دخلت حملة المقاطعة أسبوعها الثالث، وكبدت الشركات المعنية خسائر لا يمكن إنكارها، حتى البعض منها لجأ لمجموعة من الاجراءات إما لسحب البساط من تحت أقدام المقاطعين أو لتجنب المزيد من الخسائر.
ومن بين الاجراءات التي قامت بها شركة “سانطرال” هي تحفيز المستهلكين على شراء منتوجاتها من الحليب،ومطالبة المقاطعين بصلح خلال شهر رمضان، كما أن شركة سيدي علي أعلنت عن فتح أبوابها للزوار للوقوف عن قرب على كيفية الاشتغال وزيارة آبارها.
لكن، الذي يعلق عليه المقاطعون هو أن الحملة لم تستهدف الشركات وإنما استهدفت العلامات التجارية بعينيها، والهدف حسب العديد من التدوينات هو المطالبة تبخفيظ الثمن ومراجعة الجودىة.فلا يعقل أن تقدم عروض خاصة بشهر رمضان لتعود الى وضعها العادي خلال ما تبقى من شهور السنة، وهذا ما جعل البعض يعتقد أن هذا الفعل يهدف الى التخلص من المخزون الذي تراكم بسبب المقاطعة.
على كل،فالذي يمكن التفكير فيه وبجدية، هو تأسيس لقاعدة محاسباتية ثابتة طويلة الأمد، تراعي مصالح المنتج والموزع كما تراعي الوضعية الاجتماعية للمواطن المستهلك،وهذا دور الحكومة باعتبارها الساهرة على تدبير الشأن العام الوطني،من خلال مؤسساتها ذات الصلة مع السوق والمنافسة. فلا يعقل أن تبقى السوق مفتوحة حرة ولا تراعي شروط المنافسة الشريفة، لأنه بسبب غياب المراقبة، يمكن بروز ظواهر شاذة داخل دائرة الانتاج أنفسها،فتحرير السوق لا يعني تمكين هذا اللوبي من آلية قانونية لقتل القدرة الشرائية للمواطن البسيط.
فالمقاطعة تستهدف الغلاء وليس المؤسسات كما يتم الترويج له،والحكومة من مسؤوليتها تدبير هذا الملف تدبيرا مسؤولا بحضور كل الشركاء،لأن استمرار الوضع على ما هو عليه، والاكتفاء ببلاغات من هنا وهناك، سيزيد في تشنج الأوضاع وانتشار الفوضى داخل الاسواق، لدرجة سيصعب على الدولة ضبط دخول المواد الآتية من الجارة اسبانيا، خاصة مادة الحليب ومشتقاته.
فليس بدفن الرؤوس في التراب سيمكن تجاوز هذه الأزمة، بل على الحكومة التحلي بالجرأة السياسية الكافية لمواجهة هذا الأمر،واتخاذ كل الاجراءات القانونية والموضوعية لمواجهة آثار المقاطعة،خاصة ونحن في شهر يكثر فيه استهلاك كل المواد خاصة الحليب والخضر والأسماك،فالمراقبة والتتبع وخلق لجن وظيفية كفيلة بخلق نوع من التوازن داخل الاسواق وبالتالي الجلوس مع هذه الشركات وأخرى لضبط التسعيرة وفق قانون العرض والطلب،وتفعيل الشروط التي سبق وأن التزمت بها كل الشركات المنتجةأو الموزعة داخل التراب الوطني.