الرئيسية غير مصنف من “المغرب الصاعد” إلى دوار الحاج موسى – لماذا تبقى العدالة المجالية حلماً بعيد المنال؟

من “المغرب الصاعد” إلى دوار الحاج موسى – لماذا تبقى العدالة المجالية حلماً بعيد المنال؟

57418e04 ab28 4d01 9c92 3bece679248e
كتبه كتب في 19 أكتوبر، 2025 - 11:22 مساءً

بقلم: مرون عسالي – فاعل سياسي من تيط مليل

في أكتوبر 2019، فقدت جماعة تيط مليل واحداً من أبرز مناضليها الحقوقيين، عزيز عسالي، المعروف بنضاله داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وبوقفاته الاحتجاجية المتكررة أمام مستشفى مديونة للمطالبة بتوفير مستعجلات مجهزة وحياة كريمة للساكنة. كانت وفاته نتيجة واقعة مؤلمة تكشف هشاشة الخدمات الصحية المحلية، وهي تذكير صارخ بأن العدالة المجالية لا تزال حلمًا يراوح مكانه في دواوير مثل دوار الحاج موسى وأولاد سيدي مسعود.

البلاغ الملكي الصادر عقب المجلس الوزاري ليوم الأحد 19 أكتوبر 2025، الذي تناول مشروع قانون المالية لسنة 2026، أكد على رؤية وطنية واضحة نحو “المغرب الصاعد”، القائم على العدالة الاجتماعية والتنمية المجالية المندمجة. رؤية ترمي إلى تمكين المواطن من فرص متساوية في مختلف جهات المملكة، وتضع التنمية المحلية في قلب الاستراتيجية الوطنية.

من موقعنا كفاعلين سياسيين خارج أجهزة التسيير الجماعي، نرى أن التحدي اليوم هو ترجمة هذه الرؤية على الأرض، لتشمل كل مناطق الجماعة القروية والمناطق الهامشية التي تعاني من ضعف البنيات التحتية، ونقص الخدمات الأساسية، وغياب فرص الشغل للشباب والنساء.

وفي مقدمة هذه الاختلالات يبرز قطاع الصحة، حيث تضطر ساكنة تيط مليل لقطع أكثر من 13 كيلومتراً للوصول إلى مستعجلات مستشفى مديونة، الذي يفتقر غالباً للأطباء المتخصصين، ما يؤدي إلى تحويل المرضى إلى مستشفى “موريزكو” في سيارات إسعاف غير مجهزة، كما حدث مع عسالي وغيره من الحالات التي كان من الممكن إنقاذها. هذا الواقع يفرض إحداث مصلحة مستعجلات محلية مجهزة بالكامل، وضمان تواجد أطر طبية متخصصة، كخطوة أساسية لترجمة التوجهات الملكية في بعدها الإنساني والاجتماعي.

ولا يقتصر الأمر على الصحة، بل تمتد الاختلالات إلى التعليم والنقل والمرافق الأساسية الأخرى، ما يجعل من الضروري اعتماد مقاربة شاملة تربط بين جميع القطاعات لضمان العدالة المجالية وتحقيق التنمية المتوازنة.

إن الرؤية الملكية الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2026، مع تركيزها على الجيل الجديد من البرامج التنموية المندمجة، تمثل فرصة حقيقية لتصحيح الاختلالات الترابية القديمة، شرط توفر إرادة سياسية محلية مسؤولة، قادرة على الانتقال من منطق التدبير الإداري إلى منطق التنمية المستدامة، القائم على الشفافية والنجاعة والإنصات لانتظارات الساكنة.

تيط مليل اليوم بحاجة إلى رؤية جديدة في تدبير الشأن المحلي، تُواكب التوجيهات الملكية، وتستثمر الدينامية الوطنية في مجال العدالة الاجتماعية، بدل الاكتفاء بسياسات ظرفية لا تلامس عمق الإشكالات.
فـ “المغرب الصاعد” يبدأ من الأحياء والدوواير التي عانت من التهميش لسنوات، حيث تتحقق التنمية حين تصبح الحياة اليومية للساكنة محور الاهتمام، وتصبح العدالة الاجتماعية أكثر من مجرد شعار.

مشاركة