بقلم دكتور جراح معروف بمراكش
مسرحية رمزية تتخللها روح خطبة طارق بن زياد
الشخصيات:
• الظلّ: راوٍ حكيم، يتنقل بين العوالم.
• الإسرائيلي: متغطرس، سريع الغضب.
• الأمريكي: بارد، يبتسم وهو يساوم.
• الآسيوي: صامت، يراقب.
• الصوت: يعلو من خلف الستار في النهاية.
⸻
المشهد الأول
(أرض معتمة. الإسرائيلي في الوسط، متشح بالألوان العسكرية. يتنفس بسرعة.)
الإسرائيلي (صارخًا):
ضُربتُ؟ أنا؟
أنا من يضرب، من لا يُمس!
سأحرقهم، سأدكهم… لن أبقى صامتًا!
(يدخل الأمريكي، يضع يده على كتفه.)
الأمريكي (بابتسامة باردة):
اهدأ، صديقي… لا تحرجنا.
نحن نحميك بالكلام، لا بالدم.
والمال… المال لا يكفي ليُشعل حربًا عالمية.
الإسرائيلي (مذهولًا):
لكني دفعت!
منذ عقود وأنا أدفع!
أأدفع لأُترك وحيدًا؟
الأمريكي (يبتعد):
من يبدأ الرقص مبكرًا…
يتعب قبل أن تُعزف الموسيقى الأخيرة.
⸻
المشهد الثاني
(الآسيوي يجلس على صخرة، صامت، أمام شاشة حمراء مضيئة.)
الظلّ (يظهر من الخلف):
ذاك الذي لا يتكلم… ليس غبيًا.
هو يحسب، ويخزن، وينتظر.
يعرف أن البحر لا يثور مرتين دون أن يجرف صاحبه.
⸻
المشهد الثالث
(جميع الشخصيات واقفة في دائرة، محاصرة بأضواء حمراء وأصوات انفجارات ناعمة. “الظلّ” يخرج من الظلام، ويقف في الوسط، يرفع صوته كقائد جبهة، روحه تستحضر زمن طارق.)
الظلّ (بصوت جهوري):
أيّها الناس…
أين المفر؟
الدم من ورائكم،
والذلّ أمامكم،
والسلام يموت بين أنياب أطماعكم.
أيها الراقصون على أنغام الحرب،
أتعرفون لمن يُكتب النصر؟
ليس لمن يُسرع نحو الرقص،
بل لمن يصبر حين تصمت الطبول،
ويفكر حين يضيع الصوت،
ويقـاوم فتنة العظمة الكاذبة.
أيّها الناس…
أنسيتم ما قاله طارق،
حين وقف بجنده على ضفاف المجهول؟
قال: “البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر”…
فأين صدقكم؟
أين صبركم؟
وأين الحكمة التي تحفظ آخر الناجين من الحريق؟
(الضوء يخفت، وتبقى عينا “الآسيوي” لامعتين في الظل، كأنهما ترقبان النهاية.)
الصوت (من خارج الزمن):
من يبدأ الرقص مبكرًا…
يُطرد قبل أن تنتهي الحفلة.
ومن يظن أن التاريخ يُشترى،
فليراجع كيف يُكتب.
الظلّ (همسًا):
التاريخ لا يرحم المتغطرسين.
ستار
⸻
خطاب تحذيري: من يتكئ على السلاح، يسقط على شفرته
أيها السادة من سياسيين وعسكريين…
تأملوا سطور التاريخ، لا شعاراته.
فـ”هتلر”، بطائراته الأربعة آلاف، احتل فرنسا في أيام،
لكنه لم يحتل الضمير…
فكانت نهايته تحت أنقاض برلين،
يخنق نفسه قبل أن يُحاكمه العالم.
تأملوا “شارون”…
قائد دبابات، قاتل صبرا وشاتيلا، رئيس حكومة،
ثم ميت حي، بين الحياة والموت،
سنواتٍ كان فيها عقله سجينًا في جسد لا يتحرك،
وكأن العدل الإلهي قرّر ألا يُسكت لعنات الضحايا بصمت القبر،
بل بصمتٍ طويل في سرير العجز.
تأملوا “شاه إيران”، الأب والابن…
قوة، استخبارات، قمع، أرصدة…
ثم فرار، مرض، عزلة، موت غريب في منفى بارد،
وشعب لا يذكره إلا كرمز للسقوط.
وها هو “السادات”،
رجل حرب وسلام، حسم المعركة،
ثم مدّ يده فأنقذ مصر من مصير العراق وسوريا،
لكنه دفع حياته ثمنًا، حين اختلطت الشجاعة بالحساب.
أما أنتم،
من تلوكون خطاب الدم باسم الكرامة،
وتحركون الجنود على رقعة نار،
فماذا أعددتم لنهايتكم؟
أشواك الغدر؟ أم لوحات الشرف الكاذبة؟
أيها الفرنسي،
لو أنك دست بقدمك على دماء الجزائر، ولم تمد يدك إلى المصالحة،
لكان الدم ثأرًا لا يتوقف…
فمن يلطّخ يده بالدم،
إما أن يغسلها بالصدق، أو تقطعها الأيام.
⸻
الختام: لو كانت يدي في الدم…
لو كانت يدي في الدم،
فلن أطلب الغفران من الناس، بل من الله.
لأن التاريخ لا يُمحى بالمؤتمرات،
ولا تُغسل الدماء بماء المصالح.
انظروا إلى نابليون…
من انتصر على أوروبا،
وانهزم تحت ثلوج روسيا،
ومات منفيًا في جزيرة نائية،
يحرق سريره الخشبي ليتدفأ،
أسيرًا لا للعدو فقط، بل لغروره.
ظلّت فرنسا سنوات تنكر،
ثم أعادته جثةً إلى وطنه…
لكن أي وطن يستقبل ملكًا ميتًا،
لم يبق له في الدنيا غير التاريخ والقبر؟
فنحن نؤمن أن الله لا يغيب،
وأن في النهاية،
الحق لا يُهزم،
ولو صمت دهورا