لماذا يقاطعون…؟

نشر في: آخر تحديث:

في ظل مقاطعة الالاف من المغاربة لبعض المنتوجات الاستهلاكية،ظهرت بعض ردود الفعل من هذا الطرف أو ذاك،فهناك من قال بأن الحملة مسخرة لأغراض معينة، من ورائها أيادي تريد الإضرار بالاقتصاد الوطني وتكسير عود الشركات المعنية، فين حين ذهب آخرون للقول أن المسألة مسيسة بشكل كبير، وأن هناك أطراف تقف وراء هذه العملية،غايتها هي تدمير بعض الأحزاب التي قالوا عنها أنها اكتسحت كل أقاليم المملكة.

فين حين، يقول شباب على مواقع التواصل الاجتماعي أن الأمر لا علاقة له بجهة معينة،المغاربة ليسوا أغبياء ليتم تسخيرهم من جهات أخرى، فالغلاء وارتفاع أثمنة بعض المنتوجات الاستهلاكية هو سبب هذه المقاطعة.

“صوت العدالة” اختارت مجموعة من المقاطعين بشكل عشوائي وسألتهم عن سبب مقاطعتهم لهذه المنتوجات الاستهلاكية فكانت أجوبتهم متباينة ومتباعدة الى حد ما. فهذا (م.ع) متزوج وأب لطفلين،يعمل في قطاع النسيج قال “ أقاطع هذه المنتوجات، بحالي بحال كاع المغاربة، تشوينا بالغلا،خص شي حل، الحليب غالي والما غالي والمازوط طلع طلعة صاروخية، أنا معندي سيارة، لكن أتضامن مع الشعب، اللي كيهمني أنا هو أن كل الشركات تراجع أسعارها، وتقا الله في هذا الشعب”.

وأضاف (س.ب) متقاعد” المشكل ليس في المقاطعة، ها حنا قاطعنا هادشي، ولكن واش غادي يحسو بنا وينقصو من الما والحليب والمازوط، أنا فلوس التقاعد مكتخلص لي حتى كريدي الحانوت،خصهم يراعيو لينا حنا المغاربة الضعاف”.

كما سألنا امرأة تبيع بعض الخضروات في سوق أسبوعي حول الموضوع فقالت ” مافهمتكش أولدي علاش كتهدر”،فأوضحت  لها الأمر ، ابتسمت وقالت ” سمعت ولادي كيهدرو على نقطعوا مع الحليب والما والمازوط، أنا غي مرا ما فهما والو، كنبيع داكشي اللي كتعطيني الأرض، ولكن، الله يهديهم على الدرويش”.

وفي إحدى مقاهي مدينة سلا، سألنا مواطن حول الموضوع،فتردد قبل أن يجيبنا ” ماذا عسايا أن أقول لكم حول الموضوع، فالمقاطعة كظاهرة يمكن أن ندرجها في خانة وسائل الاحتجاج المشروعة ما دامت تتعلق بتحسين شروط عيش المواطن،لكن رغم ما قيل حولها ، كونها مسيسة أو مدبرة، تبقى وسيلة ضغط مشروعة، ما دام الهدف منها هو المطالبة بمراجعة أسعار بعض المواد الاستهلاكية. بدوري أعلنت عن مقاطعتي ولي أسبابي كباقي المغاربة،أنا موظف،واقتناء هذه المواد وأخرى يوميا بهذه الأسعار حقيقة أمر مكلف ويرهق ميزانيتي، حتى أني أضطر للاستدانة بعض المرات لتغطية تكاليف العيش، المهم، على الشركات المعنية مراجعة أسعارها عوض التصعيد أو الالتجاء للحيل والمناورة، فالمغاربة واعون كل الوعي بما يمكن فعله لتجنب البلاد الانزلاقات، لأنهم يحبون وطنهم ويحبون ملكهم”.

بعد كل هذه الشهادات، يمكن اعتبار التالي: أولا أن المقاطعون ليس لهم نوايا سيئة حيال الشركات المعنية بهذه المقاطعة، فهم يطالبون بمراجعة أسعار المواد المعنية ولا يطالبون بوقف الشركات أو التمرد عليها. ثانيا: الفقر والحاجة يشفع للمقاطعين في بعض الحالات التي تخرج عن المألوف، فماذا ننتظر من مواطن لا يستطيع توفير مبلغ الحليب أو قنينة ماء؟ماذا نقول للمواطن الذي يرى ويتابع فئة محظوظة تعيش في ظروف البذخ والرخاء، وهو لا يملك حتى مبلغ وجبة العشاء؟

فالفقر أحيانا يتحول الى نقمة وسلاح فتاك،لذلك،فالمطالبة بمراجعة أسعار المواد الاستهلاكية مطلب شرعي تضمنه القوانين وأعراف السوق،فجيراننا بالشمال، سواء باسبانيا أو فرنسا،بغض النظر عن مستوى العيش بهذه الدول، فأثمنة المواد التي تستهلك بكثرة جد منخفظة وفي متناول الجميع، وتم تداول مؤخرا  مجموعة من الفيديوهات التي أظهرت مباشرة أثمنة بعض المواد من داخل أسواق نموذجية بإسبانيا وفرنسا وحتى من ايطاليا.

بدورنا نسأل: أليس من حق المواطن أن يطالب بمراجعة الأثمنة؟ ما العيب في أن يقوم المواطنون بإثارة انتباه المسؤولين لغلاء بعض المواد حتى بسلاح المقاطعة؟ ماذا تخسر الحكومة إذا  تفاعلت مع مطالب الشعب، وتستدعي الشركات المعنية وتبحث عن حل للموضوع ؟لماذا تصمت الحكومة في الوقت الذي يصرخ الشعب وتمتد الظاهرة؟ أليس من المنطقي أن يعقد المجلس الحكومي اجتماعا طارئا لدراسة الموضوع والبحث عن مخارج للأزمة؟ من الخاسر ومن الرابح في لي الأذرع الآن؟ هل الشعب؟ أم الشركات؟

على كل،المغاربة يعبرون بوسيلة ، ربما تعتبرها جهات ما غير مقبولة ،ولكتها في حقيقة الأمر، الوحيدة للتعبير عن سخطهم على غلاء  بعض المواد الاستهلاكية،والحكومة باعتبارها تنفذ السياسة العامة للبلاد، وتشرف على تدبيرها، عليها الخروج من قفصها، وتطرد الغبار من على ظهرها،وتبحث عن الحلول المعقولة، التي يمكن أن ترضي الجميع، تجنبا لاستفحال الظاهرة،وامتدادها لتشمل مواد أخرى.

فلا يعقل أن يستمر الوضع على ما هو عليه،المغرب مقبل على محطات مهمة في تاريخه، على الكل أن يساهم ، كل من جانبه في إنجاحها وإعطاء الصورة الحسنة للمواطن الايجابي المنتج، الغيور على وطنه.لذلك،الدولة في شخص الحكومة، عليها أن تقوم بدورها كما نص عليه الدستور، وتسعى بكل وسائلها القانونية والمالية لإسعاد المواطن، من خلال توفير شروط العيش الكريم والمساواة والعدالة،التي تبقى حق من حقوقه الكونية التي نصت عليها كل الدساتر في العالم أجمع.

اقرأ أيضاً: