الرئيسية أخبار وطنية لقاء الملك وماكرون: اعتراف تاريخي واتفاقيات كبرى تعيد تشكيل العلاقات المغربية الفرنسية

لقاء الملك وماكرون: اعتراف تاريخي واتفاقيات كبرى تعيد تشكيل العلاقات المغربية الفرنسية

IMG 2690
كتبه كتب في 29 أكتوبر، 2024 - 11:35 صباحًا

صوت العدالة: محمد زريوح

في خطوة بارزة تحمل الكثير من الدلالات السياسية والاستراتيجية، استقبل الملك محمد السادس، رغم حالته الصحية، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارة دولة تعد الأولى من نوعها منذ فترة من الجمود السياسي بين المغرب وفرنسا. هذه الزيارة تأتي بعد توتر دام لعدة سنوات، وشاب العلاقات بين الرباط وباريس نوع من البرود على خلفية ملفات سياسية ودبلوماسية حساسة، إلا أن هذا اللقاء يعكس تحولاً كبيراً في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين. المملكة المغربية بزعامة ملكها تدرك أهمية هذه الزيارة التي تعد مؤشراً على التزام البلدين بإعادة بناء الجسور وتعزيز الروابط المشتركة.

زيارة ماكرون للمغرب ليست مجرد لقاء بروتوكولي، بل تحمل رؤية استراتيجية جديدة تعكس عزم المغرب وفرنسا على فتح صفحة جديدة من التعاون المتين. وبعيداً عن الشعارات والخطابات الرنانة، اعتمد البلدان أسلوباً يتسم بالحكمة والتفاهم التدريجي، مما جعل العلاقة تتحول إلى مسار إيجابي يعكس قوة الإرادة السياسية لدى الطرفين. أحد أبرز الدلائل على هذا التحول كان الاعتراف الفرنسي الرسمي بمغربية الصحراء، الذي شكل دفعة قوية للعلاقات، كما أظهر موقف فرنسا الداعم للموقف المغربي. هذه الخطوة ليست بالهينة، بل تعكس تقدير باريس لعمق الروابط التاريخية والثقافية مع المغرب، وتأكيدها على احترام سيادته ووحدته الترابية.

لم تكن هذه الزيارة مجرد بروتوكول عابر، بل شهدت توقيع 22 اتفاقية استراتيجية كبرى بين البلدين، شملت مجالات عديدة كالطاقة المتجددة، والتعليم العالي، والأمن، والتجارة، والاستثمار، مما يعزز مكانة المغرب كحليف استراتيجي لفرنسا في المنطقة. هذه الاتفاقيات تساهم في تعزيز التنمية المستدامة بالمغرب وتدعم الاقتصاد الوطني من خلال فتح آفاق جديدة للتعاون مع الشركات الفرنسية، وإيجاد فرص عمل وتنمية شراكات تخدم مصالح البلدين. هذا التوجه نحو الاقتصاد يعكس مقولة العالم السياسي “ريمي لوفو” الشهيرة، والتي تتردد في أوساط شعبة العلوم السياسية والقانون الدستوري: “كل ما هو سياسي… يعالج بما هو اقتصادي”، حيث إن المصالح الاقتصادية تلعب دوراً رئيسياً في تعزيز الاستقرار وتجاوز الخلافات السياسية، وهو ما جسده المغرب وفرنسا من خلال هذه الخطوة المهمة.

الملك محمد السادس، رغم ظروفه الصحية، برهن مرة أخرى عن التزامه العميق بتعزيز الشراكات الدولية وتحقيق الاستقرار للبلاد. استقبال الملك لماكرون، وسط احترام وتقدير كبيرين، يعكس المكانة الكبيرة التي يوليها للعلاقات الدبلوماسية المبنية على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر. الملك يظهر في هذه اللحظات كرجل دولة يتمتع ببصيرة ووعي كبيرين، حيث يضع المصالح الوطنية والاستراتيجية فوق كل اعتبار، ما يشير إلى حرصه على دفع عجلة التنمية المستدامة وفتح آفاق جديدة أمام المغرب على الساحة الدولية.

إن هذه الزيارة تشكل بداية مرحلة جديدة في العلاقات المغربية الفرنسية، مرحلة مبنية على أسس قوية من الشراكة الاستراتيجية والتعاون المتبادل. المغرب، بفضل قيادة الملك محمد السادس، يواصل المضي قدماً نحو تحقيق الأهداف الوطنية وتثبيت مكانته كقوة اقتصادية صاعدة. ومع تزايد التعاون بين البلدين، يأمل المغاربة أن تسهم هذه الاتفاقيات في تحسين مستوى المعيشة، وتوفير فرص عمل جديدة، ودعم الاستثمارات في قطاعات حيوية تخدم تطلعات الأجيال القادمة.

نرفع أطيب الدعوات بالشفاء العاجل لملك البلاد الذي أثبت، في كل مناسبة، عمق ارتباطه بشعبه وحرصه على تحقيق طموحاتهم ورفاهيتهم. المغرب، بقيادة محمد السادس، يواصل رحلته نحو المستقبل بفضل رؤية حكيمة وشجاعة، حيث يقف في مقدمة الدول التي تضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار.

مشاركة