الرئيسية أحداث المجتمع لاجديد في إصلاح القطاع الصحي … الوزير الحالي يكرس نفس الوضع المتأزم

لاجديد في إصلاح القطاع الصحي … الوزير الحالي يكرس نفس الوضع المتأزم

images 1 1.jpg
كتبه كتب في 25 مايو، 2018 - 10:34 مساءً

 

– عبد الجليل الجعداوي

 

ان المتتبع لعمل المنظومة الصحية و تقييمه العام للسياسة المنتهجة لوزارة الصحة منذ 2011 الى الان لابد ان يكتشف حجم التراجعات المهولة في قطاع الصحة كقطاع حيوي يعد من بين الركائز الأساسية في مؤشر التنمية ، والفوضى التي يتخبط فيها بسبب السياسات الارتجالية ، والقرارت الخاطئة ، وسوء تدبير الميزانية المعتمدة المخصص لعمل المستشفيات العمومية والمراكز الصحية ، والتي تهدر في إصلاحات تافهة لا علاقة لها بالأهداف الرئيسية المتمثلة في علاج الفرد ، وما يتطلبه ذلك من توفير الوسائل اللوجيستيكية والمادية لتيسير عمل الأطر الطبية ,
وسواء في عهد الوزير السابق او الحالي نجد ان المنظومة الصحية تأثرت بشكل مباشر بالسياسات الخاطئة والقرارت غير الملائمة ، التي أدت إلى إفراغ المستشفيات العمومية من محتواها العلمي والطبي ، لتحولها الى مجرد بنايات جوفاء غير قادرة على الاستجابة للضغط المتزايد من طالبي العلاج ، لأنها تفتقر إلى ابسط الوسائل للتدخل في الحالات المستعجلة مع الغياب التام لأدوية ضرورية,وهذا الوضع مازال مستمرا في الوقت الحالي من طرف الوزير الجديد الذي سار على نفس نهج سلفه الحسين الوردي دون اكتراث بصحة المواطن المغربي وحقه في الحياة,

فوزير الصحة الوردي عمل على تطبيق سياسة التوهيم بالإصلاح عبر نهج مقاربة إشعاعية وإعلامية تمجد خطوات محصورة في الزمان والمكان بهدف تغليط الرأي العام مع توظيف وسائل زجرية للموارد البشرية بهدف امتصاص غضبه وتغليطه ، فكراء المروحيات مثلا والضجة الإعلامية التي صاحبتها هي مجرد ترحيل واقع مأزوم من الأرض إلى السماء ،لأنها تستهلك ميزانية ضخمة وتدخلاتها محدودة كما ان جل المستشفيات لا تخصص حيزا لهبوطها المباشر مما يستدعي الاستعانة بسيارة الإسعاف لإيصال المريض إلى وجهته ، هذه الوجهة هي المستشفيات العمومية التي تفتقر إلى اغلب التجهيزات ،وان كانت المروحيات ضرورية فهي مجرد آلة مساعدة لا يجب أن يتجلى هدفها الرئيسي في تلميع صورة وزير وإخفاء سياسته الخاطئة التي جنت على المغاربة قاطبة وحولتهم الى مجرد سلع يتداولها القطاع الخاص لمضاعفة الأرباح ومراكمة الثروة من المآسي الاجتماعية.

ان القرارات الارتجالية غير الواضحة الاهداف للحكومة السابقة والحالية تتجلى في :
سن نظام المساعدة الاجتماعية “راميد “،دون توفير ادني الشروط لإنجاح العملية وتوفير الوسائل اللوجيستيكية والمادية والأطر البشرية اللازمة للاستجابة للطلبات المتزايدة ، مما ساهم في خلق جو من التوتر والاحتقان بين المرضى والأطباء وساهم في تعميم اليأس والإحباط واجهته الوزارة بسياسة ردعية للأطر الطبية دون الاستجابة لحجم الخصاص المهول الذي يتجلى في غرف للعمليات قديمة ومهترئة ، غياب وسائل وأدوات العمل ، انعدام الادوية ، عدم حماية الأطر الطبية وغياب اي سياسة تحفيزية … عدم وجود اطباء مداومين باقسام المستعجلات وفق ماتتطلبه الحالات التي تستدعي التدخل العاجل وكذلك عدم تشغيل الاجهزة من سكانير وفحص بالصدى ومختبر تحليل الدم وتجهيز غرفة عمليات حقيقية وملائمة لاجراء العمليات الجراحية، وكذلك اطباء المداومة الخاصين بالاطفال والنساء الحوامل …وكخطوة استفزازية اقدمت الوزارة على اعطاء اهمية إصلاح مكاتب الفوترة وأعطت أولوية لصباغة وتزويق البنايات وأهدرت أموالا طائلة في إصلاحات لا علاقة لها بالوظيفة الرئيسية وهي توفير الوسائل اللازمة لعلاج المواطن.
– موضة ارسال لجان تفتيش ، هذه اللجان التي تزور المستشفيات وتطلع على خروقات في التدبير والتسييردون اتخاذ القرارات الزجرية ، وهذا ما يطرح اكثر من تساؤل حول الجدوى منها ان كانت تتستر على المفسدين ؟؟

– شيطنة الأطباء : وهي من البدع الجديدة التي ابتدعها الوزير الوردي لدق أخر مسمار في نعش القطاع العمومي وهي مازالت مستمرة في يومنا هذا ، هدفها خلق الفتنة بين المريض والطبيب ، وتطبيق سياسة ردعية لدغدغة العواطف ، مبنية على خلق الأسباب واتخاذ العقاب من طرف الوزير نفسه . فهجوم المريض على الطبيب هو نتيجة طبيعية لغياب الإمكانات وسياسة مفتعلة تحولت الى وسيلة للضغط على الأطر الطبية الكفءة لمغادرة المستشفيات العمومية باتجاه المصحات الخاصة، ولتوفير الأرضية ومناخ العمل ” لمول الشكارة ” الذي جاء به قانون جديد يخوله الاستثمار في أرواح الناس ومجهودات الأطباء على حد سواء ، هذا القانون الذي اثبت فشله في العديد من الدول وخلق انحرافات لا إنسانية تتجلى في تجارة الأعضاء البشرية ، جاء به الوزير الوردي ، واليوم يخلق له كل الظروف المواتية حتى يتحكم “مول الشكارة” في قطاع حيوي لا تسمح الدول الراقية التي تخدم شعبها بتفان وإخلاص في تفويته لمستثمرين لا علاقة لهم بالمهنة .

– أن الميزانية المعتمدة لوزارة الصحة هي مناسبة لو أحسنت الوزارة ترشيدها وتوجيهها للخدمات العلاجية ، لكن رغبتها في ضرب مجانية التطبيب حولت المؤسسات الصحية العمومية الى بنايات فخمة الشكل فارغة المحتوى وعاجزة عن الاستجابة لطلبات العلاج وانقاد الأرواح، لان الشق الأكبر من الميزانية يحول إلى اصلاح البنايات ومحيطها،مع تجاهل تام للخصاص في الوسائل والمعدات والأدوية الكفيلة بعلاج المرضى ، والحوافز وشروط العمل الملائمة للأطباء والممرضين في القطاع العمومي ،ولا يعقل ان تكون المقاربة الزجرية الحقيقية ناجعة وهي لا تستند على اية أسس تجعل الفعل العقابي مبررا .مما يدل على ان هذه المقاربة لها أهداف تدميرية لمصداقية القطاع العمومي وتقوية لشوكة القطاع الخاص .
– توقيف الأطباء ، خطة جديدة لكسب الوقت قد تمكن وزارة الصحة من تنفيذ إستراتيجية القضاء على مجانية العلاج ورفع اليد عن القطاع الصحي العمومي تنفيذا لاملاءات المؤسسات المالية الدولية ورضوخا لرغبات المستثمر ” مول الشكارة ” . فالتوقيف كإجراء زجري أمر
مقبول اذا كانت أهدافه بريئة ، ولا احد يمكن ان يكون ضد القانون ، لكن الوقائع تثبت العكس وفي بعض الأحيان تكون مقدمة للتحلل الطبيب من التزاماته مع وزارة الصحة لضمان تاشرة المرور الى القطاع الخاص في ظل الظروف الموبوءة وشروط العمل المجحفة بالقطاع العمومي. –
– فقدان الثقة في المنظومة الصحية وتعميق الهوة بين الطبيب والمريض ، وهذا هو الهدف الذي عمل عليه الوزير السابق والذي يسعى الوزيرالجديد الى ترسيخه في الحكومة الحالية ، لانه يعزز الثقة بالقطاع الخاص ويمنحه المصداقية المطلقة في القدرة على تقديم خدمات علاجية ناجحة ، اما المستشفيات العمومية فاصبحت مجرد فزاعة للموت ، فعندما يترك مريض في غرفة أجرى عملية للقلب او ما شابه تحت مراقبة وعناية متدربة من الهلال الأحمر او من المدارس الخصوصية عير المعترف بها من الدولة .. وعندما تجد هؤلاء المتدربات هن من يقمن بالأدوار الرئيسية في قسم المستعجلات فاعلم ان وزارة الصحة بإصلاحاتها الوهمية حولت المغاربة الفقراء والمعدومين إلى مجرد فئران للتجارب ؟؟

مشاركة