الرئيسية آراء وأقلام من قال إن الكذب يولد في أبريل فقط؟

من قال إن الكذب يولد في أبريل فقط؟

IMG 20250427 WA0069
كتبه كتب في 27 أبريل، 2025 - 1:23 مساءً


بقلم معاذ فاروق.

في أماكن لا تصلها أعين العابرين، خُطّت رسائلنا على جدران الغد…
بمدادٍ من صبرٍ ثقيل، سطرنا حروفًا لا يقرؤها إلّا من ضاق صدره بالوجوه المستنسخة.

ضحكوا هذا الصباح كعادتهم، تبادلوا نكات الكذبة، وهم لا يعلمون أنهم هم الكذبة الكبرى…
وجوهٌ أكلها التكرار حتى صارت مسوخًا لا تبعث إلا على الملل.
خطاباتٌ مستهلكة، حركاتٌ محفوظة، ووعودٌ بالية تفوح منها رائحة العجز.

من قال إن الكذب يولد في أبريل فقط؟
الكذب يسكن في كل مشهدٍ أعيد بثّه ألف مرة، بنفس الممثلين، بنفس الأداء الممل…
كذبةٌ يظنونها حياة، ونراها نحن قبورًا مفتوحة.

لكن خلف هذا الضجيج، خلف هذا الغبار المثار عمدًا لحجب الرؤية، هناك حكاية أخرى تُكتب…
لا تبدأ من التصفيق، ولا تنتهي عند المنابر المهترئة.
نحن ننسج فجرًا بصمت، حجراً فوق حجر، فكرةً فوق فكرة، روحًا جديدة لا تشبه ما عرفتموه.

لا تسألوا متى نصل…
فالقادم لا يأتي عبر المواعيد المعلنة، ولا يسير على سجاد الأحاديث المكرورة.
القادم يجيء مثل النسيم الذي لا يُمسك، مثل المطر الذي لا يُؤمر، مثل النور حين يكسر سقف الظلام بلا استئذان.

لقد تعبنا من تكرار الصور التي شاخت وهي تتجمّل.
تعبنا من التصفيق للممثلين الذين أدمنوا أدوار البطولة الوهمية.
وملأنا أكفّنا بتراب الواقع، نبني به لا نثرثر حوله.

انتظرونا…
لا كما ينتظر الخاملون معجزة لا تأتي، بل كما ينتظر الظمآن نبعًا سمع عنه ولم يره.
لا نعد بشيء، لأن الوعود شاخت هي الأخرى… نعد فقط بالعمل الذي لا ضجيج له، بالإخلاص الذي لا تسوقه الكاميرات، وبالجدّ الذي لا يعرف كيف يلبس القناع.

نحن لسنا صدىً لصوت قديم، ولا ظلًا لخيال ميت.
نحن الحكاية التي لم تبدأ بعد…
الحكاية التي لا تروى على عجل، ولا يفهمها إلا الذين أرهقهم طول الانتظار.

في زمنٍ صار فيه الكذب عادة، نقف حاملين الحقيقة كجمرة بين كفينا.
قد تحرقنا أحيانًا… لكنها لن تسقط.

مشاركة