الرئيسية آراء وأقلام ما الذي تغيّر يا الدراجي… أم ما الذي انكشف؟

ما الذي تغيّر يا الدراجي… أم ما الذي انكشف؟

39c2e5a906d237663a99cf8f6f5ca0c8
كتبه كتب في 19 نوفمبر، 2025 - 10:35 صباحًا

بقلم: عبد السلام اسريفي

في تدوينة بدت وكأنها تكليف أكثر منها رأياً، خرج المعلّق الرياضي حفيظ الدراجي ليعلن أن الجزائر “لن تكون فلسطينية أكثر من الفلسطينيين”، مبرّراً تصويت بلاده لصالح قرار مجلس الأمن القاضي بنزع أسلحة حماس. تدوينة حاولت—بأسلوب مرتبك—منح غطاء شعبي لقرار سياسي كان وقعه ثقيلاً على أنصار القضية الفلسطينية.

لكن الحقيقة أن ما حدث لم يكن تغيراً طارئاً، بل انكشافاً كاملاً لخطاب طالما تاجر بالقضية الفلسطينية في كل المحافل. فالتصويت بـ”نعم”، إلى جانب 12 دولة غربية، لم يكن مجرد خطوة دبلوماسية، بل انهياراً صريحاً لشعار “ظالمة أو مظلومة” الذي كانت الجزائر تردده لعقود.

لقد جاء الامتناع الروسي والصيني عن التصويت ليؤكد حجم التناقض بين الخطاب الجزائري والممارسة الفعلية داخل مجلس الأمن. بينما الدول التي تدّعي الجزائر أنها حليفة لمقاربتها، رفضت إعطاء أي شرعية لقرار يُنظر إليه فلسطينياً على أنه تمهيد لفرض وصاية دولية على غزة.

أما الجزائر، فقد اختارت الطريق الأسهل: السير في الركب الأمريكي – الأوروبي، والتخلّي عن الشعارات التي رفعتها سنوات. وهذا ما وصفه الفلسطينيون أنفسهم بأنه طعنة في أول اختبار داخل المجلس.

محاولة الدراجي تبرير الموقف لم تفعل سوى تعميق الفجوة. فخطابه لم يكن سوى نسخة مكررة من التبريرات الرسمية، وهو ما جعل الكثيرين يرون في تدوينته امتداداً لصوت السلطة لا صوتاً “حراً” كما يقدمه لنفسه.

لقد سقط القناع.
فالجزائر، التي كانت تقدّم نفسها كحاضنة للمقاومة، ظهرت كدولة عاجزة عن حماية حتى ما تبقى من خطابها السياسي. دولة رضخت تحت أول ضغط، وتخلت عن القضية التي ظلت ترفعها لتجميل صورتها الخارجية.

باختصار:
لم يتغيّر الدراجي… بل تغيّرت الجزائر.
وتدوينته لم تكن سوى إعلان رسمي بأن شعار “فلسطين أولاً” انتهى عند أول باب يُطرق من واشنطن.

1000387591
مشاركة