صوت العدالة-يونس بوبو
لم يعد مجرد موعد ديني تقليدي، بل أصبح تظاهرة كبرى تحمل في طياتها رسائل عميقة من الوحدة، والتآخي، والمحافظة على الهوية الثقافية والدينية للمنطقة. فهذا الموسم الذي يمتد عبر قرون من التاريخ، يظل حدثًا استثنائيًا يجمع القبائل والزوايا من مختلف ربوع الصحراء المغربية، في أجواء تسودها الروحانية والكرم، حيث تختلط النفحات الإيمانية بالموروث الثقافي الأصيل.
الزوايا والقبائل، التي عُرفت منذ القدم بأدوارها في الحفاظ على الدين ونشر قيم التسامح، تجد في هذا الموسم مناسبة لتجديد العهد على التآزر وصون الإرث المشترك. إن موسم ملكى الصالحين ليس فقط محطة للذكر والتلاوة والابتهالات، بل هو أيضًا فضاء للقاءات الثقافية، والحوارات العلمية، واستعراض مظاهر التراث الحساني الأصيل، من شعر، وأمداح نبوية، وأهازيج محلية تعكس عمق الروابط بين الإنسان وأرضه.
وفي قلب هذا الإشعاع الروحي والثقافي، يبرز اسم رشيد التامك، الذي بصم على حضور متميز في إنجاح هذه التظاهرة. فقد استطاع بفضل جهوده وتتبعه الدقيق أن يضفي على الموسم طابعًا احترافيًا وتنظيمًا محكمًا، جعله يرقى إلى مستوى تطلعات الزوار والمتتبعين. إشرافه لم يقتصر على الجوانب اللوجستيكية، بل امتد إلى الحرص على إغناء البرنامج بمبادرات نوعية تعزز من قيمة هذا الحدث الديني والثقافي الكبير.
إن نجاح موسم زاوية آسا هذه السنة يعكس إرادة جماعية في الحفاظ على الاستمرارية، وتجديد طرق الاحتفاء بما يليق بمكانة الصالحين الذين بصموا تاريخ المنطقة. وهو في الوقت نفسه دعوة للأجيال الصاعدة للارتباط بجذورها، واستلهام الدروس من مدرسة الزوايا التي أسست عبر الزمن معاني التضامن والوحدة.
وبذلك، يظل موسم ملكى الصالحين إشعاعًا سنويًا يربط الماضي بالحاضر، ويؤكد أن الهوية المغربية، بجذورها المتعددة، قادرة على أن تشكل جسرًا يوحد القلوب قبل العقول، ويعزز من مكانة آسا كمنارة دينية وثقافية في عمق الصحراء المغربية.






