الرئيسية أحداث المجتمع مدينة الصويرة او مگادوور او مدينة الرياح كما يحلو للبعض تسميتها إلى أين.

مدينة الصويرة او مگادوور او مدينة الرياح كما يحلو للبعض تسميتها إلى أين.

IMG 20190827 WA0010.jpg
كتبه كتب في 27 أغسطس، 2019 - 11:20 صباحًا

صوت العدالة – عبد الحكيم رضى

هنا حيث موطني وبلدي توجد مدن خائبة وأخرى مهمشة وبالمقابل هناك مدن تشهد تطور وتمدد ونمو وحركة والفرق بينهم هو تخطيط وإدارة وتنفيذ أو إقصاء و تهميش.

والصويرة هي نموذج لتلك المدن الخائبة مدينة ضيعت موعدها مع التنمية واستحالت لعدة سنوات عجاف إلى صنم بليد من الأحجار والزوايا والحفر وكأن مدينة موگادور تنتظر عنقاء جديدة حتى تنبعث من رماد الأيام المكلومة.

مدينة أصابها الجمود ودوار البحر والغثيان حتى ذخل “المدينة العتيقة” جبلها الحارس سأم من روث الجمال والزوار وقناني الجعة التي تأثث سفوحه مدينة أصابها حصار التنمية فاكتفت بسوقها وساحتها التي تتحول في فصل الصيف إلى مربد للسيارات وكورنيش ممد ينافس فيه البائعين والمؤجرين مع الراجلين والزوار في مشهد غير حضاري تتدافع فيه الأكتاف و الأرداف والوجوه مع الأصوات والحناجر باللغة الدارجة “واش خصك شي براسول بثمن مناسب…… ” وإن لم تستجيب لطلب تسمع كلمات نابية وخصوصا ان كان الزائر أنثى وليس ذكر.

هذه المدينة التي ننتمي إليها ولا تزال شاهدة على طفولتنا ومراهقتنا و شبابنا لاتزال شوارعها ودروبها موشومة بأعمالنا الصبيانية ومؤامراتنا ضد الأحياء المجاورة وحروبنا الصريحة والباردة لاتزال تلك الجدران والأعمدة الكهربائية تحمل بصماتنا فالذاكرة لاتتعثر إلا بأماكن أحببناها بكل ماأوتينا بصدق فيفضحنا الحنين رغما عنا والحنين هو وسيلتنا الوحيدة حين تبتلع الخيبة حناجرنا.

خيبة مدينة الصويرة هو ما وصلت إليه من إقصاء وتهميش من غياب إرادة حقيقية للمجلس البلدي والجهوي في تنمية المدينة وفق إطاره القانوني والتنظيمي والهدف الأساسي من إنشاءه من غياب دور الإدارات والوزارات المعنية في جلب الاستثمار وتجهيز البنيات التحتية وإقامة لأوراش التنموية الكبرى الحقيقية خصوصا وأن مدينة الصويرة تتوفر على كافة المقومات الأساسية لتكون رائدة للجميع مدن المملكة وهو مايؤلمنا ويعمق جراح غيرتنا فالذي يتألم ولا يتكلم لا يعني أنه بليد أو قطعة من جليد بل يعني أن ثمة ألما داخليا لا تعادله مرارة.

فتجميد مدينة الصويرة هو احتقار معلن لأهلها وساكنيها وروادها وتاريخها والمهزلة الأخيرة التي كانوا أبطالها مسيرو المدينة عندما علموا بزيارة مرتقبة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده وسط هده السنة الحالية من أجل تفقد أحوال المواطنين ونتيجة مخافتهم من المحاسبة عن تقصيرهم واستغلال مناصبهم لخدمة مصالحهم وإهمالهم لتنمية المدينة ولشكاوى المواطنين فقد كان الخبر كافيا أن يجلي غشاوة النوم من أعينهم ويرعد فرائسهم ويحرك العجينة في أمعائهم فلجئوا إلى سياسة الترقيع وتزيين المدينة بالأشجار والأعلام واللافتات وصباغة الواجهات وممرات الراجلين بمكياج رخيص وبتعبئة بشعة للعمال المياومين وحتى القاصرين ضدا على مقتضيات قانون الشغل واتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صادق المغرب عليها بينما المدينة تحتاج إلى عملية إحياء وإنعاش بعدما سرقت منها التنمية وضاعت معها وصفات إحيائها مابين الطب الشعبي وتعاويذ العرافات وحكايات قالوا ناس زمان في جل القطاعات الإدارية بدون استثناء.

وحتى المبادرة التي ولدت لإنقاذها ظلت حبيسة وقفة يتيمة ومبادرات خجولة قد تلفت النظر لكنها لن توقف مسلسل الجمود والإقصاء والتهميش.

والغريب أن ذلك التصنيف الاستعماري الذي درسناه في كتب التاريخ– المغرب النافع و المغرب غير النافع – قد أيقضه كسل وإهمال مسيرو المدن فهناك مناطق تستفيد من الدعم السخي وأخرى مهمشة وخصوصاً في جهة مراكش اسفي هناك مصانع ومعامل وأوراش كبرى تستفيد منه جهات معينة فقط وأخرى يعاني شبابها العطالة والفقر و التهميش وبالمقابل فقد صاغ الدستور الجديد ميلاد النظام الجهوي كأسلوب جديد في الإدارة قصد تسريع عملية التنمية والحرص على استفادة سكان الجهات من خيرات ومشاريع مناطقهم لكن ولأن هناك مسافة فاصلة ما بين التنظير والتطبيق فلا تزال مضامين التنمية والحكامة الجيدة والرشيدة رهينة بتوفر الرقابة والجدية من الإدارات والمجالس المنتخبة.

لتظل مدينة الصويرة تناجي خيباتها في حوار مابين الموج والشط وتبصق حسرتها على عناد واقع يرفض الارتقاء لكنها تظل مهما حاولوا تهميشها نجمة عالمة تضيء أرواحنا فيها.

مشاركة