الرئيسية آراء وأقلام لا نريد أن نشعر بالإهانة بعد الآن يا مولاي

لا نريد أن نشعر بالإهانة بعد الآن يا مولاي

929313E8 6149 4BBF 8459 BD4D1F1C8EA9
كتبه كتب في 4 سبتمبر، 2023 - 3:08 صباحًا

أحمد اشرف مجدول

مولاي، نُعزّيكم بداية في الشباب المغربي الذي قتلتْه اليد الجزائرية الآثمة قريبا من شاطئ السعيدية. ونحن لا نُعزيكم في فرد أو في فردين، بل في كل المغاربة الذين شعروا بأن تلك الرصاصات التي أصابتْ أخويْهم إنما أصابتهم جميعا، واستقرت في قلوبهم جميعا.
الجزائريون يقتلوننا بدم بارد يا مولاي، ولا يتوقفون عن إيذائنا صباح مساء، ولا يلتفتون أبدا إلى اليد البيضاء الممدودة منكم إليهم. نحن لا نقصد بالجزائريين شعبَ الجزائر، ولا مثقفيه الرافضين لديكتاتورية العسكر، بل نقصد الطغمة الحاكمة التي تسمونها أنتم “القيادة”، والتي خاطبتموها دائما بكل النبل الممكن، وجددتم مرارا نداءكم إليها بفتح صفحة جديدة، وقلتم لها في خطابكم الأخير:
“إن المغرب لن يكون أبدا مصدر أيّ شر أو سوء، وكذا الأهمية البالغة التي نوليها لروابط المحبة والصداقة والتبادل والتواصل بين شعبينا، ونسأل الله تعالى أن تعود الأمور إلى طبيعتها، ويتم فـتح الحدود بين بلدينا وشعبينا الجارين الشقيقين”.
هذه الطغمة العسكرية، هؤلاء الحاكمون في الجزائر يا مولاي ـ وأنتم الأدرى ـ لا ينظرون إلى المستقبل كما تنظرون، ولا يرون بعين الحكمة الواقع كما ترون، ولا يملكون فيضا من الإنسانية كما تملكونه أنتم… ولهذا نرى أنهم لم يعودوا يستحقون أن توجّهوا إليهم أي نداء بالمصالحة، أو تتحدثوا معهم بلغة رقيقة فيها من الحبّ والتواضع ما فيها، بل نرى ـ وأنتم الأعلم منا ـ بأنهم يستحقّون أن تترفّعوا عنهم، أن تتجاهلوهم، وأن تتعاملوا معهم بما يستحقونه من احتقار، كي يفهموا بأن العزة أصلها مغربي، والكرامة أصلها مغربي، والكبرياء أصله مغربي، وبأن المغاربة إذا غضبوا أدّبوا من أغضبهم… تماما كما كان يفعل والدكم المنعم قدس الله روحه.
أنت تعلمُون يا مولاي جيدا بأن من يحكمون الجزائر لا يمثلون شعب الجزائر، وإذا ما كانت هناك جهة يجب أن تمتد يدكم إليها، فالجهة هي الشعب المحكوم بالحديد والنار في الجمهورية المسماة بالجزائر… يجب أن يشعر هذا الشعب بأن المغرب قيادة وشعبا يدعمه في حلمه بالتخلص من فلول البومدينية، وفي معركته من أجل الحرية والتنمية والديموقراطية.
نعرف بأنكم تعهدتم بألا يأتي الشر من المغرب، لكن من قال إن الدفاع عن حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره شر؟ بل هو الخير كله؛ خير للشعب الجزائري، وخير للشعب المغربي، ولشعوب المغرب الكبير، إن لم أقل لكل شعوب العالم. فالعالم كله يكره هذا النوع من الأنظمة التي تحكم بمنطق العصابة، والجزائريون أنفسهم هم من سموا من يحكمونهم بالعصابة.
نعتذر يا مولاي إن لم نستجب من الآن لندائكم بمد أيدينا إلى قيادة الجزائر، فنحن لن نمد أيدينا إلى القتلة. أليسوا هم من قتلوا أكثر من مئة ألف مواطن جزائري؟ لقد قتلوا الجزائريين بدم بارد حفاظا على مناصبهم في الحكم خلال العشرية السوداء، فما الذي سيردعهم كي لا يقتلوا آلاف المغاربة حفاظا على العداء الذي زرعوه لأكثر من أربعين سنة بين الشعبين الشقيقين؟
إنهم بهذا العداء يعيشون، وباسم هذا العداء يحكمون شعبهم ويقمعونه.
أرجوكم يا مولاي، لا تضعوا أنفسكم في مقام واحد مع شخص يدعى تبون، حتى وإن كان هو رأس الدولة الجزائرية، فأنتم تعلمون جيدا بأنكم ملك، بهيبة الملوك، وعراقة الملوك… وهو رجل بائس يثير سخرية الجزائريين بغبائه وكذبه وجهله وتفاهته.
لن نكذب عليكم، مجرد حديثكم مع تبون أو عنه كرجل دولة يجعلنا نشعر بالإهانة.
ونحن لا نريد أن نشعر بالإهانة بعد الآن

مشاركة