الرئيسية أحداث المجتمع مناظرة الجهوية الدار البيضاء للتشجيع الرياضي تنطلق بكلمة والي الجهة وسط تساؤلات حول تغييب الكفاءات والطاقات الوطنية

مناظرة الجهوية الدار البيضاء للتشجيع الرياضي تنطلق بكلمة والي الجهة وسط تساؤلات حول تغييب الكفاءات والطاقات الوطنية

IMG 20250430 WA0075
كتبه كتب في 30 أبريل، 2025 - 6:16 مساءً

انطلقت، مساء الجمعة 25 أبريل 2025، فعاليات “المناظرة الجهوية للتشجيع الرياضي” بمدينة الدار البيضاء، بتنظيم من طرف ولاية جهة الدار البيضاء – سطات، وذلك في إطار سعي السلطات إلى إرساء فضاء للحوار الجاد والفعال يجمع بين مختلف الفاعلين في المجال الرياضي، من سلطات محلية وأمنية، أندية، وجماهير المشجعين، بهدف بناء ميثاق مشترك يعزز ثقافة التشجيع الإيجابي ويكرس القيم الأخلاقية داخل الملاعب.

وقد افتُتحت أشغال المناظرة بكلمة لوالي الجهة، السيد محمد مهيدية، الذي أكد على أهمية الحوار المؤسساتي بين مختلف الأطراف المعنية من أجل الحد من مظاهر الشغب الرياضي وخلق أجواء صحية ترافق شغف الجماهير بالرياضة، خاصة كرة القدم.

المناظرة تميزت بتنظيم ورشتين محوريتين:

الورشة الأولى التي امتدت من الرابعة إلى الخامسة والنصف مساء، حملت عنوان: “دور المشجع في تكريس ريادة كرة القدم الوطنية”، وناقشت ثلاث محاور رئيسية:

الأدوار الاستراتيجية للمشجع في تنمية السياحة الرياضية وتعزيز جاذبية الرياضة الوطنية،

خطوات آمنة للانخراط الإيجابي والفعال للمشجعين خلال التظاهرات والأحداث الرياضية،

عرض رياضي في خدمة التنمية: خلاصات سوسيولوجية.

الورشة الثانية جاءت بطابع تقني وأمني، وطرحت خمسة محاور رئيسية:

الجريمة الرياضية على ضوء تنفيذ السياسة الجنائية ونظرية العقاب،

مخاطر الشغب الرياضي على مستقبل الأحداث،

المقاربة الأمنية: انفتاح تدبير وتسيير،

الآليات الأمنية والتأطير الجماهيري،

نحو مقاربة تشاركية لتنسيق وتدبير عملية التحضير للمباريات الرياضية.

وتُعد مناظرة الدار البيضاء هي الخامسة من نوعها، بعد تنظيم أربع مناظرات جهوية سابقة بكل من فاس، أكادير، طنجة ووجدة، على أن تُختتم هذه السلسلة بمناظرتين أخيرتين بالرباط ومراكش، يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين.

تساؤلات مشروعة حول تغييب الكفاءات: من يُشارك؟ ومن يُقصى؟

ورغم أهمية هذه المبادرة، إلا أن غياب عدد من الكفاءات الرياضية والمؤطرين والأطر الميدانية يطرح علامات استفهام حقيقية. فقد تم تسجيل تغييب واضح لرؤساء أندية معروفين بالكفاءة، ولخبراء وأكاديميين يمكن أن يسهموا بعمق في تطوير الرؤية والتصور العام.

ما الحظر؟ وما الغاية من هذا الإقصاء الممنهج؟
هل هو تعبير عن إرادة لفرض رؤية فوقية منغلقة؟
أم أن الحوار الحقيقي ما زال مؤجلًا لصالح مقاربات شكلية لا تُنتج أثرًا ملموسًا؟

استشهادات علمية وفكرية تدين الإقصاء وتدعو للإدماج

يرى خبراء أن أي سياسة رياضية شاملة لا يمكن أن تنجح دون انخراط كل الفاعلين، وعلى رأسهم أهل الميدان. وقد أكدت دراسة نشرتها جامعة السوربون الفرنسية (2021) أن الإشراك الواسع لأصحاب الخبرة العملية في صياغة السياسات الرياضية يسهم في خفض نسبة الشغب بـ 38%، ويزيد فعالية البرامج التوعوية بنسبة تفوق 50%.

وفي السياق نفسه، أشار المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري إلى أن “بناء أي مشروع تنموي رهين بخلق فضاء نقدي مفتوح، لا يحتكر فيه القرار من طرف النخبة البيروقراطية”. وهو ما يعكس الحاجة الملحة إلى إشراك رؤساء الأندية، اللاعبين القدامى، مدربي الفئات الصغرى، والخبراء في علم الاجتماع الرياضي.

أما الباحث السوسيولوجي بيير بورديو، فقد بيّن في نظريته حول “المجال الاجتماعي” أن تجاهل الرأسمال الرمزي للفاعلين الميدانيين يؤسس لفشل كل المشاريع التي لا تراعي موقع وخبرة الفاعلين الواقعيين، مما يؤدي إلى ضعف التأثير على الجمهور.

وفي هذا السياق، أكد الخبير المغربي في السياسات الرياضية د. عبد الرحيم العلام أن “مشكلة المناظرات بالمغرب ليست في غياب المواضيع، بل في من يحتكر الحديث حولها”، مضيفًا أن “إقصاء النخب الرياضية الواعية هو إقصاء للواقع، واستحضار لصورة نمطية تُرضي الشكل لا المضمون”.

ويؤكد المفكر الفرنسي إدغار موران في مقاربته الفكرية:
“المجتمعات لا تنهض إلا حين تدمج الفكر النقدي في قلب قراراتها.”،
وهو ما يستدعي، اليوم، وقفة تأمل لإعادة النظر في من يُستدعى ليتحدث، ومن يُقصى ليصمت.

أسئلة لا بد من طرحها:

كيف يتم انتقاء المشاركين في هذه المناظرات؟

من هي الجهة المسؤولة عن تحديد طبيعة المتدخلين والمداخلات؟

لماذا يتم استبعاد الطاقات الرياضية الحقيقية التي راكمت تجربة طويلة في الميدان؟

ما الغاية من تغييب الكفاءات ذات الرؤية والعمق؟

وهل بعقلية الإقصاء والتكرار النمطي يمكن فعلاً الرقي بالمشهد الرياضي الوطني وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة؟

أليست التنمية الرياضية الحقيقية رهينة بالإنصات إلى جميع الأصوات لا فقط تلك التي تُعيد إنتاج نفس الخطاب؟

وهل بهذه العقلية يمكننا فعلاً تحقيق الإقلاع الرياضي والثقافي الذي ينشده الجميع؟

مناظرة الدار البيضاء فرصة كان يُمكن أن تكون منصة فعلية لتجديد الفكر والممارسة في المجال الرياضي، فهل تُلتقط الرسالة قبل فوات الأوان؟

مشاركة