الرئيسية آراء وأقلام مذكرات العميد الرياحي “بين القضاء و الفن”

مذكرات العميد الرياحي “بين القضاء و الفن”

RIAHII e1490917142616.jpg
كتبه كتب في 30 مارس، 2017 - 11:38 مساءً

نادرا ما اتتبع بعض البرامج التلفزيونية و لكن لما أطل وجه من التلفاز في برنامج مسار لمبدعه ذ بن شيكر أحد اهرامات الإعلام الذي أعزه و يعزني منذ زمن طويل و لاحت لي هذه الليلة وجوه تحمل تاريخا مشرفا من الزمن الجميل .
و شدتني بحكم انتمائي إلى القضاء صورة قاضية عزيزة و فاعلة جمعوية كبيرة و أستاذة لأجيال من القضاة و القاضيات عملت بجانبي و انا قاضي مبتدئ ثم مسؤول قضائي في محكمة الدار البيضاء في تسعينات القرن الماضي
ثم كتب لنا اللقاء في محكمة النقض إلى حين تقاعدها من القضاء و بقي كل قضاة المملكة يكنون لها التقدير والاحترام و يعتبرونها جزءا لا يتجزأ منهم لما أسدته للقضاء المغربي من أعمال جليلة و اجتهادات و كتابات و عمل جمعوي أهلها بحق أن تكون شخصية قضائية متميزة من الزمن الجميل للقضاء المغربي ، أطلت علينا صورتها و هي تتكلم على شخصية فنية كبيرة آثر برنامج مسار أن يكرمها في هذه الليلة الربيعية الجميلة صاحبة الأنامل الرقيقة لآلة القانون الأستاذة سعاد شوقي حرم الموسيقار سليمان شوقي رحمة الله عليه ، فطرحت الكتاب الذي كان بجانبي و هاتفي و زدت في صوت التلفاز لاسمع زميلتي الأستاذة زهور الحور
فقيهة قانون الشغل و عضوة اللجنة الملكية لإعداد مدونة الأسرة و رئيسة الغرفة بمحكمة النقض سابقا و الفاعلة الجمعوية المغوارة تتحدث عن الموسيقى و الفن بأسلوبها الهادئ و نظراتها المتميزة و كلها واجب تحفظ و هي تكرم هامة موسيقية مثل ذة شوقي و ذكرت ذكريات جمعتها مع هذه الفنانة في عمل جمعوي دولي بإحدى المدن الأوروبية و كيف تمكنت هذه الفنانة من إيصال عذب سحر اناملها أن تنال إعجاب أناس لا يفقهون لغتها و يصفقون لموسيقاها.
و أدركت للتو كيف يمكن للقاضي أن يتفتح على الفنون الجميلة دون المساس بواجب تحفظه و لا يمكن لأي أحد أن يشير إليه بأصبعه و هو يقاسم الفنانين و الشعراء و الأدباء إبداعاتهم.
ثم أطل علي من وسط الشاشة مسرحي كبير لا زالت طفولتي تحتفظ له بذكريات جميلة و هو يقص علينا رحلة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي لا نذكر له معشر القضاة إلا محاكمته الأدبية حول الشعر الجاهلي ، و يذكر له الفنانون المغاربة زيارته للمغرب و هو يستمع إلى الموسيقار سليمان شوقي و عقيلته التي كرمها برنامج مسار يومه انه بعد سماع وصلتهما الموسيقية طلب من المنظمين منادتهما لتهنئتهما شخصيا ليقول بأن موسيقى المشرق التقت بالغرب في المغرب عن طريق هذين العازفين و هي الشهادة التي سردها في البرنامج الاستاذ عبد القادر البدوي أحد المسرحيين الكبار .
ثم أطل علينا الحاج يونس كما يقول أنيس منصور بلدياتي
فقليل من يعلم أن الموسيقار الحاج يونس هو رياحي الأصل ينتمي إلى قبيلة رياح بأولاد احريز التي أنجبت هضابها و تربتها المعطاء عبقرية موسيقية عالمية تحفز على الافتخار بنفس الأصل، الرقيق و المعترف بالفضل عندما دمعت عيناه و هو يتذكر التحاقه ستة 1965 بالمعهد الموسيقي الذي كان يترأسه الموسيقار شوقي سليمان و الحنان الذي كان يغمر به تلامذة و طلاب الموسيقى الأصيلة و دمعت معه عين المكرمة عقيلته و دمعت أعيننا جميعا خصوصا و انني تذكرت بأنني كنت في نهاية الستينات من تلاميذ هذا المعهد الذي ابعدتني منه دراسة الآداب و القانون عن السولفيج و كنت مع قريبي ذ محمد بلمليح نتقاسم أولى الدروس الموسيقية هناك و نحن على بعد أمتار من ثانوية ابن تومرت بالدار البيضاء .
