بقلم : عشار أسامة
كانت مدينة بنسليمان، المعروفة تاريخيًا بـ”مدينة الخضرة والجمال”، تشتهر بفضاءاتها الخضراء الواسعة، التي كانت تجذب الزوار والمقيمين على حد سواء. بفضل موقعها الجغرافي الذي جعل منها منطقة غنية بالغابات والحدائق العامة، اعتبرت المدينة في الماضي ملاذًا طبيعيًا يقصده الباحثون عن الاسترخاء والهدوء.
لكن اليوم، تغيرت ملامح المدينة بشكل لافت. شهدت بنسليمان خلال العقود الأخيرة تحولات سريعة، خصوصاً مع التوسع العمراني العشوائي الذي أتى على حساب المساحات الخضراء. الحقول والغابات التي كانت تزين المدينة تحولت تدريجياً إلى أحياء سكنية، في ظل غياب سياسات واضحة لحماية البيئة وإعادة تشجير المناطق المتضررة.
أسباب التحول: السبب الرئيسي وراء هذا التدهور يعود إلى عوامل متعددة، أهمها الزحف العمراني والتوسع السكني غير المنظم. فقد تم استغلال الكثير من الأراضي الخضراء لبناء مشاريع عقارية دون الأخذ بعين الاعتبار للحفاظ على التوازن البيئي. إضافة إلى ذلك، فشل السياسات المحلية في توفير بدائل خضراء كالمتنزهات أو إعادة تأهيل المناطق الطبيعية المدمرة أدى إلى تفاقم الوضع.
العواقب البيئية: نتيجة لهذا التحول، بدأت بنسليمان تفقد هويتها الطبيعية، وتراجعت جودة الحياة فيها. تزايد التلوث البيئي، وارتفاع درجات الحرارة بسبب انعدام الفضاءات الخضراء، كلها عوامل ساهمت في تحول المدينة إلى بيئة أقرب إلى الصحراء القاحلة. هذه الظاهرة تثير مخاوف من أن تشهد المدينة، التي كانت رمزًا للاستدامة الطبيعية، تدهورًا بيئيًا أشد في المستقبل إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة.
مطالب السكان: أمام هذا الواقع، بدأ السكان المحليون بالتعبير عن استيائهم من غياب الرؤية البيئية والتنموية لدى الجهات المعنية. يدعو الكثير منهم إلى وضع خطط شاملة للحفاظ على ما تبقى من المساحات الخضراء، والعمل على إعادة تشجير المناطق المتضررة، وتخصيص ميزانيات أكبر لإنشاء حدائق ومساحات عامة صديقة للبيئة. يعتبر هؤلاء أن الحفاظ على الطبيعة لا ينبغي أن يكون ترفًا، بل ضرورة لضمان مستقبل المدينة.
ختامًا، تبقى مدينة بنسليمان في حاجة ماسة إلى نهضة بيئية تعيد لها جزءًا من رونقها الأخضر. على السلطات المحلية أن تتبنى سياسات مستدامة تراعي الأجيال القادمة، مع إشراك المجتمع المدني في جهود الحفاظ على ما تبقى من التراث الطبيعي للمدينة.