مصير نزلاء بويا عمر

نشر في: آخر تحديث:
حسب منظمة الصحة العالمية، فالصحة هي السلامة الجسدية والنفسية والاجتماعية، فالصحة النفسية والعقلية تعاني الكثير من الاختلالات في ما يخص التكلف بها في المغرب، ومما يدعوا  إلى الاهتمام بها أكثر ما صدر من أرقام في تقرير وزير الصحة الحسين الوردي، في تقرير جاء فيه أن حوالي 48% من المغاربة يعانون من أمراض نفسية أوعقلية. وهذا يشير إلى أنه تقريبا شخص من بين إثنين في المغرب يعاني من مرض نفسي أو عقلي هذا في الوقت الذي نجد فيه أن تكوين الأطباء المختصين في الطب العقلي والممرضين المختصين لم يتطور كثيرا منذ عهد الحماية 1912 حين لم يكن بالمغرب طبيب سواء الطب العضوي أو العقلي والنفسي.
نجد أن توصيات OMS هي طبيب لكل عشرة مرضى، وفي المغرب نجد خصاص كبير في هذا المجال، نظرا لقلة كليات الطب، ومراكز تكوين الممرضين في التمريض العقلي، وفي الدار البيضاء باعتبارها أكبر مدينة مغربية من حيث التعداد السكاني نجد فيها ثلاث مراكز فقط للاستشفاء بابن رشد، وتيط مليل، والعنق.
وفي إقليم الجديدة نجد وحدة للطب العقلي بمستشفى محمد الخامس فيها طبيب عقلي يقوم ب 60 فحص يومي وإستشفاء 20 مريض، في حين أن 20 سرير آخرين وضع فيها 20 نزيل من بويا عمر و 14 الآخرون أحيلوا على مستشفى الإدريسي بالقنيطرة ويتجولون فيه دون مراقبة، ونجد أن إقليم سيدي بنور الذي يضم سيدي بنور، خميس الزمامرة، أربعاء العونات، الواليدية، نجد أن كل مرضاه يأتون للاستشفاء بوحدة الطب العقلي بالجديدة، رغم وجود مستشفى الطب العقلي بقدرة استيعابية 70 سرير عين به فقط طبيبتان مؤخرا ورغم ذلك لا يقوم باستشفاء المرضى، ونجد بالنسبة لتكوين الممرضين في الطب العقلي فقط مدرستان إحداهما بالدار البيضاء والأخرى بالرباط، كما أن التكوين فيما يخص علماء النفس، والأخصائيين في علم النفس بأربع كليات الآداب بالمغرب وأن ماستر علم النفس الإكلينيكي لا يوجد إلا بالرباط وفاس ويفتح مرة كل سنتين بمعنى أن عدد خريجي الجامعات المغربية في هذا الإختصاص ضعيف جدا.
ومما يطرح تساؤلات كبيرة، هو كون الفرنسيين في عهد الحماية استطاعوا تحويل مارستنات كان يقيد فيها المرضى العقليين بالسلاسل والأغلال، إلى مارستانات حضارية بها ممرضين وتحترم قواعد صحية وطورت الاهتمام هؤلاء المرضى، وبعد مرور أكثر من قرن لم يستطع وزير الصحة أن يقوم بما قام به الفرنسيين آنذاك، بل أصبح الوضع متأزما حين جعل وحدة الطب العقلي بالجديدة مثلا تتقلص إلى 20 سرير بدل 40، وعرض حياة بعض المرضى للخطر بحيث غادروا المراكز التي تم وضعهم بها.
مما يطرح سواء على المستوى الصحي العقلي لهؤلاء النزلاء و أسرهم وكذا لأولئك الناس الذين كانوا يقتاتون من رعايتهم لنزلاء بويا عمر. ترى مقابل ذلك المردود الذي كانوا يفتحون به بيوتهم ماذا أعطتهم وزارة الصحة مقابل ذلك، هل فقط قامت بتشريدهم دون البحث عن البديل، فهم كذلك مواطنون يستحقون العيش الكريم، هذا من جهة أما عن النزلاء اللذين تم ترحيلهم أولا نعرف أن المريض العقلي هو بمثابة حمل  يشكل  عبئ ثقيل خاصة لدى الأسر ذات الدخل المتوسط الضعيف أو المنعدم وللأسف نجد أن أغلب الحالات المرضية العقلية تكون منحدرة من أسر فقيرة، لدى فتحمل أعباء المريض العقلي أو النفسي تثقل كاهلهم، فما هو  دور وزارة الصحة في تخفيف هذا الحمل بعد أن أوصدت أبواب بويا عمر ؟
إذا كان المستعمر الفرنسي قام بدور فعال في النهوض بقطاع الصحة العقلية والنفسية على الخصوص حيث أخرج المرض إلى الوجود،ليتم إما استشفائه أو التخفيف من حدته، ترى ماذا فعل مسؤولينا للنهوض بقطاع الصحة الذي شمله الإهمال وتدهور إلى حد التهميش حتى أن الماريستان الذي أصلحه المستعمر أصبح محلات تجارية هذا ما قدمه مسؤولينا الكرام في وزارة الصحة، بقي شيء واحد لم نتطرق إليه وهو أولئك الناس الذين كانوا يقومون برعاية نزلاء بويا عمر، ما مصيرهم ؟ خاصة وأن مصدر رزقهم هو رعايتهم لنزلاء بويا عمر، مقارنة مع عهد الحماية فالمستعمر لما أتى ووجد سيدي فريج في تلك الحالة والمشرفين عليه بحالة مزرية قام بتأطيرهم وتعليمهم طرق النظافة ليستمر في مراقبة أولئك النزلاء، فما الفرق بين المستعمر والمسؤول في وطننا الحبيب !
شكر خاص للسيد لميسي مصطفى الموظف بوزارة الصحة على المعلومات التي زودنا بها، والأخ الحقوقي السيد جمال السباعي الذي أرسل لنا صور لأحد نزلاء مستشفى الإدريسي بالقنيطرة والذي حسب قوله الموجود في الصورة والفيديو حالته متدهورة ويتجول في المستشفى بحرية تامة دون مراقبة
 فتيحة بنخدير

اقرأ أيضاً: