصدور القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية، معتبرا أن المغرب من حقه ان يفتخر بهذه القوانين التي أتت لتكرس استقلال السلطة القضائية، وبأنها جد متقدمة حتى بالنسبة لديمقراطيات عريقة ما يزال فيها القضاء متداخلا مع السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وأضاف وزير العدل والحريات أن الوزارة ماضية في ورش تحديث المحاكم وتجهيزها من أجل تسهيل ولوج المتقاضين للعدالة وتقريبها اليهم، داعيا الجمعيات المهنية القضائية لمزيد من الانفتاح والحوار مع وزارة العدل حول تنزيل مشاريع الاصلاح المتعلقة بالقضاء، وردا عن سؤال يتعلق بمقر المجلس الأعلى للسلطة القضائية أكد وزير العدل والحريات أنه خارج عن اختصاصه.

وفي كلمة الدكتور عبد اللطيف الشنتوف رئيس نادي قضاة المغرب أكد انخراط نادي قضاة المغرب باعتباره كقوة اقتراحية في مناقشة كافة مشاريع القوانين الجديدة التي أعدتها وزارة العدل من خلال المذكرات التي يقدمها، مؤكدا عدم وجود نموذج عالمي واحد لاستقلال القضاء، لكن عددا من التجارب المقارنة في الديمقراطيات العريقة والتي استعرضها وزير العدل والحريات في مداخلاته لا تستند فقط الى النصوص وانما تجد مرجعيتها الداعمة في ثقافة عريقة ومتجذرة لاستقلال القضاء، لافتا الانتباه الى أن تخوف نادي قضاة المغرب من عدد من الثغرات الواردة في قوانين السلطة القضائية المصادق عليها، أو في مشروع التنظيم القضائي يبقى تخوفا مشروعا مرده الخوف من تكرار أخطاء الماضي، وأشار الى أن الاستقلال الاداري والمالي للمحاكم يبقى من أهم النقاط المثيرة للجدل في المرحلة القادمة. داعيا الى تنزيل سليم للنصوص القانونية الجديدة، وتمكين السلطة القضائية من الموارد المالية اللوجستيكية الكافية لعملها.

وأكدت كلمة السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض والتي تلاها السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتطوان على ضرورة الانخراط في ورش تنزيل الاصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة.

الجلسة الأولى ترأسها الأستاذ محمد المنصوري رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بتطوان

استهلت أشغال الجلسة الأولى بمداخلة الدكتور محمد الإدريسي العلمي المشيشي الأستاذ الجامعي المعروف ووزير العدل السابق في والتي تطرق فيها لفكرة العدالة من خلال المؤسسات القضائية التي تفتح مجالا معرفيا غنيا يجمع بين الفلسفة والدين والقانون، فالمتقاضون لا يطلبون فقط تطبيق القانون بشكل حرفي، أي العدل، وانما يسعون الى تحقيق العدالة التي تعني الانصاف أو الاحسان المضاف الى العدل كما هو منصوص عليه في القرآن. مضيفا بأن هذه الفكرة تطرح اشكالية التأويل بمناسبة تطبيق القانون في المجالات غير الجنائية، والتي تستوجب توافر عدة شروط وفي مقدمتها استقلال السلطة القضائية، وتخليق القضاء والجرأة، حيث يلجأ القاضي الى تأويل النصوص ويستعين تارة بمبادئ العدل والانصاف، وتارة أخرى بالاتفاقيات الدولية ليصل الى التطبيق العادل للقانون.

وأثار الدكتور محمد الإدريسي العلمي المشيشي في مداخلته عدة ملاحظات حول قوانين السلطة القضائية، داعيا الى التنصيص في النظام الداخلي للمجلس على حصر اختصاص التأديب على أعضائه من القضاة دون غيرهم، وتحسين مسطرة اختيار القضاة بمناسبة مراجعة القانون المنظم للمعهد العالي للقضاء، بالنظر الى تطور الحقول المعرفية، مما يفرض ضرورة توفر المترشح على النضج الكافي، مؤكدا أن ما يدرس اليوم في الجامعات المغربية يبقى جد متخلف عن ما يحتاجه القضاء المعاصر الذي تعرض عليه نزاعات في غاية التعقيد، ودعا الى تحسين شروط عمل القضاة للنظر في النزاعات المعروضة عليهم وهم في وضعية ارتياح، وذلك من خلال مراجعة المدد المتطلبة للترقية والوصول الى الدرجة الاستثنائية وتقليصها لرفع أي شعور بالغبن لدى السيدات والسادة القضاة من شانه التأثير على استقلاليتهم. كم دعا الى احداث مجلس للحكماء يضم قضاة فوق سن الستين والذين برزوا بكفاءتهم ونزاهتهم وعطائهم وساهموا في تحسين العمل القضائي والتشريعي والفقهي، وتمكين كافة القضاة مند تعيينهم من وسائل العمل الكفيلة بتحقيق النجاعة، خاصة الحاسوب والربط بشبكة المعلومات التي تمكن الولوج الى كافة قرارات محكمة النقض التي ينبغي تسهيل وتعميم نشرها لتكون في متناول القضاة والمحامين والمهتمين. وبخصوص الاشراف على المحاكم أكد وزير العدل السابق والعضو في الهيئة العليا للحوار الوطني حول اصلاح منظومة العدالة الدكتور محمد الإدريسي العلمي المشيشي أن “المحكمة كالسفينة لا يمكن أن تعمل برأسين”داعيا الى تصحيح العلاقة بين العمل الاداري والقضائي ومراجعة كل ما له علاقة بحدود التداخل بين التأطير والاشراف الاداري والمالي واستقلال القضاء.، ومراجعة العلاقة بين القضاء ووزارة الداخلية على مستوى الاشراف على الشرطة القضائية، والتعجيل باخراج المحكمة الدستورية التي ستساعد على تحقيق استقلال القضاء خاصة على مستوى تفعيل الدفع بعدم دستورية القوانين.

