بقلم:, عبد القادر برهوما
على الدولة كاملةً أن تتحمل مسؤولياتها بضبط الأمن وحماية الأرواح والممتلكات، وبالحزم الذي يكفل احترام الحقوق وفي نفس الوقت يقطع الطريق على المجرمين والمخربين. تعبئة قوّات الأمن في المناطق الحسّاسة، تأمين الإدارات والمؤسسات، وفرض قيود مؤقتة على التجمعات في مناطق ارتفعت فيها وتيرة العنف ليست دعوة لقمع مشروع، بل إجراء لحماية المواطنين وسلامة الوطن ” اللهم مخزن ظالم ولا رعية سايبة”.
طبعا، موقفنا مع الحق في الاحتجاج السلمي وحق المواطن في التعبير عن مطالبه بكرامة ونبل، لكنّنا في الوقت نفسه نُدين العنف والتخريب بشدة. عندما يبقى هدف الاحتجاج منظماً ومحدداً مع احترامه للقانون فله كامل الشرعية، أما تحويل الشارع إلى ساحة عنف فسيُسوّق رسالة سلبية لا تفيد الوطن ولا المطالب الشعبية، ولنا في فرنسا سنة 2018 مع السترات الصفراء تجارب تظهر كيف أن مسار مطلب اجتماعي قد ينحرف بسرعة نحو فوضى وأضرار جسيمة للجميع.
على من يطلقون على أنفسهم «حراكاً سلمياً» أن يتحلوا بالمسؤولية أخلاقياً وسياسياً: لا يكفي التسمر وراء الشاشات والتحدث عبر المجموعات، بل مطلوب منهم أن ينتدبوا ممثلين عنهم، يحملون التفويض للذهاب إلى طاولة الحوار، وأن يقدموا برامج واضحة ومقترحات قابلة للتنفيذ. الحوار الجاد مع الحكومة هو الطريق الوحيد لتحويل المطالب إلى سياسات وبرامج، وبهذا تتجنّب البلاد الوقوع في فخّ الاستغلال والتشويه الذي يريده خصوم واعداء الوطن.
نؤكّد أن السلمية واجب، وأن الاعتداءات والسرقات والحرق جرائم لا تشرّعها أي قضية شريفة؛ ومن يريد الإصلاح فليأتِ ببرنامج واضح، ومن يريد الشغب فليقابَل بحزم القانون. كما نحذر ممن يريد ان يصعد على “الموجة” لأهداف سياسية أو انتخابوية — فهم كثيرون من يلعبون على أكثر من حبْلٍ، يدغدغون مشاعر المواطنين ويستثمرون الاحتجاجات لتصفية حسابات سياسية مع الحكومة أو الإطاحة بها، بلا بديل مسؤول. لذا ندعو الحكومة لفتح قنوات حوار شفافة وموضوعية مع ممثلي الحراك الحقيقيين، وندعو ممثلي الحراك إلى إظهار نواياهم بالمصداقية والوضوح كي لا يتحول الحراك السلمي إلى أداة استغلال ومكاسب ضيقة على حساب أمن الوطن ومستقبل أبنائه.
اللهم احفظ بلادنا من كل سوء، وانشر عليها الأمن والأمان والسكينة والاطمئنان، ووفق ولاة أمورنا لما فيه خير الوطن والمواطن، وامنحهم البصيرة والرشد في القرارات، واجعل عملهم خالصًا لوجهك وخدمةً للعباد، وبارك في قيادات الحراك الصادقة المتحمسة الغيورة على مصلحة وطنها، وألهمها الحكمة والاعتدال وحب الخير، واجعلنا جميعًا لبناتٍ صالحة في بناء وطن عزيز قوي مزدهر.
جمعة مباركة، ونهاركم سعيد.

