محكمة الإستئناف بالبيضاء:افتتاح السنة القضائية لسنة 2025: رؤية للتطوير وتعزيز العدالة

نشر في: آخر تحديث:

بحضور الرئيس المنتدب للسلطة القضائية و رئيس النيابة العامة و السيد وسيط المملكة و الوكيل القضائي للمملكة وكبار المسؤولين القضائيين و الأمنيين و السلطة المحلية وفي إطار افتتاح السنة القضائية لسنة 2025، ألقى السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء كلمة مهمة أمام نخبة من المسؤولين القضائيين وممثلي الهيئات القانونية. جاءت الكلمة لتعكس رؤية متكاملة لتطوير قطاع العدالة، مركزة على الإنجازات، التحديات، وأفق التطوير. هذا المقال يحلل مضامين الكلمة وأبعادها في سياق تعزيز دولة القانون وتكريس قيم العدل والمساواة.

استهل الرئيس الأول كلمته بالتذكير بالمبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام القضائي، مستحضراً القيم الأخلاقية والروحية التي تضمن نزاهة العدالة وفعاليتها. جاء هذا التقديم ليؤطر الكلمة ضمن رؤية شمولية تربط بين الأداء القضائي والمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات القانونية.

حيث أبرز الرئيس الأول التقدم الملموس الذي حققته المحاكم خلال السنة القضائية الماضية. شهدت معدلات إنجاز القضايا تحسنًا ملحوظًا، ما يعكس الجهود المبذولة لتحسين كفاءة النظام القضائي. تم الإشارة إلى مجموعة من الإحصائيات التي تؤكد هذا التقدم، منها زيادة عدد القضايا المعالجة مقارنة بالسنوات السابقة، وتطوير جودة الأحكام القضائية التي باتت أكثر استجابة لتطلعات المتقاضين.

هذه المؤشرات ليست مجرد أرقام، بل تحمل دلالات عميقة. فهي تعكس فعالية الإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها السلطة القضائية، بدءًا من تعزيز التكوين المهني وصولًا إلى تحسين ظروف العمل داخل المحاكم.

لم تغفل الكلمة التحديات التي تواجه منظومة العدالة، حيث تطرق الرئيس الأول إلى النقاط التي تتطلب مزيدًا من الجهد والعمل. على رأس هذه التحديات، تأتي مسألة التكوين المستمر، التي تعد حجر الزاوية في صقل مهارات القضاة والموظفين القضائيين. وأكد الرئيس الأول على أن التحولات الاجتماعية والتكنولوجية تفرض على السلطة القضائية مواكبة هذه التطورات لضمان تحقيق عدالة تتسم بالفعالية والشفافية.

إلى جانب التكوين، شدد الرئيس الأول على أهمية تحسين البنية التحتية للمحاكم، سواء من حيث توفير الموارد البشرية أو تحديث التجهيزات. فبيئة العمل تلعب دورًا جوهريًا في رفع كفاءة الأداء، وهي شرط أساسي لتحقيق عدالة ناجعة وسريعة.

من أبرز النقاط التي ركز عليها الرئيس الأول في كلمته، الحاجة الملحة لتسريع وتيرة التحول الرقمي في المحاكم. التحول الرقمي لا يعني فقط استخدام التكنولوجيا، بل يعني تغييرًا جذريًا في كيفية تقديم الخدمات القضائية. الهدف هو تسهيل وصول المواطنين إلى العدالة، وتوفير الوقت والجهد، وضمان مزيد من الشفافية في الإجراءات.

وفي هذا السياق، أشار الرئيس الأول إلى أهمية اعتماد أنظمة إلكترونية متطورة لتسجيل القضايا وإدارتها، إلى جانب تعزيز أمن المعلومات لحماية حقوق المتقاضين. كما دعا إلى التعاون بين مختلف المؤسسات لتحقيق هذه الرؤية، مؤكدًا أن الإصلاح القضائي مسؤولية مشتركة.

تحمل كلمة الرئيس الأول أبعادًا متعددة، فهي ليست مجرد خطاب بروتوكولي، بل إعلان عن خارطة طريق لمستقبل القضاء في المغرب. الكلمة تجسد وعيًا عميقًا بالدور المحوري للعدالة في تحقيق التنمية المستدامة وترسيخ دولة القانون.

ما يميز هذه الكلمة هو توازنها بين الإشادة بالإنجازات وتقديم قراءة واقعية للتحديات. فبدلاً من الاكتفاء بالترويج لما تم تحقيقه، حرص الرئيس الأول على إبراز النقاط التي تتطلب تدخلًا وإصلاحًا، مما يعكس شفافية وتوجهًا نحو تحسين مستمر.

تُعد كلمة الرئيس الأول بمثابة دعوة لجميع العاملين في الحقل القضائي لمواصلة العمل بروح الفريق، مع الالتزام برؤية مستقبلية تهدف إلى تحقيق عدالة تتسم بالكفاءة والنزاهة. الكلمة كانت رسالة واضحة بأن الإصلاح القضائي ليس خيارًا، بل ضرورة ملحة في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها المجتمع المغربي والعالم بأسره.

يبقى التحدي الأكبر في كيفية ترجمة هذه الرؤية إلى خطوات عملية ملموسة، تساهم في بناء نظام قضائي عادل وفعال يعزز ثقة المواطنين في المؤسسات القضائية، ويضمن استقرار المجتمع وتطوره.

اقرأ أيضاً: