صوت العدالة- عبد السلام اسريفي
أسدل الستار، مساء اليوم، على فعاليات النسخة الخامسة من المهرجان الثقافي لمدينة تيفلت، وذلك بعد أربعة أيام متواصلة من الأنشطة والبرامج الغنية التي جمعت بين الفن والثقافة والتراث الشعبي والفروسية، في احتفال جماعي يعكس المكانة المتزايدة لهذا الحدث السنوي في المشهد الثقافي المحلي والجهوي.

منذ انطلاقه، تحولت مدينة تيفلت إلى وجهة لآلاف الزوار من مختلف مناطق المملكة، ممن توافدوا للاستمتاع بفقرات فنية وتراثية أمتعت الجمهور ولامست مختلف الأذواق والأعمار. وقد شكل المهرجان، طيلة أيامه الأربعة، فضاءً مفتوحًا للتلاقي والتعبير الثقافي، كما أعاد للمدينة وهجها الفني وسحرها التراثي، بفضل تنوع الفقرات وجودة التنظيم وحسن الاستقبال.
نجاة اعتابو تتوج الليلة الختامية بحفل استثنائي
وقد كان ختام هذه النسخة مسكًا، حيث أحيت الفنانة المغربية الكبيرة نجاة اعتابو حفلاً فنياً متميزاً، قدمت خلاله باقة من أشهر أغانيها التي جمعت بين الطرب الأمازيغي والعربي، وسط تفاعل جماهيري كبير ملأ ساحة العرض وخلق أجواء من الفرح والاحتفال. حضور نجاة اعتابو، بصوتها العذب وكاريزماها القوية، شكّل لحظة فنية استثنائية اختتمت بها تيفلت مهرجانها بنجاح لافت.

كما شهد الحفل الختامي مشاركة الفنان الأمازيغي بدر أوعيي، الذي قدّم كشكولاً متنوعًا من الأغاني التراثية ممزوجة بلوحات فنية معاصرة، نالت استحسان الجمهور، بالإضافة إلى تألق الفنان فوضيل الذي قدّم عروضًا موسيقية تفاعلية لقيت تجاوبًا خاصًا من فئة الشباب.
أربعة أيام من الثقافة والفن والتلاقي
طيلة أيامه، قدّم المهرجان برنامجًا ثريًا شمل عروض التبوريدة التقليدية، ومسابقات متنوعة للأطفال والشباب، ومعارض للحرف والصناعة التقليدية، فضلاً عن أمسيات موسيقية وسهرات أحيتها نخبة من الفنانين المرموقين. وقد تميزت هذه النسخة بحضور جماهيري مكثف وتنظيم محكم، عكس الجهود الكبيرة التي بذلتها اللجنة المنظمة والمصالح المحلية وشركاء المهرجان.

أكثر من مهرجان… لحظة لإعادة بناء الثقة الثقافية
لم يعد مهرجان تيفلت مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل أصبح موعدًا سنويًا ينتظره المواطنون بشغف، باعتباره مناسبة لترسيخ قيم التسامح، والتعايش، والحس الجماعي بالانتماء. كما أنه يشكل منصة حقيقية لتعزيز إشعاع المدينة ثقافيًا، والترويج لمؤهلاتها السياحية، ودعم الفاعلين المحليين في مجالات الإبداع والفن.
وفي وقت يعاني فيه الفعل الثقافي في عدد من المدن من التراجع، نجحت تيفلت في تحويل هذا المهرجان إلى عرس سنوي يجمع بين الترفيه والتنمية الثقافية، ويزرع بذور الأمل في نفوس ساكنتها، ويرسخ فكرة أن الثقافة ليست مجرد شعارات، بل هي فعل يومي يعيد المعنى إلى الحياة، ويمنح المجتمعات قوة التماسك والنهضة.

آفاق مستقبلية واعدة
مع اختتام النسخة الخامسة، تتجه الأنظار إلى المستقبل، حيث يطمح القائمون على المهرجان إلى تعزيز مكانته على المستويين الوطني والدولي، من خلال توسيع نطاق المشاركات، والانفتاح على تجارب ثقافية متنوعة، وتطوير البنيات التنظيمية لضمان استمرارية النجاح.

فمهرجان تيفلت لم ينتهِ بانتهاء سهراته، بل بدأ مسارًا جديدًا في تكريس دور الثقافة كرافعة أساسية للتنمية المجالية والارتقاء الحضري.
تصريح السيد عبد الصمد عرشان، رئيس المجلس الجماعي لتيفلت والشريك الأساسي للمهرجان:
“نحن سعداء للغاية بالنجاح الكبير الذي حققته النسخة الخامسة من مهرجان تيفلت الثقافي، سواء من حيث الحضور الجماهيري أو جودة العروض والأنشطة. لقد لمسنا تفاعلًا إيجابيًا من المواطنين وضيوف المدينة، وهو ما يؤكد أن تيفلت قادرة على أن تكون منصة ثقافية وفنية حقيقية على الصعيد الجهوي والوطني.
المهرجان ليس فقط مناسبة للاحتفال، بل هو مشروع تنموي وثقافي متكامل، نسعى من خلاله إلى ترسيخ القيم النبيلة، وتعزيز الإشعاع الثقافي للمدينة، وخلق دينامية اقتصادية لفائدة التجار والحرفيين والشباب. ونحن ملتزمون بمواصلة تطوير هذه التظاهرة سنة بعد سنة، لتظل تيفلت في موعد دائم مع الفن والإبداع والانفتاح.”













