الرئيسية آراء وأقلام ما لم يفهمه (النظام الجزائري) في خطاب العرش الأخير

ما لم يفهمه (النظام الجزائري) في خطاب العرش الأخير

Tebboune Chenriha 780x439 1.jpg
كتبه كتب في 3 أغسطس، 2022 - 5:12 مساءً

بقلم: عبد السلام اسريفي/رئيس التحرير

وجه صاحب الجلالة محمد السادس في خطاب العرش ليوم 30 يوليوز الأخير،رسالة واضحة للنظام الجزائري،يدعوه فيها الى فتح صفحة جديدة، مبرزا ، أن الحدود، التي تفرق بين الشعبين الشقيقين، المغربي والجزائري، لن تكون أبدا، حدودا تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما.

مستطردا ” بل نريدها أن تكون جسورا، تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر، وأن تعطي المثال للشعوب المغاربية الأخرى“، مضيفا في ذات الخطاب “إن ما يقال عن العلاقات المغربية الجزائرية، غير معقول ويحز في النفس. ونحن لم ولن نسمح لأي أحد، بالإساءة إلى أشقائنا وجيراننا”.

والمغرب بدعوته للجزائر لفتح صفحات جديدة، للتعاون الاقتصادي والامني والسياسي،إنما كان الغرض منه هو تحقيق الرفاهية والأمن للشعبين الشقيقين،لأنه يعلم،ان المنطقة مقبلة على تحولات جيوسياسية كبيرة،ويريد أن يدخلها بجانب جارته الشرقية،التي ستبقى معزولة عن محيطها العربي،مباشرة بعد انتهاء الحرب الاوكرانية وتراجع أثمان المحروقات في السوق الدولية.

فالنظام الجزائري، وبتوصية من الأجهزة العسكرية والاستخبارية،تعمد عدم الرد المباشر على دعوة جلالة الملك،لأنه يعلم أولا أنه لا يملك الاجابة الكافية لتبرير هذه القطيعة وهذا العداء للمغرب،ثانيا،أن الجهاز العسكري،الذي يقف مباشرة وراء هذه الازمة،لا يريد أن ينكشف أمره،وبالتالي سيضطر للاجابة على الكثير من الأسئلة ،الخاصة بالدعم المباشر للبوليساريو ،رغم أن الرئاسة تدعي دائما أنها غير معنية بهذا الصراع.

فالتجأ النظام الجزائري كعادته الى أسلوب التخفي وراء أسماء مجهولة، للرد على دعوة جلالة الملك، بهدف استصغار الحدث وعدم اعارته أي اهتمام بقول العميل المتخفي، لا يمكن الرد على “لا حدث”. وهذا يؤكد شيء واحد،هو غياب الدولة بالجزائر،لأنه لا يعقل أن يختبئ رئيس دولة وراء أسماء مستعارة للرد على دعوة رئيس دولة أخرى،هذا الفراغ السياسي، نابع من فراغ مؤسساتي، تحكمه تعليمات من العسكر والمخابرات الجزائرية،التي انكشفت للعالم،وبات القربب والبعيد،يعلم أن النظام الجزائري هو الداعم الرسمي للبوليساريو وهو الذي يفتعل الازمات لزعزعة استقرار المنطقة بدعم ايراني،وبالتالي الظهور كنظام قوي،له نفوذ ويمتلك كل الامكانيات لرسم معالم مغرب عربي جديد،ربما على المقاس.

لكن،والذي لم يستوعبه هذا النظام المتعدد الرؤوس،هو ان المغرب حقق انتصار أخلاقي أولا بمده ليده للتعاون والشراكات، ثانيا، ان الدول العربية والاوربية بشكل خاص،تاكدت اليوم،أن الجزائر دولة غير موثوق فيها،وأن لها أطماع بالمنطقة،بعيون روسية وخبث ايراني،لذلك،نتوقع معاملة مختلفة مستقبلا، وخريطة تحالف جديدة،تكون فيها الجزائر في التماس، وبالتالي، ستكون مضطرة للرجوع للمغرب،الذي اكيد لن يعود للوراء،وسيمضي في طريقه نحو نظام جديد بالمنطقة،تحكمه المصالح وتحميه الاتفاقيات الأمنية الاستخباراتية برعاية أمريكية وحضور اوربي ثقيل.

واعتبر الاعلام العالمي،ان دعوة المغرب للصلح والتعاون مع الجزائر، حققت أهدافها كاملة،فلن يجرأ مستقبلا أحد على لوم المغرب في علاقته مع الجزائر،بعدما تأكدت كل الدول ،ان النظام بهذه الدولة لا زال يبحث عن نفسه،وليست له رأس واحدة،ولا حتى مؤسسات تجتمع للرد على دعوة رسمية من دولة جارة،وهذا يترجم التراجع الخطير في مستوى عيش السكان،وتدهور الاقتصاد ،رغم أن الدولة من اكبر مصدري الغاز والبترول،حيث نبهت بعض الصحف البريطانية النظام الجزائري من خطورة مثل هذه المواقف ،التي تدل على واقع “اللادولة”،المؤدي الى التوتر والثورات.

فكان لزاما على الجزائر،أن تلتقط ما بين سطور الخطاب الملكي،وتع ان المغرب بدعوته هاته، لا هو يتودد ولا هو خائف ،بل يقوم بما يمليه عليه التاريخ والجغرافيا والدين،فلم يريد،أن يعبر للقرن المقبل دون الجزائر، خصوصا ،ان المنطقة مقبلة على تكتلات جديدة لدول قوية،أكيد سترسم نظام جديد بالمنطقة، يحميها من الطمع الروسي والخبث الايراني،لكن،وللاسف, النظام الجزائري،فضل الاختباء،والاحتماء بأسماء مجهولة ،تقوم بمقام دولة معلومة,مؤسسا عرف جديد،بدولة على حافة الانهيار، فلن يبقى هناك لا قنوات الغاز مع الاتحاد الاوربي ولا نيجيريا،حيث سيحل محلها التكتل الجديد، الذي سيعتمد على الانبوب الجديد نيجيريا المغرب،ثم أوربا عبر اسبانيا وايطاليا،وستجد حينها الحزائر نفسها في عزلة مع اهتمام مغلف بالمصالح من ايطاليا وتونس.

مشاركة