شهدت مدينة الرباط انعقاد الدورة الحادية عشرة لمؤتمر خبراء القانون في البحر الأبيض المتوسط، الذي نظمته وزارة العدل بشراكة مع مؤسسة القانون القاري، بمشاركة نخبة من الشخصيات الوازنة في المجال القانوني، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات أكاديمية ومهنية من مختلف دول حوض المتوسط.
وقد شكل هذا الحدث مناسبة رفيعة لتبادل الخبرات والنقاش حول التحديات القانونية الراهنة، وتعزيز أدوار الفاعلين القانونيين في مواجهة التحولات التي تشهدها العدالة المعاصرة.
تميزت أشغال المؤتمر بالتأكيد على أهمية تعزيز الوسائل البديلة لتسوية النزاعات، من خلال تقوية آليات الوساطة والتحكيم، مع الدعوة إلى تنظيم لائحة وطنية للمحكمين وفق معايير الكفاءة والنزاهة، بهدف ترسيخ الشفافية وتحقيق الفعالية في معالجة النزاعات.
كما تمت الإشارة إلى ضرورة تسريع وتيرة الرقمنة داخل المنظومة القضائية، وتبسيط المساطر القانونية لتسهيل ولوج المواطنين إلى العدالة، خاصة في ظل تعقيدات الإجراءات التقليدية.
عرف برنامج الدورة تنظيم أربع جلسات رئيسية ناقشت مواضيع آنية ومتشعبة، شملت:
1. تطور مكانة العقد في العلاقات القانونية الحديثة.
2. دور الفاعلين القانونيين في الوسائل البديلة لتسوية النزاعات.
3. التحديات القانونية والأخلاقية المرتبطة بالمسؤولية المقاولاتية.
4. أثر الذكاء الاصطناعي على الممارسات القانونية والمهنية.
كلمة الأستاذ حاتم بكار: التحديات تفرض علينا إعادة التفكير في أدواتنا القانونية
وفي مداخلة له خلال إحدى جلسات المؤتمر، اعتبر الأستاذ حاتم بكار، محامي بهيئة القنيطرة، أن المرحلة الراهنة تتطلب تفكيراً قانونياً مرناً ومتكيفاً مع التطورات التكنولوجية والاجتماعية، قائلاً:
“الرقمنة والذكاء الاصطناعي لم تعُد مجرّد توجهات مستقبلية، بل أصبحت واقعًا يفرض علينا إعادة النظر في أساليبنا ومقارباتنا القانونية، بما يحافظ على جوهر العدالة ويُعزز ثقة المواطن في المؤسسات.”
كما أكد على أهمية تعزيز الوساطة والتحكيم كوسائل فعالة لحل النزاعات، مشدداً على ضرورة التكوين المستمر للمحامين والقضاة في هذا المجال، لضمان فعالية واحترافية الممارسة القانونية.
وختم الأستاذ بكار كلمته بدعوة صريحة إلى تحقيق تكامل بين القوانين الوطنية والتجارب الإقليمية، من أجل إرساء عدالة منفتحة وذات بُعد متوسطي مشترك.
اختُتمت أشغال المؤتمر بمجموعة من التوصيات، أبرزها تعزيز التعاون المتوسطي في المجال القانوني، وتطوير أدوات تسوية النزاعات خارج المحاكم، وتحديث المنظومات القانونية لمواكبة التحولات التكنولوجية المتسارعة.
ويؤكد هذا الحدث مرة أخرى مكانة المغرب كمنصة للحوار القانوني الإقليمي، وحرصه على تحديث العدالة وفق رؤية منفتحة ومتعددة الأبعاد.






