الرئيسية غير مصنف من 2024 إلى 2025: حين تنحني الأعوام لترفع أرواحنا

من 2024 إلى 2025: حين تنحني الأعوام لترفع أرواحنا

2e11e052 19ee 4339 8648 b9833972ab61
كتبه كتب في 3 يناير، 2025 - 3:23 صباحًا


معاذ فاروق

لم تكن سنة 2024 مجرد فصل عابر في رواية الحياة، بل كانت انفجاراً وجودياً يعيد ترتيب كل شيء. كانت عاماً يُشبه المرايا المتكسّرة، تعكس وجوهنا كما هي، بلا تزييف، بلا تجميل. عامٌ كشف لنا هشاشتنا وقوتنا معاً، أرغمنا على مواجهة أنفسنا، وأعاد تعريفنا للعالم من حولنا.في 2024، لم تُمنح الأيام بسخاء، بل أخذت منا ما أخذت، ثم أعطتنا مقابل ذلك رؤىً عميقة عن أنفسنا وعن الآخرين. لقد تعلمنا أن الخوف من التغيير لا يُبقي الأمور ثابتة، بل يقتلها بصمت. تعلمنا أن الحياة ليست ساحة للانتظار، بل ميدان للجرأة، وأن القلوب التي لا تجرؤ على الحلم محكوم عليها بأن تذبل قبل أوانها.على مستوى الفكر، أدركنا أن تحليل المواقف ليس رفاهية، بل ضرورة. لم تعد الأمور كما تبدو؛ كل شيء يحمل في داخله طبقات من المعاني والحقائق. أصبحنا نُفكّر بعمق، نُحلّل بوعي، ونفكّ الشيفرات الخفية التي تُحرك العالم من حولنا. لم تعد الكلمات العابرة تُخدعنا، ولم تعد الوجوه المُزيفة تُبهرنا. أصبحنا نرى في أعماق الأشياء ما لم نكن نراه من قبل.أما العلاقات، فقد كانت مسرحاً للفرز، للتمييز بين من يستحق أن يبقى ومن يجب أن يرحل. لم تعد الصداقات تُقاس بعدد الكلمات أو اللقاءات، بل بمدى نقاء النوايا وصدق المشاعر. لقد تعلمنا أن الذين يرافقوننا في قاع الألم هم وحدهم الذين يستحقون أن يحتفلوا معنا على قمم الفرح. أدركنا أن العلاقات التي تُبنى على الوهم، ستنهار عند أول اختبار حقيقي.وفي العمل والطموح، كنا كمن يعبر بحراً هائجاً بلا شراع، ولكننا لم نغرق. كان إيماننا بقدرتنا هو الشراع الذي قادنا نحو الشواطئ، حتى وإن بدت بعيدة. كنا نُقاتل، لا من أجل النجاة فقط، بل من أجل أن نصنع من الفوضى التي حولنا عالماً يشبه أحلامنا.والآن، ونحن نُقبِل على سنة 2025، لا نحمل معنا بقايا الحطام، بل نُمسك بقطع الزجاج المكسور، ونعيد تشكيلها لتصبح مرآة جديدة، تعكس قوتنا لا ضعفنا. ندخل هذا العام كصُنّاع، لا كمتفرجين. ندرك أن الحياة ليست لعبة احتمالات، بل هي قرارات وجرأة وشجاعة.في 2025، لن نكتفي بأن نعيش، بل سنترك أثراً. سنكون كالأمواج، تضرب الصخور بلا خوف، تُعيد تشكيل الشواطئ، وتصنع ملامح جديدة للوجود. سنُسقط كل الأقنعة، سنواجه كل التحديات، وسنُعيد تعريف أنفسنا من جديد.هذه السنة لن تكون صفحة بيضاء فقط، بل ستكون كتاباً نكتبه بأيدينا، كلمة كلمة، وجملة جملة. سنجعل منها شهادة على أننا أقوى مما نظن، أعمق مما نعتقد، وأعظم مما يُدركه الآخرون.ومع مرور الأعوام، نُدرك أن الأرقام تتغير، ولكن الأثر هو ما يبقى. نرجو في كل عام أن نجد أناساً يحملون نوايا صادقة، أرواحاً نقية تضيف للحياة بريقها، وتعيد إلينا الإيمان بأن الصدق لم ينتهِ، وأن الخير لا يزال يسكن بيننا.
فليعلم الجميع: نحن لا نخشى الغد، بل نصنعه. نحن لا ننتظر الفرص، بل نخلقها. نحن لا نُساوم على أحلامنا، لأننا نؤمن أن العالم يُفسح الطريق لمن يعرف إلى أين يتجه.

مشاركة