ثم أطل علينا في نفس البرنامج الفنان الكبير ذ الزبادي و هو يعطي بحنجرته البلورية مقامات على الله تعود للمرحوم وديع الصافي التي غناها للموسيقار الخالد فريد الاطرش ،
و من جملة ما تذكرت الحوار الذي أجراه حبيب العمر يوم لم تكن آنذاك قنوات مثل اليوم مع ليلى رستم الإعلامية اللبنانية و عندما أحرجته لماذا لم تغني لم ام كلثوم و عبد الحليم حافظ و نجاة اجابها بأن التاريخ هو الذي سيحكم على فنه من بعد وفاته ، و عندما سمعت على قناة 2mاليوم لحنه يردد بعد نصف قرن علمت بأن هذا الفنان أصاب القول و بأن الفنان القدير و الصديق العزيز الأستاذ الزبادي قد قام بالمهمة .
و عندما أطلت الدكتورة بورقية و ربطت بين الطب و الموسيقى و اعترفت بأن ممارسة الطب لم تجعل منها موسيقية ناجحة و أكدت بأن من وسائل العلاج اليوم الموسيقى في إعطاء اعتبار للأستاذة سعاد شوقي بأنها ليست هي التي تداويها و انما أنامل الفنانة الكبيرة مشفى لكل سقم و لكل عليل .
و انا اتابع الوجوه المكرمة و المكرمة و الجمهور الحاضر جزمت بأن الإعلامي الكبير ذ بن شيكر قد تفوق فعلا في الرجوع بنا إلى الزمن الجميل ليس الفني فقط و انما حتى القضائي بتواجد قاضية كبيرة في البرنامج وسط أهل الفن مثل الأستاذة الجليلة زهور الحر .
و تذكرت القاضي العربي الكبير و ووزير العدل المصري السابق و رئيس نادي قضاة مصر المستشار الزند حين استضفته في بيتي و أهديت له موسيقى شرقية بصوت مغربي و آلة مغربية رفقة مجموعة من الزملاء و الزميلات من رابطة قضاة المغرب و حين أراد أن يقلدني درع القضاء المصري بصفته وزيرا للعدل آنذاك خاطبني بأن هذا الاحتفاء بالقضاء المصري من طرف قضاة المغرب ذكره عندما كانت أم كلثوم و محمد عبد الوهاب هما من كانا يتطوعان للاحتفال بفوز مرشحي نادي قضاة مصر و لم يكن يتجاوز عددهم بعض المئات
و الكل لا زال يتذكر شفافية انتخابات هذه الجمعية القضائية الأولى عالميا لا من حيث عدد قضاتها و لا من حيث الإمكانات المادية و المعنوية التي يتوفر عليها قضاة مصر الأشقاء و لا من حيث الاجتهادات القضائية التي تشكل زمنا جميلا كذالك ذلك الزمن الذي نذكر منه رئيس محكمة النقض المصرية القاضي الشهير ذ عبد العزيز فهمي الذي جمع غرف النقض مجتمعة و أمر كاتب الضبط أن يسجل في محضر رسمي استقالته عندما اعتبر رد وزير الحقانية في مصر و هو يجيب على سؤال شفوي لأحد نواب مجلس الشعب المصري عن مبلغ ماهية رئيس محكمة النقض على أمواج الإذاعة المصرية تدخلا في استقلال القضاء آنذاك .
لهذا لم يكذب طه حسين عندما قال بأن لقاء الشرق و الغرب كان في المغرب كما جاء على لسان ذ عبد القادر البدوي في تكريم هامة فنية مثل ذة سعاد شوقي حرم الموسيقار العظيم سليمان شوقي رحمة الله عليه و هو فخر لكل المغاربة اليوم و لكل القضاة الذين مثلتهم خير تمثيل زميلتهم ذة زهور الحر ..
و كانت مفاجأة البرنامج هي اغنية محببة للمكرمة أداها صوت مغربي أصيل قالت عنه ذة شوقي انه من القليلين الذين استطاعوا تأديتها(خمرة الحب اسقينها)
فهنيئا للبرنامج و لصاحبه و لكل من ساهم فيه
صفحة جميلة جدا من الزمن الجميل .
ذلك الزمن الذي قال عنه طاغور شاعر الهند الملهم
الجمال حيلة الطبيعة لإثارة الحب .

مذكرات الفاضل ذ.نور الدين الرياحي
26 مارس 2017

مشاركة