ذ/ عبد اللطيف أيت بوجبير محام
تشكل مصادقة لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة والشؤون الإدارية على مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 المتعلق بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 الخاص بمجلس النواب، خطوة تشريعية جديدة نحو تعزيز شروط النزاهة والأهلية في ولوج المؤسسة التشريعية، ويهدف هذا المشروع، بشكل أساسي، إلى تضييق الخناق على ممارسات الفساد الانتخابي والارتقاء بأخلاقيات التمثيل النيابي.
فلا شك أن تضييق دائرة الأهلية تعد مقاربة وقائية ومشددة، لأن الدلالة الأبرز لمشروع القانون تكمن في توسيعه للقيود المفروضة على حق الترشح، وهو ما يعكس رغبة المشرع في تبني مقاربة وقائية صارمة لإبعاد من تلوثت سجلاتهم بسوء التدبير أو السلوك الجنائي عن صناديق الاقتراع.
ففي ما يتعلق بالمنع المتعلق بالجرائم الانتخابية والعزل القضائي فقد ركز المشروع على منع فئتين أساسيتين:
- مرتكبو الجرائم الانتخابية: منع كل شخص “تم ضبطه في حالة تلبس بارتكاب جرائم انتخابية محددة”. هذا المقتضى يربط المنع بالحالة الواقعية (التلبس) والجرم المحدد، مما يشير إلى ضرورة التصدي الفوري والعلني للممارسات المخلة بنزاهة العملية الديمقراطية.
- المعزولون قضائياً: منع الأشخاص الذين “تم عزلهم من مهمة انتدابية بموجب حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به” وهذا يؤكد على ربط المسؤولية الانتدابية بالمساءلة القضائية النهائية، ويضمن أن القرارات القضائية المتعلقة بسوء التدبير أو الإخلال بالواجب يتم تفعيلها على مستوى الأهلية السياسية.
وتشمل التعديلات أيضا فئات أخرى صدرت في حقها مقررات قضائية بالإدانة كمنع الأشخاص الذين صدرت في حقهم “قرارات استئنافية بالإدانة تفقدهم الأهلية الانتخابية”. لأن هذا القرار يشكل درجة متقدمة من اليقين القضائي، وبالتالي فهو سبب قوي ومقنع لإسقاط الأهلية للترشح.
أما عن القرارات الابتدائية في الجنايات فهو المقتضى الأكثر إثارة للجدل، لأنه يقضي بمنع “الأشخاص الذين صدرت في حقهم قرارات ابتدائية من أجل جناية”.
ومن دون شك ستثير هذه المقتضيات جدلا مرتبطا ب”الحجية” مقابل “قوة الشيء المقضي به” فهذه النقطة المتعلقة بالقرار الابتدائي وليس الحكم (لأن مشروع القانون في حاجة إلى تدقيق أكبر للمفاهيم) في الجنايات ستكون محور الإشكالية القانونية والدستورية المحتملة، لإن إقحام القرار الابتدائي في الجنايات ضمن موانع الترشح يعكس نيّة المشرع في التشدد في وجه الخطورة الإجرامية للجنايات، واعتبار أن مجرد الإدانة في الدرجة الأولى إدانة مرتبطة بجرم خطير، تُشكل حاجزاً أخلاقياً وسياسياً أولياً يحمي المؤسسة التشريعية من الشوائب.
وقد أرسى مشروع القانون أيضا مبدأ “الاستبعاد المؤقت” بحيث أدخل آلية لرفع المنع، خاصة لمن تم عزلهم قضائياً، وذلك “بعد انصرام مدتين انتدابيتين كاملتين ابتداء من التاريخ الذي صار فيه الحكم نهائياً”.
ولعل تحديد مدة زمنية تعادل 10 سنوات يُرسخ مبدأ “الاستبعاد المؤقت” وليس الدائم. وهذا يتيح للأشخاص فرصة للعودة للحياة السياسية بعد فترة عقابية، مع الأخذ في الاعتبار أهمية المصالحة المجتمعية والتأهيل السياسي.
وربط المدة بـ “الولايتين الكاملتين” يعكس قدراً من الصرامة التشريعية، حيث لا يقتصر الأمر على مجرد مرور سنوات، بل على الانصرام الكامل لفترتين تشريعيتين متعاقبتين.
فلا شك إذن أن مشروع القانون 53.25 يمثل خطوة حاسمة في سياق الإصلاحات الهادفة إلى تجويد الديمقراطية التمثيلية بالمغرب. فهو يشدد الخناق على من يستخدمون المواقع الانتدابية كحصانة أو وسيلة للإثراء غير المشروع. ومع ذلك، تبقى الإشكالية القانونية المتعلقة بالاعتماد على الحكم الابتدائي في الجنايات في حاجة إلى تدقيق أو ربما رقابة دستورية لضمان التوازن بين حماية المؤسسات وضمان الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين.

