صوت العدالة- عبد الكبير الحراب
في واحدة من القضايا التي أثارت جدلاً واسعاً، أصدرت المحكمة الابتدائية الزجرية بعين السبع في الدار البيضاء، مساء أمس، حكمها الابتدائي في ملف قانوني غير تقليدي، أبطاله شاب مغربي يُدعى معاذ، وفتاة مغربية جمعته بها علاقة حب في أوروبا، قبل أن تتحول هذه العلاقة إلى صراع قضائي طغت عليه تهم التهديد والابتزاز وتبادل الاتهامات.
قضت المحكمة بشهرين حبسا نافذا في حق معاذ، وغرامة مالية قدرها 30 ألف درهم، بعد متابعته بتهم الابتزاز والتهديد عبر وسائل إلكترونية. كما أُدينت والدته بشهرين حبسا موقوف التنفيذ، مع نفس مبلغ الغرامة.
أما المشتكية، فلم تُبرّأ من المسؤولية، حيث أُدينت هي الأخرى بشهرين حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 30 ألف درهم، بناءً على شكاية مباشرة تقدم بها دفاع معاذ، تتضمن اتهامات مضادة بالابتزاز والتهديد ونشر صور خاصة.
في جلسة مرافعة مثيرة، اعتبر النقيب عبد اللطيف حيسي، محامي معاذ، أن موكله هو الضحية في هذه القضية، مؤكداً أن الملف حاد عن مساره الحقيقي، وتجاهل معطيات جوهرية تُثبت براءة موكله.
وأضاف أن التحقيقات التمهيدية لم تمنح معاذ فرصة تقديم أدلة مهمة، مشيراً إلى وجود “حلقات مفقودة” حالت دون تكوين قناعة قضائية راسخة بالإدانة.
بحسب معطيات الدفاع، بدأت العلاقة بين الطرفين في العاصمة الفرنسية باريس خلال فترة الدراسة، ثم انتقلت إلى جزيرة مايوركا الإسبانية، حيث بدأت الخلافات بالظهور. ووصف المحامي العلاقة بأنها كانت طبيعية، يسودها تبادل المشاعر والدعم المادي، نافياً وجود أي ابتزاز.
قدم الدفاع رسائل ومكالمات هاتفية موثقة بخبرة تقنية، تتضمن تهديدات مباشرة من المشتكية لمعاذ، من بينها:
“سأمزقك”،
“لن تجتاز الامتحانات الشفوية”،
“ستعود إلى المغرب إلى السجن”.
كما شملت التهديدات إهانات موجهة لوالدة معاذ. واعتبر الدفاع أن هذا السلوك يؤكد وجود نية انتقامية لدى المشتكية، وليست دوافع قانونية.
بخصوص الاتهامات المالية، أوضح المحامي أن معاذ أنفق ما يناهز 40 ألف درهم خلال إقامتهما معاً في مايوركا، متسائلاً:
“هل من المنطقي أن يبتز رجل امرأة أنفق عليها هذا المبلغ؟”
واعتبر أن تلك النفقات تندرج في إطار علاقة عاطفية لا أكثر، وليست وسيلة ضغط أو ابتزاز.
كشف الدفاع أن المشتكية سبق أن اتهمت معاذ بالاغتصاب عندما كانا يدرسان بثانوية ليوطي في الدار البيضاء، لكنها سرعان ما تراجعت عن أقوالها وقدمت له اعتذاراً. هذه الواقعة، وفق الدفاع، تؤكد وجود نوايا كيدية متكررة.
بالحكم الابتدائي الصادر، تكون المحكمة قد أنهت فصلاً أولياً من هذه القضية الشائكة التي عرّت الجانب المظلم للعلاقات العابرة للحدود، حين تختلط فيها العواطف بالتهديد، والحب بالانتقام.
في انتظار ما ستسفر عنه مراحل الاستئناف، تبقى هذه القصة نموذجاً معبّراً عن هشاشة الروابط العاطفية حين يُزج بها داخل أروقة القضاء، وتتحوّل الخصوصيات إلى أدلة جنائية.