بقلم: ذ.نور الدين بوصباع
تعريف الديمقراطية بشكلها السوكولائي أنها حكم الشعب لنفسه بنفسه هي مجرد يوطوبيا تم شحنها في عقولنا وايهامنا بجدواها في تحقيق التدبير الايجابي للشأن العام وممارسة السلطة بشكل يضمن المساواة والكرامة والتداول السلمي على السلطة والتوزيع العادل للثروات عبر مجموعة من الممارسات الشكلية والتمثيليات المحكمة الاخراج بتواطئ بين النظام السياسي والدكاكين الحزبية في كثير من الدول، الديمقراطية بمعناها السكولائي اليوم بلا معنى وبلا دلالة ونحن نرى ونشاهد بأم أعيننا التسيب والفوضى وغياب أي ممارسة ديمقراطية حقيقية الشعب فيها يمارس السيادة كما ينبغي وأنه قادر على التأثير في صنع القرار السياسي والتحكم في اللعبة السياسية وتوجيهها والوقوف ضد الاستبداد ومحاكمة المستبدين ومستغلي النفوذ، الواقع أن نقد الديمقراطية لم يأت اليوم من مستهلكي الديمقراطية في وطننا العربي والإسلامي بل من مفكرين كبار غربيين اكتشفوا زيف هذه الديمقراطية البورجوازية وذلك بالإجابة عن سؤال إشكالي طرحه كارل بوبر من يحكم ولماذا؟ يجيب الفيلسوف الكندي ألان دونو على أن المضامين السوكولائية للديمقراطية اصبحت اليوم متهافتة أما استفحال ظاهرة شراء الموالين وصناعة النخب وشراء الولاءات و أصحاب المصالح الضيقة والوصوليين من السياسيين الانتهازيين وكل ذلك في إطار تلهية الناس بممارسة شكلية وفلكلورية تخدم مصالح السياسيين أولا وأخيرا وهذا ما أطلق عليه أسم الميديوقراطية أو حكم الرعاع والغوغاء، ويجيب مثلا نعوم تشومسكي أيضا أن راهنية الحديث عن الديمقراطية بمفهومها السكولائكي أصبحت بلا جدوى أمام استفحال تحكم طبقة الاثرياء في الفعل السياسي وتحكمه في مفاصل اللعبة السياسية برمتها، لم نعد هنا نتحدث عن السياسي الآتي من رحم النضالات العمالية مثل الزعيم البولندي ليش فاليسا والرئيس البرازيلي دافيد لولا أو السياسي الآتي من رحم غياهيب السجون ومن نضالات التحرر مثل الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا وقبلهما الزعيمين الكبيرين توماس سنكارا وباتريس لومامبا، اليوم سلطة المال هي من اصبحت تتحكم في اللعبة الديمقراطية وتوجهها، فالذي يملك المال ويستأثر بوسائل الانتاج المادية هو من يدير اللعبة السياسية اليوم وهو من يرسم السياسات العامة و يحدد الأولويات وهذا ما اصطلح عليه بالبلوتوقراطية أوحكم طبقة الأثرياء وهذا ما بدت معالمه في مغربنا اليوم حيث تحالف المال والسلطة العنوان العريض لمرحلة الردة الديمقراطية بعد فشل الاختبار الاشتراكي والاسلاموي وارتمائه في أحضان المخزن.
نورالدين بوصباع