وقدم الدكتور بنسالم أودجا مدير مديرية التشريع بوزارة العدل والحريات عرضا حول موضوع: اي حكامة قضائية نريد؟ أكد فيه أن الحكامة تعبير عن ممارسة السلطة السياسية وادارتها لشؤون المجتمع وموارده وهو التعريف المتداول والمعتمد من طرف أغلب الهيئات والمنظمات الدولية.ويدل على آليات ومؤسسات تشترك في صنع القرار وقيادات منتخبة وأطر ادارية مؤهلة، ومن شروطها تكامل العمل القائم بين الدولة ومؤسساتها وبين القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في اطار تكريس قواعد المشاركة والشفافية والمحاسبة و المساءلة .

أما الحكامة القضائية فتعني توحيد الجهود من أجل تحسين الأداء وتحقيق الفعالية والنجاعة في النظم القضائية والرفع من مستوى الجودة في الخدمات، وهي ممارسة لا تتم الا بتوافر أركانها المتمثلة في الشفافية واالفعالية وحسن التدبير والتقييم والتتبع للرقي بأداء الادارة القضائية، وهي أداة أساسية في التواصل مع كافة المتدخلين. وحسب معايير المحكمة النموذجية تقوم الحكامة على تسيير الولوج الى القضاء واقتضاء الحقوق ومساءلة الفاعلين في هذه السلطة.

وتساءل الدكتور بنسالم أوديجا عن أي حكامة نريد؟ مجيبا : “نريد حكامة قضائية تضع آليات بين السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ووسائل عمل تشرك في صنع القرار وتتوافق عليه بما يحقق سير العدالة”. مضيفا :”نريد احترام القانون والتدبير الرشيد للشأن القضائي في ظل قواعد الشفافية والموضوعية والتشارك وتستجيب للمعايير الدولية”.

وأشار الدكتور بنسالم أوديجا الى أن النظام الأساسي للقضاة نص على استقلال السلطة القضائية محتفظا للمسؤول القضائي بدور الاشراف الاداري على المحكمة، وألزمه بضرورة الخضوع الى تكوين حول الادارة القضائية، وخوله عدة سلطات من بينها تلك المتعلقة بالعطل السنوية والتغيب عن العمل ومراقبة الشواهد الطبية المدلى بها وسلطة انتداب القضاة داخل الدائرة الاستئنافية، وتقييم أداء القضاة، مؤكدا على ضرورة التمييز الدقيق بين مقومات استقلال السلطة القضائية وهو شأن قضائي يندرج ضمن صلاحيات المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وما يرتبط بالوظيفة الادارية وهذا شان يندرج ضمن صلاحيات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، مؤكدا :” المسؤول القضائي ينبغي أن يكون خاضعا لوزير العدل والحريات في كل ما له علاقة بتسيير المحاكم”.

واختتم السيد مدير مديرية التشريع بوزارة العدل والحريات مداخلته بتحذير المسؤولين القضائيين من “الأنانية وحب الذات والتمسك المتحجر بالصلاحيات عند الاضطلاع بالمسؤوليات وهو ما لا يمكن أن يفرز سوى الصراعات السلبية والحسابات الضيقة”، داعيا الى سعة الصدر والروح والمرونة في التعامل والتنسيق والتكامل كقيم ايجابية تثمر المواقف المنتجة وتخلق الآثار الطيبة التي تثمر في المستقبل.

وتواصلت أشغال الندوة العلمية بمداخلة الدكتور حسن التهامي الوزاني قاض بالمحكمة التجارية بطنجة حول موضوع: “تدبير المؤسسات القضائية من خلال القوانين الجديدة للسلطة القضائية على ضوء رؤية استئناسية للتجارب المقارنة” أشار فيها الى صعوبة التمييز بين ما هو قضائي أو اداري في الاشراف على المحاكم، وهو ما يبدو بوضوح من خلال المادة 21 من مشروع التنظيم القضائي الجديد التي تنص على أن الوزارة المكلفة بالعدل “تتولى الاشراف الاداري والمالي على المحاكم بتنسيق وتعاون مع المسؤولين القضائيين بها بما لا يتنافى واستقلال السلطة القضائية”، وهو ما يجعل العلاقة بين الوزارة والمحاكم شبيهة بالعلاقة مع المصالح الخارجية للوزارات، متسائلا عن طبيعة هذه العلاقة هل هي تعاون أم تفويض، فالتعاون يكون مع السلط ولا يكون بين سلطة اي وزارة العدل كسلطة حكومية مكلفة بالعدل، وفرد وهو المسؤول القضائي، مرجحا أن تكون طبيعة هذه العلاقة حسب المستفاد من مشروع التنظيم القضائي علاقة تفويض، أي أن الوزارة تفوض جزءا من صلاحياتها للمسؤول القضائي، بما يترتب عن ذلك من رقابة ومحاسبة من المفوض الى مفوض اليه، وهي رقابة تمارس عبر آلية التقارير التي ترفعها وزارة العدل والحريات الى المجلس الاعلى للسلطة القضائية بخصوص أداء المسؤولين القضائيين.

الجلسة الثانية : ترأسها الدكتور سمير آيت أرجدال رئيس المحكمة الابتدائية بواد زم

اقرأ أيضاً: