الرئيسية آراء وأقلام مستقبل الحرب في غزة

مستقبل الحرب في غزة

IMG 20231225 WA0014.jpg
كتبه كتب في 25 ديسمبر، 2023 - 4:27 مساءً

بقلم…إيمان الفناسي

للمرة الأولى منذ بداية الصراع العربي الصهيوني سيعجز الصهاينة عن رسم أهدافهم التي ينبغي عليهم بلوغها بعد الحرب أو لنكن أكثر دقة ، سيعجزون عن رسم أهداف قابلة للتحقيق وخضعت مسبقا لخطة تتكامل فيها الإمكانيات والوسائل وتنسجم مع حجم الغايات المرجوة ، حين بدأت الضغوط على عبد الحميد الثاني كان كل غاية الصهيونية أن تنتزع اعترافا بوجودها ثم تحالفت مع الحركة الاستعمارية وحصلت على وعد عام 1917 (بلفور) وتحول الحلم الصهيوني إلى حقيقة

وانطلقت الهجرة من كل بقاع الأرض صوب أرض الميعاد وأنشئت الحركات المسلحة (الشين بيت ،الهاغانه…) ثم بدأ صدام عنيف مرير مع أصحاب الأرض ومن يدعم حقهم في كل بلاد المسلمين ارتكبت فيه كل الفظاعات المتخيلة وغير المتخيلة لتثبيت الوجود الصهيوني في فلسطين وآل الوضع إلى ما نعرفه جميعا ورم سرطاني لا يتوقف عند حد معين يسابق الزمن ليتمدد كل يوم وقد نجح الصهاينة في فرض التطبيع على العالم الإسلامي مثلما فرض عليه التعايش مع الهزيمة والإذلال ، في كل هذه المحطات كان الصهاينة يحلمون ويخططون وينفذون ويتراجعون مرة ثم يتقدمون أخرى لكنهم كانوا يمسكون بزمام المبادرة ويديرون الصراع وفق مصالحهم وأهوائهم لكن الوضع بعد طوفان الأقصى مختلف كل الاختلاف عن كل مراحل الصراع العربي الصهيوني فالمبادرة كانت بيد المقاومة وأفق الحرب وأهدافها رسمت بأيدي المقاومين وردود أفعال الصهاينة عقب الطوفان لم تنضبط لخطة معدة سلفا إنهم ببساطة كانوا مجبرين تحت ضغط الصدمة على أن يقذفوا بأنفسهم نحو الجحيم هربا من الطوفان وحين أعلن نتانياهو عن أهداف جيشه انتقده الإعلام الإسرائيلي وحذره من مغبة الغوص في مستنقع غزة وبعد شهرين ونصف على انطلاق طوفان الأقصى لم ينقذ الصهاينة أسراهم ولم يقضوا على المقاومة ولم يحققوا أي مكاسب تذكر بل على العكس تماما فقد الصهاينة دعم المجتمع المدني الغربي الذي وقف بجانبهم منذ انعقاد محكمة نورمبرغ حولتهم إلى ضحايا مضطهدين في المخيال الأوروبي وتحول كل يوم جديد إلى كابوس بالنسبة إليهم بسبب أعداد جنودهم الذين يتساقطون في غزة وعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث الدولية بعد أن بذلوا الغالي والنفيس لوأدها ونسفت جهودهم للتطبيع مع العالم العربي وكانوا قد نجحوا بالفعل في التسلل إلى المجتمعات العربية في السنوات الأخيرة وصار من المعتاد أن ترى العلم الصهيوني مرفرفا في المحافل والمنتديات العربية دون أدنى استهجان من الجمهور العربي ، وتفاقمت خسائرهم الاقتصادية التي يتوقع أكثرهم تفاؤلا أن تتجاوز ستين مليار دولار واليوم يصرح إيهود أولمرت بكل وضوح أن نتنياهو أخطأ التقدير وأن القضاء على حماس مستحيل ولا بد من وقف الحرب وهذا ليس رأي غريم سياسي يتسقط أخطاء خصمه بل رأي كل الذين يرغبون حقيقة في بقاء إسرائيل ويكفي أن نتابع ما يروج له الإعلام الغربي لإدراك ذلك فقد دعت واشنطن بوسط بايدن لإنقاذ إسرائيل من أيادي نتنياهو ورأت لوفيغارو أن حل الدولتين سيفقد إسرائيل ربع أراضيها لكنه سيحافظ على بقائها وأعلنت إسرائيل نفسها أنها مستعدة لهدنة جديدة رغم رفض المقاومة وهو ما يعطي إشارات قوية على أن الحرب قد أشرفت على نهايتها وأن استمرارها غير مرتهن بأي مكاسب استراتيجية تحققها إسرائيل بل بحسابات نتنياهو الشخصية الضيقة وعلى هذا الأساس دعاه خصومه إلى الاستقالة خدمة لدولته مما يعني أن إسقاطه قد يتحول مع استمرار الحرب إلى مطلب دولي تدعمه أصوات الداخل الصهيوني المعارض لسياسة نتنياهو وهو الحل الأمثل لتخرج إسرائيل من جحيم غزة بأخف الأضرار…طبول النصر تقرع وتكتيكات المقاومة ترهق جيش إسرائيل وتعيد للقضية الفلسطينية توهجها والحديث عن استلام السلطة الفلسطينية لإدارة غزة بعد الحرب وهم كبير فالذين دكت منازلهم لأجل استنشاق عبير الحرية لا يمكن أن يقبلوا بالتسويات بعد كل التضحيات التي قدموها.

مشاركة